القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الخميس 28 تشرين الثاني 2024

بريطانيا تعوضنا عن النكبة

بريطانيا تعوضنا عن النكبة

بقلم: خالد معالي

لم ينجح الاحتلال في زرع ثقافة الهزيمة والاستسلام إلا جزئيًّا، حتى بعد مرور 67 عامًا على النكبة؛ لأن الشعوب الحية لا تموت، والحرائر الفلسطينيات لا يتوقفن عن إنجاب الأبطال صناع التحرير، فالحق ينتزع ولا يضيع ما دام وراءه مطالب، وهو ما حصل في جنوب لبنان وفي غزة من طرد للمحتل.

النكبة الفلسطينية في ذكراها الـ(67) تمثل وجعًا لأكثر من 12 مليون فلسطيني، إذ الاحتلال يستنزف شعبًا بأكمله في أرواحه وأملاكه ومصادره الطبيعية وطاقاته، استنزافًا متراكمًا ومتواصلًا دون توقف.

بعد 67 عامًا من مؤامرة الغرب على العرب والفلسطينيين، وفرض وجود الكيان العبري بقوة السلاح؛ فاز "نتنياهو" بعجرفته المعروفة تحت شعار تهويد القدس والضفة الغربية، واستعار الاستيطان على مسمع من المجتمع الدولي المنافق، الذي لا يحترم سوى القوي ولا يعترف بالحقوق والمظلومين، إلا من باب التعاطف وذرف الدموع.

يعلن "نتنياهو" تحت مبدأ القوة الغاشمة بملء الفم قوله: "إنكم أيها الفلسطينيون ستبقون تجترون مآسيكم ما دامت يدنا هي العليا، ولن ينفعكم البكاء ولا العويل ولا الذكريات الأليمة، وسأواصل تهويد القدس وطرد سكانها، وتهويد الضفة الغربية وبناء المزيد من المستوطنات، وسأجدد نكبتكم وأجعلها نكبات متتالية، ما دمتم ضعفاء، وأكثر ما يسعدني انقسامكم، ويطربني سماع كل ما يضعف بيتكم الداخلي من خطب وغيرها".

ما حققه قادة الاحتلال من إنجازات وانتصارات ما هو إلا سحابة صيف سرعان ما تزول؛ بفعل مغايرة وجود كيانه لمنطق الأشياء وطبائع الأمور والسنن الكونية، وأكبر دليل سرعة التحولات في العالم العربي، وقدرة فصيل فلسطيني على تهديد قلب الكيان بكل أريحية وسرعة، دون الالتفات لتهديدات الاحتلال.

لن تفلح محاولات الاحتلال لتزييف التاريخ، إذ تندرج محاولته تغيير أسماء القرى والبلدات والمدن الفلسطينية في الـ(48)، وزرعه المستوطنات في الضفة، وتغيير أسماء الأماكن المقدسة في القدس المحتلة؛ ضمن عملية تزوير ممنهجة للتاريخ.

خُطط لفلسطين أن تبقى في عالم النسيان ضائعة ممحوة عن خريطة العالم الأرضية والسياسية، ولكن ما حصل أن الفلسطينيين بعد 67 عامًا من الاحتلال صارت لهم المقدرة على ضرب كل بقعة من الأراضي المحتلة عام 1948م.

الحكمة ضالة المؤمن، ولنأخذ العبرة من عدونا كيف لا يختلف بشأن ثوابته، مع خلافاته وانقسامه الداخلي بين (سفرديم) و(أشكناز)، فأمنه هو مسلمات لا يجوز المساس بها، ومصلحة كيانه العليا فوق أي مصلحة أخرى، فهل اعتبرنا نحن الفلسطينيين من عدونا في ذكرى نكبتا؟!

ترى هل تحقق لبريطانيا وللغرب عمومًا والاحتلال ما يريدون من تهجير وطرد شعب بأكمله تحت شعار: "الكبار يموتون والصغار يسنون"؟!

صحيح أن الاحتلال قوي بقوته الظالمة، إلا أنه ضعيف بمنطقه وبأخلاقه، ولا يملك قوة فكرية وأخلاقية، وهو سبب رئيس وواضح لقرب نهاية الكيان العبري، وهو قول عدد من مفكري الكيان.

ما يمكن التوصل إليه من فعاليات يوم النكبة في ذكراها هو أن الشعوب الحية صاحبة الحق لا يمكنها أن تنسى أو تغفر لمن شتتها وأجرم بحقها، وبريطانيا أخطأت وأجرمت، وعلى من أخطأ أن يكفر عن خطئه بتعويض اللاجئين.

صاغرة وذليلة ستجبر بريطانيا غدًا بفعل التحولات والتغييرات (الأيام دول) على تعويض دولة فلسطين الحرة الأبية؛ لما تسببت به يداها الآثمتان واقترفته من معاناة شعب بكامله طوال سنوات الاحتلال، وهو أمر ليس بالعسير؛ فألمانيا تعوض اليهود بعد 67 عامًا، "ويقولون متى هو قل عسى أن يكون قريبًا".

المصدر: فلسطين أون لاين