تصفية "الأونروا"!
كمال زكارنة
تؤكد التسريبات التي ترشح من سراديب البيت الابيض،
والتي في الغالب تنقلها وسائل اعلام امريكية وصهيونية عن مصادر مسؤولة في الادارة الامريكية،
الى وضع خطة شاملة لتصفية "وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين" (الاونروا)،
التي تعتبرها الادارة الامريكية سببا في استمرار الصراع الفلسطيني (الصهيوني)، وليس
الاحتلال "الاسرائيلي" للاراضي الفلسطينية هو السبب الرئيس للصراع بين الفلسطينيين
و"الاسرائيليين"، وفي المنطقة عموما، وان استمرار الاحتلال هو سبب كل ازمات
وتوترات منطقة الشرق الاوسط والمسبب الرئيسي لبؤر الارهاب والحاضن لها.
انجاز هائل حققته الادارة الامريكية بهذا الاكتشاف
الفريد من نوعه، بأن (الاونروا) هي سبب الصراع الدامي بين الاحتلال الصهيوني الغاصب
لفلسطين والشعب الفلسطيني، اكتشاف ظل مخفيا اكثر من سبعة عقود حتى جاء ترامب وكوشنير
وغرينبلات ليكتشفوه، بعد جهود كبيرة جدا من البحث والنبش والدراسة، استخدمت فيها الادارة
الامريكية فيالق من الباحثين والدارسين والخبراء والمختصين، وفي النهاية وصلت الى الكشف
عن عقدة الصراع، والان تعمل على حلها وفكفكتها، من خلال انهاء عمل (الاونروا) في مناطق
عملياتها الخمس، انه اكتشاف عالمي سوف تعم فائدته البشرية جمعاء لقرون قادمة ومئات
الاجيال من البشرية والانسانية سوف يستفيدون منه !!.
انها جريمة جماعية تخطط الادارة الامريكية لارتكابها
بحق ستة ملايين لاجيء فلسطيني، لا يماثلها الا جرائم الحربين العالميتين الاولى والثانية،
ومذابح امريكا في هيروشيما وناكازاكي اليابانيتين اللتين دمرتهما قنابل امريكا النووية،
وابادت سكانهما.
تبدأ خطة الاجرام الامريكية، بالضفة الغربية وقطاع
غزة، وفقا للتسريبات الراشحة من دوائر البيت الابيض.. بيت تصفية القضية الفلسطينية،
من خلال اعادة بناء وتأهيل وتطوير مخيمات اللجوء فيها، وتنميتها اقتصاديا ووقف اعتماد
اللاجئين على مساعدات (الاونروا) اليومية والشهرية، وتحقيق الاستقلالية في الاعتماد
على الذات بشكل دائم وتحويل مجتمعات اللاجئين الى مجتمعات منتجة، وعدم التفكير بحل
قضية اللاجئين بالعودة الى مدنهم وقراهم التي هجرهم منها الاحتلال الصهيوني.
الطرح الامريكي يتركز على البحث عن حلول اقتصادية،
للسكان الفلسطينيين دون الاشارة الى الاراضي الفلسطينية المحتلة التي تعتبرها الادارة
الامريكية "اسرائيلية"، وبحسب التفكير الامريكي فان القضية الفلسطينية عبارة
عن ازمات مالية وضائقة اقتصادية تعاني منها تجمعات سكانية يمكن التغلب عليها.
والهدف إقناع العالم بأن الاستقلال الاقتصادي للفلسطينيين
هو الكفيل بانهاء الصراع الفلسطيني (الصهيوني)، لذلك يجب انهاء الفقر والعوز والحاجة التي تسود مخيمات اللاجئين
بسبب اعتمادهم على مساعدات (الاونروا)، واستبدال ذلك بتنمية تقوم على الاستدامة من
خلال انهاء عمل "الاونروا)، وتحقيق الاستقلال الاقتصادي للسكان الفلسطينيين والسلطة
الفلسطينية.
وبحسب المشروع التصفوي الامريكي، فان ما تقوم به (الاونروا) من خدمات
حاليا سيحال الى بعض الدول والمنظمات الدولية للقيام به، بهدف ازالة صفة اللجوء عن
اللاجئين الفلسطينيين وتبرئة الاحتلال الصهيوني من جريمة اغتصاب فلسطين وتهجير اصحابها
الشرعيين والاستيلاء على مدنهم وقراهم وممتلكاتهم.
سوف يتخلل طريق التصفية استعراضات واغراءات مالية
كبيرة جدا، للفلسطينيين وبعض الدول، لتشجيعهم على التنازل والموافقة على المقترحات
والمشاريع التآمرية الصهيو-امريكية التي تهدف اولا واخيرا لتصفية القضية الفلسطينية
ارضا وشعبا.
المصدر: صحيفة الدستور الأردنية