تفاقم المعاناة
الإنسانية للاجئين في مخيمات لبنان.. يُنذر بالأسوأ..!
بقلم: علي هويدي*
بدون أية مقدمات
وقبل 19 سنة وبتاريخ 1/1/1997 اتخذت السلطات اللبنانية قراراً يقضي بمنع إدخال مواد
البناء إلى مخيمات اللاجئين من الإسمنت أو الحديد أو الرمل أو زجاج النوافذ وحديد التصنيع
أو أي من مواد تمديدات البنى التحتية من ماء وكهرباء وغيرها.. إلا بعد الحصول على إذن
من الجيش اللبناني ولا يزال القرار سارياً وهذا ساهم في الاكتظاظ السكاني للعائلات
التي تضطر للسكن في منزل واحد على الرغم من المساحات الضيقة وما لها من تداعيات سلبية
على المستوى الصحي والتربوي والإجتماعي للاجئين.
بعد خمس سنوات
جاء إقرار مجلس النواب اللبناني في 21/3/2001 قانون يدعو إلى حرمان اللاجئ الفلسطيني
من الحق في التملك ليزيد الطين بِلة وليشكل إنتهاكاً للمادة 17 من الإعلان العالمي
لحقوق الإنسان لتاريخ 10/12/1948، والتي تشير إلى أن " لكل فرد الحق في التملك
لوحده أو بمشاركة الآخرين ولا يجوز حرمان أحد من حق التملك"، فقد جاء في نص القانون،
"لا يجوز تملّك أي حق عيني من أي نوع لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف
بها، أو لأي شخص إذا كان التملّك يتعارض مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين" والمقصود
من القانون الفلسطيني دون سواه، على اعتبار أن القانون يبيح التملك لجميع الأجانب باستثناء
الفلسطيني المقيم في لبنان، وعلى الرغم من مرور حوالي 14 سنة لم تفلح جميع محاولات
الفصائل الفلسطينية أو المنظمات غير الحكومية المحلية والدولية أو اللجان الشعبية من
العودة إلى ما قبل تاريخ آذار 2001، وهذا حرم عدد كبير من العائلات من حرية اقتناء
ولو شقة خارج المخيم لا بل منع من كان يمتلك عقارا قبل آذار 2001 من توريث ابنائه من
بعده..!
منذ أن تم تحديد
المساحة الجغرافية للمخيمات بالتوافق بين الحكومة اللبنانية ووكالة "الأونروا"
في بدايات النكبة ومراحل اللجوء الأولى قبل أكثر من ستة عقود، بقيت تلك المساحات على
حالها على الرغم من تضاعف الأعداد، فقد وصل عدد اللاجئين الفلسطينيين إلى لبنان مع
بدايات النكبة إلى حوالي المائة ألف، أصبح عددهم حسب "الأونروا" في
1/1/2015 أكثر من 490 ألف يقيمون في 12 مخيم وعدد من التجمعات، وأضيف إليهم حوالي
40 ألف لاجئ فلسطيني مهجر من سوريا، وفي المقابل يُمنع على اللاجئ الفلسطيني التوسع
في البناء خارج حدود المخيم، أو بناء مخيمات جديدة بحجة التوطين..!
حسب مركز الإحصاء
الفلسطيني لسنة 2006 وصلت نسبة الأمية في أوساط اللاجئين في لبنان إلى 25.5% وهي اليوم
بالتأكيد أعلى، أما البطالة فقد وصلت نسبتها إلى ما يزيد عن 60%، ونسبة تسرب مدرسي
إلى 18% تراكمي، ونسبة فقر 66.4% مقارنة بـ 36% في أوساط اللبنانيين، وتُعتبر أمراض
الربو والسكري والضغط الأكثر إنتشاراً، وتفاقم للأمراض النفسية وأبرزها حالات الإكتئاب،
يرافقها مشاكل إجتماعية باتت أكثر بروزاً وتأثيراً من حالات الطلاق والتفكك الأسري
وعمالة الأطفال والتسوّل والزواج المبكر، إلى التدخين وتعاطي المسكرات والمخدرات بين
الشباب الذي يسعى والكثير من العائلات إلى الهجرة إلى دول أوروبا سعياً للأمان والإستقرار
وتحسين الظروف الإقتصادية ولو أدى بهم الأمر إلى الموت غرقاً، إلى البنى التحتية التي
هي في الواقع بنىً فوقية حين تختلط تمديدات الكهرباء والماء والمجاري لتتسبب بوفاة
العديد من اللاجئين كما هو الحال في مخيم برج البراجنة حيث توفي ما يزيد عن 30 لاجئاً
جراء الصعقات الكهربائية..!
تُشكل تلك المعطيات
بالإضافة إلى عدم توفير الدولة اللبنانية للحقوق الإقتصادية والإجتماعية منذ عقود،
والتراجع المستمر لخدمات "الأونروا" وآخرها تحميل اللاجئ الفلسطيني تكاليف
إضافية تتعلق بالإستشفاء إبتداءً من العام 2016..، أرضاً خصبة لاستغلال الشباب لصالح
أي طرف يسعى لأي تفجير أمني في المخيمات، مما يدفع جميع من يعنيه الأمر، لإعلان نفير
التوعية العام على المستوى السياسي والمدني المتمثل بالفصائل الفلسطينية والمؤسسات
الأهلية غير الحكومية المحلية والدولية واللجان الشعبية ووكالة "الأونروا"
والحكومة اللبنانية والمجتمع الدولي..، والقيام بحراك جاد لتأمين العيش الكريم للاجئين
وحماية المخيمات قبل فوات الأوان إجتماعياً وإقتصادياً وأمنياً، فلم يكن توفير الحقوق
الإنسانية للاجئين إلا ليساهم في رفض التوطين والتمسك بحق العودة ومظلة أمان وإستقرار
يحتمي بها اللبناني والفلسطيني على حد سواء.!
*كاتب وباحث في
الشأن الفلسطيني