القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

تغيير مسمى الأونروا جذور وتداعيات - حسام رمضان أحمد

تغيير مسمى الأونروا جذور وتداعيات

بقلم/ حسام رمضان أحمد

جذور المؤامرة:

يعتبر إصدار قرار التقسيم (181) لسنة 1947م عن الجمعية العامة للأمم المتحدة والذي رفضه الشعب الفلسطيني في ذلك الوقت، وقبلته العصابات الصهيونية لتتخذ منه نقطة انطلاق نحو مشروعها ألإحلالي ضد الشعب الفلسطيني، عبر جرائم القتل والتطهير العرقي والطرد ألقصري؛ بمثابة التطبيق العملي للمؤامرة الدولية علي الشعب الفلسطيني، والتي كان نتيجتها وجود مأساة اللاجئين الفلسطينيين الذين يمثلون ثلثي الشعب الفلسطيني؛ بحيث أصبحت معالم هذه الجريمة أكثر جلاءً بعد إعلان قيام دولة (إسرائيل) على رفات الضحايا الفلسطينيين، فبدت المؤامرة الدولية وتواطؤ الأمم المتحدة واضحاً للعيان، حيث أنشئ كيان غريب على الأراضي التي قتل عليها وطرد منها أهلها نتيجة إصدار القرار (181) .

إصدار القرار (194) :

في 11 ديسمبر 1948م أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة القرار (194) الذي نص على عودة اللاجئين الفلسطينيين إلي مدنهم وقراهم التي اخرجوا منها عام 1948م، ويأتي إصدار هذا القرار في سياق ترتيب أوضاع المنطقة بعد قيام (إسرائيل) من أجل تجفيف بؤر التوتر لتنعم (إسرائيل) بالاستقرار والأمن، ولكن هذا القرار لم يحظى بقبول (إسرائيل) والتي رفضت تطبيقه.

قبول (إسرائيل) في عضوية الجمعية العامة للأمم المتحدة:

في أوائل مايو 1949م وقعت (إسرائيل) على بروتوكول لوزان الذي نص على قبول (إسرائيل) بعودة اللاجئين الفلسطينيين دون أي قيد أو شرط؛ حيث قدم هذا البروتوكول إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة ليصدر قرار قبول (إسرائيل) في عضوية الجمعية العامة للأمم المتحدة (273) في 11 مايو 1949م مشروطاَ بقبول (إسرائيل) بتطبيق القرارين الصادرين عن الجمعية العامة للأمم المتحدة (181) و (194) بعدها امتنعت (إسرائيل) والولايات المتحدة الأمريكية عن التصويت لصالح القرار (194) حتى توقيع اتفاق أوسلو 1993م أصبحت (إسرائيل) تصوت ضد القرار (194) وبقيت الولايات المتحدة الأمريكية تمتنع عن التصويت لصالح تطبيق القرار (194) .

إنشاء الأونروا:

بعد مضى عام على إصدار القرار (194) لم يحدث أي تغيير على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين سوى أنها ازدادت سوءاً، ولم يظهر في الأفق أن عودتهم باتت قريبة، فقامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بإصدار القرار (302) في ديسمبر 1949م بإنشاء (هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين- الأونروا) وبهذا أصبحت نشأت الأونروا مرتبطة بالقرار (194) وبهذا أصبحت الأونروا بخدماتها تعبير عن مسئولية المجتمع الدولي تجاه استمرار قضية اللاجئين، وبالفعل باشرت الأونروا مهامها الإغاثية والتشغيلية لصالح اللاجئين الفلسطينيين في مايو 1950م.

تغيير مسمى الأونروا:

لا يعتبر تغيير مسمى الأونروا من (هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) إلى (هيئة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين) أمراً سهلاً يمكن إجراءه بعيدا عن الجمعية العامة للأمم المتحدة، الجهة التي اصدر القرار (302) في ديسمبر 1949م حيث يمثل القرار المرجع القانوني لميلاد (الأونروا) حيث ورد الاسم في متن القرار كما يلي: (هيئة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) والاسم كما هو معروف مرتبط بالأهداف التي نشأت من أجلها (الأونروا) وكذلك الدور المنوط بهذه المنظمة الأممية، وتغيير الاسم يعني تغيير في الأهداف والدور المنوط بـ (الأونروا) وهذا ما يجب فيه الرجوع للجمعية العامة للأمم المتحدة.

