تصعيد في الخطاب لا في القرار
بقلم: يوسف رزقة
بين الخيط الأبيض والخيط الأسود من الفجر دقائق معدودة، وبين
قنبلة "أبو مازن" محمود عباس, ونقيضها, بضعة أيام, وعندها يتبين الصدق من
الكذب، والحقيقة من الادعاء، ويتبين مدى مصداقية صحيفة (الأخبار اللبنانية) التي نشرت
محضر اجتماع من مكتب حسين الشيخ وزير الشئون المدنية المقرب من الطرف الإسرائيلي، حيث
جاء في المحضر أن الجانب الفلسطيني أكد أن عباس عند موقفه الذي أبلغه لشطريت: (تصعيد
في الخطاب لا تصعيد في القرارات)، ولكنه «سيعلن أن حكومة نتنياهو لن تعود شريكاً للسلام
في حال عدم التزامها بمتطلبات العملية السلمية خلال فترة محدودة».
واقترح الجانب الفلسطيني أن يعلن نتنياهو بعد خطاب عباس
«استعداد حكومته للتقدم بخطوات عملية لتحقيق سلام دائم مع الفلسطينيين»، لكن الجنرال
مردخاي لم يكن متشجعاً لنقل الاقتراح إلى حكومته، وارتأى أن يعرض ذلك في اجتماع بين
«الدكتور صائب (عريقات) والسيد سيلفان شالوم (نائب رئيس حكومة العدو)».
طبقًا للمحضر، فإن عباس كان قد اتفق مع نتنياهو على عقد لقاء
ثنائي في الأمم المتحدة، وهو «ما تم الاتفاق عليه بعد المكالمة الهاتفية مع نتنياهو
و(الرئيس الإسرائيلي رؤوفين ريفلين) على إثر حادث استشهاد عائلة دوابشة»، ولكن المفاجأة
بالنسبة للفلسطينيين كان ما أبلغهم به «السيد يوآف بأنه قد تم تأجيل اللقاء بطلب أميركي
إلى ما بعد اجتماعات نيويورك».
بالطبع نفى مكتب حسين الشيخ ما جاء في المحضر المسرب من مكتبه
للأخبار اللبنانية، ونحن لسنا محققين الآن، ولكنا يمكن أن نقف على الحقيقة غدًا أو
بعد غد حين يلقي محمود عباس خطابه في الأمم المتحدة، وسننظر عندها في مضامين الخطاب:
هل هو صراخ وتصعيد كلامي كما جاء في المحضر المسرب، أم ثمة قرارات عملية ستغير وجهة
المنطقة؟, ومن القرارات العملية التي تداولتها وسائل الإعلام إلغاء التنسيق الأمني،
وتعليق العمل باتفاقية أوسلو، وإعلان فلسطين دولة تحت الاحتلال، وتعويم السلطة أو حلها؟!).
إذا جاء الخطاب بلغة شرسة، ونبرة هجومية عالية، وخلا من القرارات
التي ينتظرها الشعب، يكون المحضر حقيقة، ويكون عباس وسلطته يعملان بوجهين، وجه صفيق
لخداع الشعب، ووجه لطيف تخدم به نتنياهو ومصالحها الشخصية، على حساب القضايا الوطنية.
لقد ملأت الخطابات الحماسية، ذات اللغة القوية، المشحونة
بالتهديدات والوعد والوعيد، أدراج الأمم المتحدة، وصحف العالم منذ النكبة وحتى تاريخه،
وما زالت العرب تمارس لعبة الصوت المرتفع والخطابة المخدرة للمشاعر، بينما تمارس (إسرائيل)
التهويد والاستيطان وتهديد الأقصى بالتقسيم والهدم. لذا نحن لسنا في حاجة لصفحة جديدة
بقلم محمود عباس في ٢٠١٥م. ما عندنا يكفي وزيادة. نحن في حاجة إلى قرارات جريئة نواجه
بها العدو، ونجمع بها خلفنا الأحرار في العالم.
الشعب في فلسطين ينتظر قرارات لا خطابات؟!, وغدًا يتبين الخيط
الأبيض من الخيط الأسود لمن يعيش في البقية الباقية من الوهم الذي نشرته سلطة أوسلو
بمجيئها تحت حراب الاحتلال قبل (٢٢) عامًا.
المصدر: فلسطين أون لاين