القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 30 تشرين الثاني 2024

حاجز الاحتلال الإسرائيلي ينتقل إلى الدنمارك

حاجز الاحتلال الإسرائيلي ينتقل إلى الدنمارك

بقلم: ناصر السهلي

أول ما يقابلك وأنت تدخل باحة المعهد الأسلاك الشائكة التي تحيط الجدران، والحاجز الحديدي الدائري الذي يعرفه الفلسطينيون تحت الاحتلال، كممر إجباري. قال الدنماركيون: "لقد مررنا من معبر قلنديا في رام الله، وشاهدنا ما يعنيه الحاجز الذي يحيط بمدن وقرى الفلسطينيين".

هناك مرّ الدنماركيون عبر الحاجز، وإلى هنا أحضروه ليمرّ كل زوار المعرض عبره "وليشعروا بما يعيشه الفلسطينيون في يومياتهم"، على ما قالت طالبة دنماركية اختارت الملابس العسكرية بنفسها لتوضع عند الحاجز مجسدة جندي الاحتلال.

إنه معرض "حلم فلسطين" الذي نظّمه "معهد إعداد التربويين والمعلمين الدنماركي"، بعد رحلة دراسية لبعض طلابه وطالباته إلى فلسطين. عندما تدخله يختلط الشعر بالموسيقى والهتافات في خلفية المشهد، لتكتشف شاشات تعرض لحياة الفلسطينيين تحت الاحتلال، والعلم الفلسطيني بحجم كبير يغطي سقف الباحة.

استخدمت في العمل مجسمات ومؤثرات ضوئية وصوتية، وبني جدار تعلوه أسلاك شائكة، يحاكي جدران الفصل المحيطة بالمدن المحتلة التي زارها طلاب المعهد.

سأل "العربي الجديد" طلاب المعهد الدنماركيين عن كيفية كتابة كل تلك الشعارات باللغة العربية، فشرح الطالب سيمون كريستيانسن: "لقد قمنا بتصوير الشعارات من رام الله ونابلس والخليل وغيرها، ثم عدنا واستخدمنا التقنية الضوئية لنرسم الشعارات باللغة العربية. اخترنا أشعار محمود درويش مترجمة إلى الدنماركية، كما شارك معنا زميلان فلسطينيان برسم الخطوط العربية".

وعن مسألة الحواجز قالت الطالبة ترينا، التي كانت ترتدي ثوبا فلسطينيا مطرزا: "لم أكن أعلم شيئا عن واقع الشعب الفلسطيني صراحة. رحلتي القصيرة إلى هناك ومعايشتي لهم في المخيمات أبكتني وجعلتني أفهم كل شيء، بما فيه الغضب الذي لم أكن أفهمه عند الشباب الفلسطيني في الدنمارك".

تضيف ترينا: "لقد شاهدت بأم عيني كيف يمر الفلسطينيون من هذه الحواجز الحديدية الدائرية بما لا يليق ببشر إطلاقا. شاهدنا جميعا كيف يعاني فلسطينيو الخليل من المستوطنين. لم يحتج الأمر أن يخبرنا أحد شيئا... كل شيء بدا واضحا".

أبدى الطالب الفلسطيني لؤي أبو حسين سعادته بما حصل في هذه الرحلة قائلا: "لم أر فلسطين قبل هذه الرحلة. زملائي وزميلاتي أصيبوا بالصدمة والدهشة. حين عدنا لم يكن لديهم سوى الحديث مع الجميع في الكلية عما عايشوه. صرت ألاحظ منذ أسبوعين التغير الكبير في مواقف الطلاب. هذا أمر جيد بالنسبة لنا. نحن الفلسطينيون نحتاج لأن يكون لدينا تعريف أكثر بقضيتنا بغير الصورة النمطية، وهذا دورنا كشباب وشابات هنا في المجتمع".

فوجئ بعض الجمهور الفلسطيني الذي كان حاضرا بهذا العمل الدنماركي، فكان مالك البطران، ابن غزة، يدخل إلى المعهد ظانّاً أنه مجرد معرض صور. توقف البطران فجأة بلا حراك عندما وصل إلى المدخل. كأنه تجمد في لحظة "فلاش باك". قال لـ"العربي الجديد": " هؤلاء الطلاب والطالبات نقلوا فلسطين إلى هنا. هذه الأسلاك الشائكة أعرفها قبل مغادرتي غزة منذ 30 سنة. أعرف هذه الممرات الحديدية، والشعارات التي تغيظ الاحتلال والعلم الفلسطيني الممنوعة ألوانه حينها. هذا فعلا ما ينتشر على الجدران تحديا للاحتلال، فكتابة ما عن فتح وحماس والجبهات كانت تحدياً للاحتلال والعملاء".

قدّم أطفال من الجالية الفلسطينية وصلات من "الدبكة" بمشاركة الطلاب والمعلمين والمعلمات الدنماركيين، حيث اعتمر بعضهم الكوفية، وبعضهن ارتدين مطرزات فلسطينية.

حملت الدعوة إلى معرض "حلم فلسطين" الرسالة التالية: "إن الفلسطينيين لديهم حياة وهوية... لقد زرناهم في بلدهم وتعرفنا إليهم... نعرض عليكم نحن طلاب معهد إعداد التربويين والمعلمين الدنماركيين من خلال استخدام الوسائط المتعددة ومعرضنا وبعض الطعام الفلسطيني ما عايشناه عند هذا الشعب".

يقول مسؤول الرحلة المدرّس ستين بيدرسن لـ "العربي الجديد": "ذهبنا إلى فلسطين وتغلبنا على المخاوف التي كانت موجودة عند الطلاب. لقد وجدنا شعب فلسطين مضيافا، ولم نلاحظ أية مخاطر بالتجول ليلا بينهم. فكرتنا الأساسية هي أن نعود بطلاب آخرين كل ستة أشهر للتعرف أكثر إلى الشعب الفلسطيني...".

وعن المغزى التربوي من هذه الرحلات يشرح بيدرسن: نريد أن يتعلم طلابنا وطالباتنا الخلفية الحضارية والثقافية للشعب الفلسطيني. فهؤلاء يلتقون بهم في مجتمعنا، من دور الحضانات إلى المدارس والبلديات. يجب أن تكون لديهم خلفية صحيحة وليس أحكاما مسبقة".

يضيف بيدرسن: "كل ما بناه الطلاب هو انعكاس للواقع. حينما تنظر إلى ما قام به الطلاب في هذا المعرض تدرك التأثيرات والانطباعات التي بقيت عندهم. هذا المدخل الحديدي هو بالضبط من حواجز الإسرائيليين. وهذه الشباك المنصوبة هي بالضبط ما يوجد في الخليل. فهي تقي الفلسطينيين من رمي قمامة المستوطنين عليهم كنوع من محاولة الإذلال. هذا أمر شاهده الطلاب بأنفسهم. هم أرادوا أن يظهروا للجميع بأن الفكرة عن الفلسطينيين خاطئة عند بعضهم".

المصدر: العربي الجديد