تزامن خطير بين إعلان التقليصات الحادة وتغيير الاسم:

هنا يجب التفريق بين الموازنة العادية لالأونروا وموازنة الطوارئ حيث أن التقليصات السابقة طوال السنوات الماضية منذ توقيع اتفاقية أوسلو كان تمس بشكل مباشر الموازنة العادية لالأونروا، أما اليوم فإن التقليصات تمس كلاً من الموازنة العادية وموازنة الطوارئ التي تراجعت إلي معدل العشر وفي نفس الوقت تبادر (الأونروا) إلى تغيير الاسم لتبعث برسالتين:

الرسالة الأولى إلي اللاجئين الفلسطينيين: انتهى عهد الاعتماد على الأونروا فهي الآن مشغولة في العاب الصيف وحقوق الإنسان والعولمة، بمعنى أننا في الأونروا استطعنا أن ننقلكم إلي عصر الرفاهية، وتركيز الاهتمام علي قضايا لا تمس حياتكم بشكل مباشر، فلستم بحاجة لا للإغاثة ولا للتشغيل، بقي علينا عدد قليل من اللاجئين يستحقون رعايتنا، وسننهى المهمة عما قريب.

الرسالة الثانية للدول الممولة لبرامج الأونروا: فالتزامن بين التقليصات وتغيير الاسم يؤكد لهذه الدول أنكم في تراجعكم عن تمويل برامج اللاجئين الفلسطينيين من خلال الأونروا، فأنتم على حق، لم نعد في حاجة لأموالكم، شكراً لكم، انتهى دوركم.

بمعنى أن عوامل شطب الأونروا وإنهاء دورها في خدمة قضايا اللاجئين الفلسطينيين تعمل من الداخل.

ترهل الموقف الفلسطيني:

ساهمت منظمة التحرير الفلسطينية في تهيئة الظروف لصالح الوصول إلى هذه الحالة – بدون قصد – من خلال قبولها بمرجعية الحل السياسي وفق اتفاق أوسلو المعتمدة على القرار (242) الصادر عن مجلس الأمن الدولي 7 يونيو 1967م والذي نص على (تحقيق تسوية عادلة لمشكلة اللاجئين) ولم ينص بصراحة على (عودة اللاجئين) كما جاء في القرار (194) ، وهذا بدورة دفع بعض الأطراف إلى دعوة الأونروا إلي تسليم مهامها للسلطة الفلسطينية في العام 1994م.

استمرار عملية التفاوض لأكثر من عشرين عاما أعطى الكيان الصهيوني مزيدا من المشروعية السياسية التي حصل عليها بفعل الأمر الواقع، والمشروعية القانونية المفقودة أصلا، خاصة في ظل التعنت الصهيوني ومطالبة المفاوض الفلسطيني بالاعتراف بيهودية الدولة الصهيونية، وقبول المفاوض بعودة جزئية حسب بعض التسريبات من لقاءات المفاوضات السرية.

هذا الترهل سواء في تراجع الموقف السياسي الفلسطيني أو في القبول باستمرار ركود الموقف التفاوضي جعل الكثيرين على الساحة الدولية خصوصا الدول ذات النصيب الأكبر في تمويل برامج الأونروا؛ يجزمون بان مستقبل الأونروا مرهون بالعملية التفاوضية وليس بتحقيق العودة للشعب الفلسطيني حسب القرار (194) .

كان يفترض في الموقف الفلسطيني أن يشكل رافعة لحقوق الشعب الفلسطيني خاصة حقه في العودة وتقرير المصير.

كان يفترض في الموقف الفلسطيني أن يتقدم بطلب للجمعية العامة للأمم المتحدة مطالباً بشطب عضوية (إسرائيل) في الجمعية العامة كون عضويتها كانت مشروطة بتطبيق القرار (194) و القرار (181)

في الختام:

يمكن التأثير على موقف الأونروا والأطراف الطولية من خلال عاملين رئيسيين:

الموقف الرسمي: يحتاج إلي صياغة دقيقة خاصة بعد توقيع المصالحة من خلال صياغة دقيقة بحيث يأخذ دوره في العمل على تحقيق تطلعات الشعب الفلسطيني وفي مقدمتها تطلع الشعب الفلسطيني للعودة وتقرير المصير.

الموقف الشعبي: في عصر ربيع الثورات العربية؛ يجب أن يكون هناك حراك شعبي علي كافة مناطق عمليات الأونروا، لإرغام الأطراف الدولية للوقوف أمام التزاماتها تجاه اللاجئين الفلسطينيين؛ ليس في مجال الإغاثة والتشغيل فحسب؛ وإنما في مجال تهيئة الظروف المناسبة لتحقيق العودة الفعلية لكافة اللاجئين الفلسطينيين إلي ديارهم التي اخرجوا منها عام 1948م.