جُدر حماية الأقصى
بقلم: لمى خاطر
على هامش الهجمات والاقتحامات
التي يتعرّض لها المسجد الأقصى؛ يسرف كثيرون منا في استجداء نصرة العرب أنظمة وشعوبا،
واجترار البكائيات التقليدية على حال الأمة (النائمة) عن إنقاذ مقدّساتها، رغم أن هذا
الخطاب الذي كان يناسب سنوات الاحتلال الأولى ما عاد مناسباً الآن، بينما الأمة كلّها
تتعرض لهزات عنيفة سيكون لها ما بعدها، وفي وقت باتت أكثر الأمور عبثية توقّع أن تكون
قضية الأقصى أو فلسطين ذات شأن لدى الأنظمة الحالية، التي ما زالت الأحداث المتتالية
تؤكّد أنها أنظمة احتلال، لا يختلف واقعها عن الاحتلال الصهيوني، إلا بالاسم، ومن جهة
أخرى يزداد انشغال الساحات العربية بجراحاتها الدامية وهمومها الخاصة، في مرحلة مخاض
لا يبدو أنها ستنتهي قريبا.
قضية القدس اليوم وما يتعرّض
له الأقصى تتطلب منا جميعاً قبل كل شيء الكف عن الأوهام، وعن اجترار الكلام الذي لا
يسمن ولا يغني من جوع، بل تحتاج معرفة وتحديد سبل نصرته والتصدي لتلك الهجمات الصهيونية
المسعورة، والتي تحاول تكريس التقسيم الزماني كأمر واقع، تمهيداً للتقسيم المكاني وما
قد يتلوه.
وهنا، واستناداً إلى تجربة
العام الفائت، يمكن لنا أن نلخّص عوامل التصدي للخطر الصهيوني في ثلاثة محاور: وهي
نشاط المرابطين داخل الأقصى، والعمليات الفردية ضد جنود الاحتلال ومستوطنيه، ونهوض
الشارع في الضفة الغربية.
ورغم أن تجربة العام الماضي
كانت متواضعة، قياساً إلى ما يتطلبه الدفاع عن المقدّسات، لكنها نجحت إلى حد ما في
وقف سعار المستوطنين وغلاة المتطرفين، والتصدي لاقتحاماتهم ساحات المسجد الأقصى. غير
أن نشاط المرابطين والمرابطات في ساحات المسجد بات يتعرض لتضييق شديد، خصوصاً بعد الإعلان
عن (المرابطين) كتنظيم محظور، وهو ما يعني أن كل مشارك في الرباط سيكون عرضة للاعتقال
بالقوة أو الإبعاد عن ساحات الأقصى.
لذلك يبقى التعويل الأهم
في هذه المرحلة على ضرورة استئناف العمليات الفردية، كتلك التي نفّذها الأبطال: معتز
حجازي وإبراهيم العكاري وعبدالرحمن الشلودي وماهر الهشلمون، وغيرهم، ولكن دون أن يعني
هذا أنها المجال الوحيد للذود عن الأقصى، غير أنها تبقى الوسيلة الوحيدة المتاحة في
ظل خطيئة مشروع التعاون الأمني مع الاحتلال التي تحاصر إمكانات المقاومة المسلحة في
الضفة.
والعامل الثالث هو تحرك
الشارع في الضفة، رغم أن هناك حالة مواجهة يومية مع الاحتلال من خلال أنماط المقاومة
الشعبية بالحجارة والزجاجات الحارقة ونحو ذلك، غير أنها لا تبدو محل متابعة ولا تلفت
الأنظار كثيراً كونها لا توقع خسائر في الأرواح لدى الاحتلال، ولأنها ليست وفق النمط
الذي يتخيله المراقبون أو ينتظرونه، قياساً على الانتفاضتين السابقتين.
تقسيم الأقصى أو تهويده
ليس قدراً ينبغي التسليم به، أو توقعه، سواء قاوم الفلسطينيون أو لم يقاوموا (على حد
تعبير أحد أزلام سلطة أوسلو)، لكن ما يحتاجه الأقصى هو الكثير من الفعل والقليل من
الكلام، والتركيز على عوامل نصرته الحقيقية والمجدية بدل الغرق في الأوهام، أو البحث
عن مشجب لتعليق غلالات العجز عليه.
المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام