حافة
الهاوية
بقلم:
يوسف رزقة
في مساء
الثلاثاء زعم الاحتلال أن صاروخا فلسطينيا من نوع جراد سقط في منطقة فارغة من السكان
بالقرب من اسدود. وفي فجر الأربعاء 27/5/2015م أغارت طائرات العدو على عديد من المواقع
التابعة لحماس، والجهاد، واللجان الشعبية، وزعمت أن هذا رد على إطلاق الصاروخ؟!
إنك إذا
تأملت الحدث، الفعل وردة الفعل، بحسب الرواية الإسرائيلية، تلمس أن حكومة الاحتلال
وقيادتها العسكرية تمارس عملية ترميم لمفهوم الردع الذي تآكل في حرب العصف المأكول،
وهي تتبنى آلية متطرفة في هذه المسألة تقوم على قاعدة "ما لا يتحقق بالقوة يتحقق
بمزيد من القوة"، وهي قاعدة اليمين، واليمين المتطرف داخل حكومة نتنياهو الجديدة
وخارج حكومته.
ماذا
يعني سقوط صاروخ في منطقة خالية من السكان على المستوى العسكري في ضوء احتلال غزة والضفة
والقدس؟! قرار حكومة نتنياهو لا يقوم على تقدير منطقي للحالة كما هي في الواقع، وإنما
يقوم على تقدير افتراضي متخيل للمستقبل مبني على قاعدة التخوفات المحتملة كما يراها
صانع القرار في "تل أبيب"، لذا يبالغ صانع القرار في قوة النار المستخدمة
لترميم حالة الردع، وإحباط إرادة المقاومة عند الفلسطيني ذاتيا. ومن ثمة فهو يناور
من خلال سياسة ( حافة الهاوية) بالتهديد بحرب جديدة.
من المؤكد
أن غزة بكل مكوناتها لا تريد حربا جديدة، لا سيما ونحن على أبواب شهر رمضان المبارك
الذي قضيناه في العام الماضي في ظل حرب قاسية ، وما زالت مخرجاتها ماثلة داخل بيوت
غزة وخارجها، وما زال المتضررون من الحرب يبحثون عن علاج شاف لما أصابهم.
غزة لا
تسعى لحرب جديدة، ولكن دولة العدوان غارقة في مزايدات داخلية تدعو لحرب جديدة في غزة،
لإصلاح فشل الجيش وهيبته في حرب الجرف الصامد. وهذا يجعل خطر الاستدراج لحرب جديدة
كبيرا، ويحتاج من قادة الفصائل مقاربة موحدة، فقد تتفجر الحرب في أي لحظة بحدث منفرد
معزول، بسب حالة الاحتقان الداخلية في الأحزاب الإسرائيلية التي تشعر بالمهانة من جراء
الحرب الأخيرة.
في غزة
ثمة إجماع وطني على رفض سياسات دولة الاحتلال في غزة؛ ومنها: سياسة ( الردع)، وسياسة
(القوة، ومزيد من القوة)، وسياسة (الاستدراج)، وسياسة (حافة الهاوية)، وغيرها من السياسات
التي تستبقي الحصار، وتمنع غزة من الحياة الكريمة، وتكبل مقاومتها، ولكن في غزة حكمة،
أو قل يجب أن يكون في غزة حكمة وحسن تقدير، وقراءة صحيحة للبيئة الداخلية والخارجية،
فليست كل البيئات وكل الأوقات صالحة لتفجير معركة؟!
من المؤكد
أن المقاومة ستنتصر، وأن التحرير أقرب إلينا مما كان، وأن المتغيرات تتحول لصالح فلسطين
والتحرير، وستجد دولة العدوان قريبا أنها أمام معادلات جديدة، لذا يجدر بالمقاومة أن
تأخذ بالحكمة كما تأخذ بالقوة. ولا يمكن التضحية بالحِكمة على مذبح الحماس الزائد
. والله غالب على أمره، ولن تغلب يهود المؤمنين، سنة الله ، ولن تجد لسنة الله تبديلا،
ولن تجد لسنة الله تحويلا.
المصدر:
فلسطين أون لاين