بعد 8 سنوات على انعقاد مؤتمر فيينا، مصير
مجهول لأموال إعادة إعمار مخيم نهر البارد
بقلم: علي هويدي
تداعى المجتمع الدولي بتاريخ 23/6/2008
لعقد مؤتمر خاص في العاصمة النمساوية فيينا لإعادة إعمار مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين
الذي دُمر عن بكرة أبيه، ورُصد لعملية إعادة الإعمار مبلغ 445 مليون دولار تعهدت الدول
المانحة بدفعها لإعادة بناء المخيم وتسهيل عودة حوالي 36 ألف من اللاجئين المهجرين
والتعويض عما خسروه معنوياً ومادياً من متاع وأثاث، بالإضافة إلى مساعدات تُقدم لجوار
المخيم المتضرر، واتخذت وكالة "الأونروا" قراراً أدخلت فيه المخيم في برنامج
الطوارئ وهو ما يستدعي إهتمام خاص يشمل تغطية كافة إحتياجات اللاجئين من الإستشفاء
والتعليم والإغاثة ودفع بدل إيواء بنسبة 100% إلى حين عودة جميع اللاجئين المهجرين.
ما جرى التوافق عليه في مؤتمر فيينا الذي
عقد بعد بدء المعارك في المخيم بتاريخ 20/5/2007، وانتهائها بتاريخ 2/9/2007، وتبعاً
للتحضيرات فقد وُضع حجر الأساس لإعادة الإعمار في 9/3/2009، وتم التعهد بإعادة إعمار
المخيم بالكامل خلال ثلاثة سنوات وعودة المهجرين إليه، تنفيذاً للوعود التي أطلقها
رئيس الحكومة اللبنانية آنذاك فؤاد السنيورة بأن "الخروج مؤقت والإعمار مؤكد والعودة
حتمية"، لتنقلب المعادلة بأن الخروج لم يعد مؤقتاً، والعودة لم تعد حتمية، وأن
الإعمار لم يعد مؤكداً فالمدير العام للأونروا في لبنان ماتياس شيمالي قد صرح أمام
خلية أزمة الأونروا المنبثقة عن القيادة السياسية في لبنان بأن لا أموال لديه لاستكمال
إعادة الإعمار وإن ما في صندوق الوكالة يكفي حتى نهاية العام 2016 ولا وعود بالجديد
حتى الآن، مع العلم بأنه لم يتم بناء سوى حوالي 50% من المخيم. بعد مرور هذه الفترة
الطويلة على البدء بإعادة الإعمار يبرز الى الواجهة السؤال عن مصير الأموال التي رصدت
في مؤتمر فيينا لإعادة الإعمار؟ وإن كان بالفعل قد تغيرت أولويات الدول المانحة نتيجة
المتغيرات التي تشهدها منطقتنا العربية وحتى الأوروبية مع موجات الهجرة المتتالية وحاجات
اللاجئين الضرورية والملحة؟، لكن لو سلمنا جدلاً بأنه بالفعل قد اختلفت الأولويات،
فما تشهده منطقتنا قد مر عليه حوالي خمسة سنوات مع العلم بأنه كان من المفترض أن يتم
الإنتهاء من إعادة الإعمار في منتصف سنة 2011، أما عن الأولويات في دفع الميزانيات
يدفعنا للقول بأن من يمتلك الميزانيات لتصنيع الأسلحة ولتغذية الحروب حتماً يملك المال
لدفعها في إعادة الإعمار ولتوفير العيش الكريم للإنسان الفلسطيني اللاجئ، لكن للأسف
تبقى حسابات الدول ومصالحها فوق كل اعتبار وعندها الغاية تبرر الوسيلة ولو كانت الوسيلة
أحيانا شطب قضية شعب بكامله عن الخريطة الجيوسياسية كما تجري المحاولات مع القضية الفلسطينية.
لم يتم الإنتهاء من إعادة الإعمار خلال
الفترة الزمنية المحددة، بل كذلك جرى توقيف العمل بخطة الطوارئ لأهالي المخيم في نيسان
2013، من وقف بدل الإيواء وتوزيع السلة الغذائية وتساوي أهالي المخيم بالإستشفاء مع
بقية اللاجئين، والسبب إما تراجع الدول المانحة عن إلتزاماتها المالية كما تقول وكالة
"الأونروا" وبالتالي التسبب في المزيد من بعثرة اللاجئين الفلسطينيين سواء
داخل أو خارج لبنان كجزء من مخطط دولي يسعى لشطب حق العودة، وإما بسبب فساد مالي وإداري
مستشري في مراحل إعادة الإعمار، أو الإثنين معاً، وكانت الفصائل الفلسطينية في لبنان
واللجان الشعبية والأهلية قد طلبت من كل مدير عام جديد للأونروا ببحث ملفات إعادة الإعمار
والوقوف على عمليات الهدر والفساد المالي والإداري، ابتداءً من ريتشارد كوك، فسلفاتوري
لمباردو، مرورا بآن ديسمور.. ولكن دون جدوى سوى الوعود بالمتابعة.
مسؤولية اعادة الاعمار تقع على عاتق الأمم
المتحدة وان تخلفت الدول المانحة عن مساهماتها المالية فالأمم المتحدة هي من تتحمل
المسؤولية السياسية والإنسانية تجاه قضية اللاجئين، فهي أي الأمم المتحدة من تسبب بنكبة
فلسطين وقضية اللجوء باعترافها بشرعية كيان الإحتلال الإسرائيلي في 29/11/1947 وفق
القرار الأممي 181، وبالتالي مطلوب من الامم المتحدة تشكيل لجنة خاصة للتحقيق في الإخفاق
في عملية إعادة الإعمار وتبرير مصير الأموال التي رصدت وإعلان نتائج التحقيق للجميع
وتحديد المسؤوليات، والاستئناف السريع لعودة المخيم الى برنامج الطوارئ، وإستكمال إعادة
الإعمار.