تحريض إعلامي غير مسبوق يكوي اللاجئين السوريين
والفلسطينيين في مصر
فايز أبوعيد/ خاص لاجئ نت
كُتب على الفلسطينيين أينما وجدوا وحلوا أن يكونوا
كبش فداء وحطباً لوقود الصراعات الدائرة في البلدان العربية، وسنتجاوز هنا ما حدث لهم
في الأردن ولبنان والعراق والكويت وسورية، لنصل إلى حملة التحريض الإعلامي غير المسبوقة
التي أطلقها بعض الإعلاميين المصريين على الفلسطينيين والسوريين في مصر، ما جعل جزءاً
لا يستهان به من الشعب المصري ينظر إلى الفلسطينيين والسوريين نظرة ريبة وعداء وحقد
وكراهية، وأصبحت تعصف في رؤوسهم نظرية المؤامرة التي لا يملّ كل من يريد أن يبسط سيطرته
بالقوة على أرض الواقع من ترديدها.
مع نهاية شهر حزيران (يونيو) كانت بداية حملة
التصعيد الإعلامي الشرسة ضد الفلسطينيين والسوريين في مصر وذلك بعد الانقلاب العسكري
الذي حصل فيها، فاتهمتهم بعض وسائل الإعلام بأنهم يسعون لإعادة الرئيس محمد مرسي إلى
الحكم، وأنهم يشكلون جزءاً كبيراً من المعتصمين بميدان رابعة العدوية الذي يتخذه أنصار
الرئيس المعزول منطلقاً لاعتصاماتهم. وبلغ التحريض ذروته في وسائل الإعلام المصرية
بعد أن أدّعت السلطات العسكرية والأمنية أن جماعة الإخوان المسلمين دفعت أموالاً للاجئين
السوريين، كي يقوموا بإطلاق النار على المحتجين المناهضين للرئيس محمد مرسي وعلى عناصر
الجيش. وقد تلقفت وسائل الإعلام المصرية الموضوع وخصصت له حيزاً في تغطيتها، لتبدأ
حملة حقيقية ضد السوريين والفلسطينيين بنشر أخبار ومعلومات مغلوطة تثير النقمة والكراهية
ضدهم.
الإعلامي توفيق عكاشة حرّض في قناة الفراعين
على قتل اللاجئين الفلسطينيين والسوريين في مصر وحرق منازلهم. وكذلك دعا مصطفى الجندي،
وهو عضو سابق في البرلمان المصري إلى إعدام الفلسطينيين والسوريين إذا وجدوا في الشوارع
والميادين المصرية. وأخذ الإعلام يتهم الفلسطينيين بمجزرة الحرس الجمهوري التي راح
ضحيتها العشرات من المصريين، وأخذوا يتهمون حركة حماس الفلسطينية بقتلهم، إضافة على
اتهامها بالقيام بعمليات إرهابية في سيناء، كما تم اتهامهم بتشكيل خلايا نائمة في مصر،
وفي كل مرة ينشر خبر اعتقال فلسطينيين مسلحين ثم يتم نفي الخبر لكن بعد أن يكون قد
أشعل النفوس ضد الفلسطينيين بمصر.
وفي سياق متصل شاركت بعض المواقع الإخبارية الفلسطينية
بتلك الحملة التحريضية ضد حركة حماس، هذا إضافة للسموم الخبيثة التي بثها القيادي المفصول
من حركة فتح محمد دحلان للتحريض على حركة حماس في إطار تصفية حسابات قديمة بينه وبين
الحركة، الأمر الذي انعكس بشكل مباشر على الفلسطينيين في مصر، حيث أن شريحة واسعة من
المصريين لا يفرقون بين فتح وحماس.
هجرة فلسطينية من مصر
هكذا أضحت الأمور أكثر مأساوية، بالنسبة إلى
اللاجئين الفلسطينيين عموماً، والذين فروا من نار الصراع في سورية ليكتووا بنار التحريض
والمعاملة غير الإنسانية من قبل أبناء جلدتهم، الأمر الذي بات يؤرقهم ويشكل عندهم هاجساً
حقيقياً حيث فضل الكثير منهم خوض غمار البحر هرباً من الواقع المأساوي الجديد الذي
أصابهم بمصر، فقرروا المخاطرة بحياتهم وحياة أطفالهم ونسائهم وذلك بالهرب عبر البحر
إلى إيطاليا، أملاً منهم بالوصول إلى السويد لطلب اللجوء هناك.
كذلك فإن العديد من العائلات التي قررت الهرب
إلى ليبيا والدخول إليها عن طريق الصحراء، رغم أنها غير آمنة لوجود المسلحين فيها وارتفاع
الحرارة، إضافة إلى مخاطر الدخول غير الشرعي، علهم يجدون فيهما ملاذاً آمناً بعد أن
لفظتهم أم الدنيا نتيجة التحريض والمغالاة في العنصرية وعدم تقبل الآخرين.
لمحة موجزة عن اللاجئين الفلسطينيين السوريين
في مصر
بعد قصف منازلهم وحصار مخيماتهم اضطر نحو 1400
عائلة فلسطينية سورية إلى مغادرة مخيماتها في سورية، حيث بدأ تدفق العائلات الفلسطينية
في سورية يأخذ بالازدياد خصوصاً منذ نهاية العام الماضي. وقد قطن معظمهم في القاهرة
وما حولها مثل في مدينة 6 أكتوبر في محافظة الجيزة، والفيوم ومناطق ريفية في القاهرة،
واختار الجزء الأخر السكن في مدينة الإسكندرية وما حولها، ومدينة مرسى مطروح على الحدود
المصرية الليبية.
أما بالنسبة لوضعهم القانوني فإن معظمهم لا يحملون
إقامة وذلك بسبب تأخر صدورها لأسباب غير معروفة وهذه النسبة تشكل نحو 80%منهم، أما
البقية فقد حصلوا على إقامات بسبب وجود أبنائهم في المدارس لمدة عام، أو إقامة للسياحة
لمدة ستة أشهر.
بعد الانقلاب العسكري الأخير، عاش اللاجئون الفلسطينيون
حالة من الخوف الشديد خاصة بعد تغير معاملة مراكز الهجرة والجوازات معهم وأصبح تعاملهم
فظاً في الآونة الأخيرة، إضافة لعدم قبولهم للطلبات الإقامة أو تجديدها وفي حال قبلوا
فهم لا يأخذون إلا عدداً قليلاً لا يتجاوز عشرة طلبات.
وكذلك بسبب صدور القرار القاضي بمنعهم الدخول إلى
مصر حتى ولو كانوا يملكون تأشيرات، علماً بأنه لم يحصل أي فلسطيني سوري على تأشيرة
لمصر حتى الآن، وعدم السماح للذين يملكون إقامات بمصر بالعودة إليها إلا بموافقة أمنية،
من أجل ذلك بدأ العديد منهم يفكرون بخيارات خطرة بديلة وهي الهجرة غير الشرعية. |