القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

تغيير اللعبة" فلسطينياً

 

تغيير اللعبة" فلسطينياً

بقلم: ناصيف حتي

يبدو ان الغيوم الى المزيد من التلبّد في سماء القضية الفلسطينية بعد ان كانت ديبلوماسية الصراع العربي الاسرائيلي في طي النسيان والتهميش لاسباب دولية وظروف اقليمية. وسيكون موعد 26 كانون الثاني (يناير) بمثابة تحد للتفكير فلسطينياً وعربياً بما يجب عمله غداة انتهاء فترة الاشهر الثلاثة في ذلك اليوم وهي المهلة التي حددتها الرباعية للطرفين الفلسطيني والاسرائيلي للتقدم بأفكار ومقترحات عملية لاعادة احياء المفاوضات بعد سنوات من المحادثات تحت سقف نزع فتيل الانفجار وادارة النزاع والدوران في حلقة مفرغة. جملة من العناصر والمؤشرات تدل على الحاجة الى حدوث ما يعرف بـ"تغيير اللعبة" (Game Changer) الذي قد يكون عنصراً ديبلوماسياً بمثابة قرار وازن وضاغط او عنصر ناتج من حدوث تغييرات اساسية على الارض، ومن هذه المؤشرات الآتي:

1- شعور القيادة الفلسطينية بالارتباك نتيجة الضغوط التي تمارس عليها للقبول بلعبة "تقطيع الوقت" وتخطي تاريخ 26 كانون الثاني (يناير) دون تنفيذ تهديدها الذي اعلنه الرئيس عباس بالذهاب الى مجلس الامن وطرح مشروع قرار بشأن الاستيطان وضرورة وقفه.

2- قدمت اسرائيل ما يمكن وصفه بتجاوب كلامي مع مطلب الرباعية وذلك عبر ورقة وضعتها على طاولة المحادثات في عمان تشمل 21 عنواناً في صفحة واحدة لكنها لا تقدم اي تصور فيما يتعلق بالقضيتين المطروحتين وهما الحدود والامن، هي بمثابة محاولة مكشوفة "لإغراق السمكة في المياه" والهروب الى الامام.

3- وجود اقتناعات تامة عند جميع الاطراف المعنية ان واشنطن تريد استمرار هذا الحراك الكلامي تقطيعا للوقت باعتبار ان ديبلوماسية التدخل في القضية الفلسطينية، اياً كان نوع ومنحى هذا التدخل، مؤجلة الى ما بعد الانتخابات الرئاسية اي بعد فترة سنة على الاقل.

4- من الواضح ان الموقف الاسرائيلي يزداد توافقاً في الرؤية باتجاه التصلب وفرض شروط جديدة تسقط اطار مدريد والشروط والتفاهمات التي قام عليها، فيما تتحرك اسرائيل بقوة على الارض لاحداث التغييرات المطلوبة جغرافياً وديموغرافياً والغاء الشروط الضرورية لقيام الدولة الفلسطينية.

5- يبدو القلق الاوروبي على اشده بسبب موقع اوروبا الجغرافي السياسي وتأثرها بتطورات وانعكاسات القضية الفلسطينية وخاصة في ظل "المجهول" او التحولات العربية التي تشكل البيئة الجديدة الحاضنة لتطورات القضية الفلسطينية بما يمكن ان ينتج عنها على الصعيدين الاقليمي والدولي. وفي هذا السياق يمكن النظر الى مجموعة من السلوكيات والمواقف الاوروبية التي تؤشر الى ازدياد القلق والمخاوف دون ان تعني بالطبع ان اوروبا ستترجم ذلك الى سياسات ناشطة او فاعلة. من هذه المؤشرات اعلان الدول الاوروبية الاربع في مجلس الامن الشهر الماضي، وهي فرنسا وبريطانيا والبرتغال والمانيا عن نوع من التحذير والانتقاد الشديد للسياسة الاستيطانية الاسرائيلية وقيام نائب رئيس الوزراء البريطاني مطلع هذا الاسبوع بالتنديد بسياسة الاستيطان ووصفها بأنها تخريب متعمد لجهود إقامة الدولة الفلسطينية. ثم الاهم من ذلك كله صدور تقرير عن الاتحاد الاوروبي حظي بإجماع من كافة دوله يحذر بشدة من ان استمرار سياسة الاستيطان الاسرائيلية ستجعل قيام دولة فلسطينية امراً غير ممكن. ويقدم التقرير العديد من التفاصيل والاحصاءات حول التطورات على الارض في الاراضي المحتلة وتحديدا في "المنطقة ج" حسب تقسيم اعلان المبادئ الفلسطيني الاسرائيلي في اوسلو وهي المنطقة التي تضم 62% من الضفة الغربية وخاصة منطقة الاغوار و5,8% من السكان الفلسطينيين حيث يجري تهويدها ديموغرافياً وجغرافياً بشكل كلي الى جانب السياسة ذاتها الناشطة بشكل كبير في الاتجاه ذاته في القدس. كما صدر تقرير آخر في مطلع هذا العام عن لجنة الشؤون الخارجية في الجمعية الوطنية الفرنسية مبني على دراسة تطور الاوضاع في الضفة الغربية يتحدث عما وصفه بسياسات التمييز العنصري الاسرائيلي فيما يتعلق بتوزيع مصادر المياه في الضفة الغربية ويصف التوسع الاستيطاني الاسرائيلي بأنه نوع من "الاحتلال المائي".

6- كل هذه المؤشرات تدل على اننا وصلنا الى الربع ساعة الاخير قبل منتصف الليل فيما يتعلق بإقامة دولة فلسطينية قابلة للحياة، طالما لم يتم الوقف الكلي لا بل احداث تراجع في السياسة الاستيطانية الاسرائيلية كما يقول بذلك ايضاً التقرير الاوروبي.

7- لذلك رغم ان الرسالة تقرأ من عنوانها والعنوان موجود منذ سوات عديدة فإن الانتظار الشكلي، باعتبار ان النتيجة معروفة، لموعد 26 كانون الثاني (يناير) وقد اقترب يفترض ان يدفع القيادة الفلسطينية والدول العربية لبلورة تحرك ديبلوماسي فاعل تجاه العواصم الدولية المؤثرة وتحديداً في مجلس الامن حتى يتحمل مسؤولياته بشأن وقف النزف الحاصل في الاراضي المحتلة وسياسة إلغاء اسس السلام الممكن والمحتمل مستقبلاً التي تقوم بها اسرائيل.

في ظل هذه الظروف التي تزداد تأزماً وتوتراً لن يكون من المستبعد حصول انتفاضة شعبية سلمية في الاراضي الفلسطينية تكون هي في حقيقة الأمر عنصر "تغيير اللعبة" والتي تعيد الامل بتحقيق السلام العادل والدائم.

المصدر: المستقبل