القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

جذور التراث الفلسطيني وأهميته

جذور التراث الفلسطيني وأهميته

بقلم: محمد أبوليلى

التراث، بمفهومه البسيط، هو خلاصة ما خلَفته (ورثته) الأجيال السالفة للأجيال الحالية. فالتراث هو ما خلفه الأجداد، ليكون عبرة من الماضي، ونهجاً يستقي منه الأبناء الدروس ليعبروا بها من الحاضر إلى المستقبل. والتراث في الحضارة بمثابة الجذور في الشجرة، فكلما غاصت وتفرعت الجذور، كانت الشجرة أقوى وأثبت وأقدر على مواجهة تقلبات الزمان. ومن الناحية العلمية هو علم ثقافي قائم بذاته، يختص بقطاع معين من الثقافة (الثقافة التقليدية أو الشعبية)، ويلقي الضوء عليها من زوايا تاريخية وجغرافية واجتماعية ونفسية.

والتراث الشعبي عادات الناس وتقاليدهم وما يعبرون عنه من آراء وأفكار ومشاعر يتناقلونها جيلاً عن جيل. ويتكون الجزء الأكبر من التراث الشعبي من الحكايات الشعبية، مثل الأشعار والقصائد المتغنّى بها والقصص الشعبية والقصص البطولية والأساطير.

وأهمية التراث تعود إلى الأهمية في تعزيز الهوية الفلسطينية، فللهوية التي تجمع ما بين أفراد الشعب أو الأمة تاريخ عميق وماضٍ مجيد، ولها ثقافة يعبر عنها التراث، يما يحتوي من رموز معبرة عن آلام شعبنا، ومشحونة بالمعاني والعواطف. وأهمية المعرفة بالتراث أيضاً مرتبطة، بشكل أساسي، بالمحافظة على جذورنا المتأصلة في الأرض، وقيمنا وثوابتنا الصامدة في الأرض، وهي دلالة على حقنا الشرعي في بلادنا، وبمعرفتها تكون لدينا القدرة على دحض أية محاولات لنسب هذه الأرض إلى الكيان الصهيوني، أو محاولات نسب التراث الذي لدينا على أنه جزء من تراثهم. فهنا أهمية نضالية وطنية وقومية.

وتكمن أهمية التراث الفلسطيني في أنه يقودنا إلى الاطلاع على عظمة التاريخ الذي لدينا، وإلى روعة الحضارات التي سكنت في مدننا، ما يولد الدافع الذاتي لدينا لحماية هذه الآثار والمحافظة عليها، فيعزز الوعي الشعبي بأهمية الآثار الموجودة في مدننا وقيمتها بالنسبة لدينا.

ويعد التطريز جزءاً مهماً من حياة المرأة في القرية الفلسطينية، وهو فن شعبي ترثه وتنقله إلى بناتها وللأجيال القادمة من بعدها، وتستعمله لتزيين ثوبها التقليدي والكماليات الأخرى للباسها ولترتيب بيتها.

ولا شك أن نكبة فلسطين عام 1948 أثرت على سير التطريز الفلاحي وتطوره، فبعد أن كان مقتصراً على القرية إلى حد كبير، انتقل منها إلى المدن، وإلى أغلب البلاد العربية الأخرى مع آلاف الفلسطينيين الذين اضطروا إلى هجر بلادهم، بعد احتلالها وتشتيت أهلها، وقد ترك هذا الاغتراب عن الوطن وتفرق شمل العائلة الفلسطينية آثاره على نواحي الثقافة والحضارة الفلسطينية كافة.

أما عن استهدافه، فبعد أن سرق الكيان الصهيوني الأرض العربية الفلسطينية عام 1948 وجد نفسه غير مرتبط بها، لأنه لا يملك تراثاً حضارياً يربطه بهذه الأرض الفلسطينية، لذلك عمدت الحركة الصهيونية إلى محاولة سرقة التراث الفلسطيني، متبعة في ذلك طرقاً مختلفة:

1.تشويه الأزياء الفلسطينية بإدخال وحدات زخرفية إلى فن التطريز الفلسطيني.

2.سرقة الأزياء الشعبية الفلسطينية، ونسبها لكيان الاحتلال عن طريق:

أ.إقامة دور أزياء عالمية في عواصم أوروبا والأميركتين، وضعت فيها أزياءنا الشعبية الفلسطينية الأصلية، زاعمةً بأن هذه الأزياء من تراثها.

ب‌.إقامة مهرجانات دولية عرضت فيها رقصاتنا الشعبية.

ج.إقامة عدة معارض في عواصم أوروبا والعالم لأزيائنا الشعبية الفلسطينية، ومنها معرض الأزياء الذي أقامته زوجة موشي ديان في قاعة البيت الأبيض الأميركي، وكان لثياب فلسطينية أخذها الصهاينة عنوةً من أهلنا في الأرض المحتلة ونسبوها إليهم.

د. جمعت الحركة الصهيونية بعض الصناعات الشعبية الفلسطينية، التي توارثناها عن أجدادنا الكنعانيين، وهي (التطريز، الفخار، الزجاج، الصناعات الخشبية والمعدنية والجلدية..). وأصدرت كتباً عن "الفلكلور الإسرائيلي"، ووزعتها في مدن أوروبية وأميركية في المهرجانات والأعياد الوطنية والدينية، كما وزعنها في كبرى الفنادق مجاناً على النزلاء، لكي توهم العالم بالزّيف والتضليل بأن لها تراثاً

ه. نشرت صحيفة "الجيروزليم بوست" مقالاً وصورةً حول زي مضيفات شركة العال الإسرائيلية للطيران، مفاده أن زي المضيفات المطرز إسرائيلي، وهو في الحقيقة فلسطيني عرفه أجدادنا منذ مرحلة موغلة في القدم.

ختاماً، يعد التراث الفلسطيني جزءاً أصيلاً ومهماً في الحفاظ على مكونات القضية الفلسطينية، فلا تقل أهميته عن أهمية الحفاظ على قضايا جوهرية أخرى، ومنها اللاجئون والقدس، لما للتراث الفلسطيني من جذور ثابتة، مرتبطة بالشعب الفلسطيني في أرضه فلسطين منذ القدم، وهذا ما يتطلب من الشعب الفلسطيني اللجوء إلى الحفاظ عليه، والعمل على نشره وتعليمه للأجيال المتعاقبة، ولباسه في المناسبات الوطنية.

المصدر: العربي الجديد