فايز أبو عيد
من نافل القول إننا بتنا نرى في الآونة الأخيرة
كثرة في تعدد اللجان الأهلية التي تعنى بشأن ا اللاجئ الفلسطيني السوري في لبنان، حيث
تتصدر هذه اللجان الحديث عنه – بعلمه وبغير علمه في الأغلب- تنافح عن بعض حقوقه بزعم
أنها الناطق الرسمي باسمه والممثل الشرعي له –وكل يدعي وصلا بليلى-
فإذا ما تحقق للفلسطيني السوري مطلب أو مكتسب رفع
كل منها صوته أنه السبب الرئيس لهذا الانجاز ولولاها لما كان وكان.
لا نريد الخوض هنا في خلفياتها وأسباب كثرتها لأن
معظمها إلى الآن بريء المنشأ، عفوي الإدارة والتوجيه نخوي الباعث – قلت الكثير وليس
الكل -، كما أننا لسنا بصدد تسليط الضوء على مدى فاعليتها وأثارها على الفلسطيني السوري
على أرض الواقع وآلية تعاطيها مع كثير من الملفات التي تهم شأنهم.
لكن عند النظرة الأولى يتبين للناشطين والمطلعين
على تجاربها والقارئ عنها، وما يقدمه الناشطين فيها على أرض الواقع وعبر السوشيال ميديا
وغيرها من مصادر المعلومات، أن الكثير منها توجه إلى المجال الإغاثي لتحصيل الدعم وفق
القدرات المتواضعة والمبعثرة للعائلات الفقيرة والمعيلة.
ومنها من نحى منحاً آخر فتوجه لملف حقوق اللاجئ
في الوطن البديل، وحقوقه في القانون الدولي بالتوطين في الدول الأوروبية وغيرها.
مما سبق نجد أن لتلك اللجان إيجابيات – ولا نشك
في ذلك- فما لا يدرك كله لا يترك جله – فجهود العديد منها يثمر ولو بالحد الأدنى الأدنى.
لكن السؤال الأهم هنا المطروح من قبل ذوي الاختصاص
والعديد من المهتمين بشأن فلسطينيي سورية في لبنان، ماهي إيجابيات تعدد تلك اللجان
وسلبياتها؟، وهل إيجابياتها توازن سلبياتها أم تفوقها؟ وهذا التساؤل يأخذ أهميته من
إمكانية تقييم عمل تلك اللجان والحكم عليها بشكل علمي ومنطقي مدروس، دون أن الاتجاه
للأحكام المسبقة المبنية على التخمينات والآراء العشوائية غير المجدية.
ومع سبر أراء عدد من الناشطين وأصحاب التجربة في
لجان العمل الأهلي تبين لي أن سلبيات تعدد اللجان أكثر من ايجابياتها، مشيرين إلى أنه
مع الوقت يتضح ذلك أكثر وأكثر، حيث يمكن حصر بعض تلك السلبيات بما يلي:
- بث الفرقة والاختلاف بين أعضاء تلك اللجان
ومناصريها، فكل يرى نفسه ميزانا للشفافية وعنوانا للعطاء والكدح لأجل القضية وحارس
الحمى تجاه الطرف المقابل من اللجان الأخرى.
- نجد هذا جلياً بانقسام اللجان نفسها للجان
متعددة يخالف بعضهم بعضاً ويخون بعضهم بعضاً ويشتم بعضهم بعضاً، ثم نجد انقسام المقسم
وكأن الانقسام قدر شعبنا من أصغر تكتل إلى أكبره-.
- عدم التنسيق بين تلك اللجان ولو في منطقة
واحدة – طبعا هذا نتيجة عن السبب السابق- ولكل بيانات وتوجهات وأفكار – وليست المشكلة
بتعدد الأفكار والميولات والتوجهات لأنها أمر طبعي- لكن عدم التنسيق ولو بالحد الأدنى
يعتبر مشكلة ترمي بظلالها على الهدف التي وجدت لخدمته فبدل النفع لأبناء شعبنا نجد
... –وكم من طالب للخير لا يدركه- فالتعاطي كما هو مشاهد عفوي وشخصي أكثر منه مؤسساتي
أو حتى عمل لجاني.
- ويتسبب عم سبق مزيداً من شق الصف بين أبناء
شعبنا فتخرج الخلافات من دائرة اللجان الضيقة لتشمل الأنصار وغيرهم كما هو مشاهد وملموس،
وهذا في رأيي من أكثر السلبيات الناجمة عن تعدد اللجان. ولا نقول إن المشكلة ليست في
التعدد بل التعدد يثمر- هذا نظرة قرمزية لاواقعية لها- فكثرة الآراء من غير هدف وتوجيه
مظنة كثرة الخلاف لا محالة.
- ومنها أننا نرى أنه بعد مدة تلغى لجنة وتأتي
أخرى- بغض النظر عن الأسباب (عدم الدعم- انشغال أعضاء اللجان برزقه وقوته-...الخ)،
وقد يضطر بعضها لأسباب عدة أن يرتكب المخالفات أو أن يرتهن تحت ضغط الواقع وقلة الأنصار
– والكثير بحسن ظن ونية- لأفكار وسياسات بأبعاد كبيرة لا يدرك معها على أي شاطئ سيرسو،
فيصبح مطية لتلك التوجهات- خيرها وشرها-.
ولابد من القول هنا أن البحث في أسباب تعدد اللجان
الأهلية لفلسطينيي سورية في لبنان يحتاج منا تمحيص أكثر حول الأسباب والدوافع، ووقفة
المسؤول وأصحاب العقول.
ختاماً أسدي نصيحة لجميع تلك اللجان أن تبحث عن
التكاتف والتلاحم والتعاضد - مع أدراكي لصعوبة الأمر أو استحالته أحياناً- والتكاتف
مع المؤسسات المتخصصة في هذا المجال لتكثيف الجهود وتحصيل أكبر قدر ممكن من الخير للفئة
المستهدفة من أبناء شعبنا واستفراغ الوسع لذلك وترك المهاترات والتخوين والترفع عنها.
فإن كان ذلك فهو المطلوب وإلا نقول كما قال امرؤ
القيس لصاحبه:
بكى صاحبي لما رأى الدرب دونه ... وظن أن لاحقان
بقيصر
فقلت له لا تبك عينك إنما .... نحاول ملكا أو نموت
فنعذرا