القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

حدود المخيّم

حدود المخيّم

بقلم: أيمن عبيد

من الصعب جداً أن تشعر بالحدود، مهما كان شكلها، إذا لم ترها: طبيعيةً كالجبال والأنهار والبحار، أو صناعيةً كالحواجز الاسمنتية والأسوار والأسلاك الشائكة وغيرها. لكن شيئاً ما غريباً كان يشعرني بحدود المخيم كلما غادرته أو دخلته. بضعة أمتار حين أقطعها أشعر بأني غريب. وإن عدت أدراجي وعبرتها مجدداً بالاتجاه المعاكس، يزول شعور الغربة.

كنت أظن أن شعوري هذا شيء يخصّني، فلم أصرح عنه لأحد. ربما لأنني توقعت أن يستغربه الناس! لكني عندما سمعت أحد الأصدقاء يقول:«لا أدري ما سبب هذا الشعور الذي ينتابني كلما وصلت إلى «حلوة زيدان»، أشعر بأني كنت مسافراً وعدت إلى الوطن» أدركت أني لست الوحيد وأن هناك سحراً ما في هذا المكان المخيم ـــــ الوطن.

تعودت في سنوات شبابي الأولى، وتحديداً في المرحلة الإعدادية، أن أخرج بصحبة الأصدقاء كلما سنحت الفرصة، في العيد مثلاً أو في العطلة الانتصافية وغيرها، وكان هناك ما يغرينا لزيارة الجامع الأموي، وسوق الحميدية وسوق الحمام. وكان هذا المشوار يعتبر مغامرةً من العيار الثقيل، لأن نشاطنا سيكون خارج حدود المخيم! على الرغم من أننا من سكان دمشق، إلا أننا كنا كالسياح تماماً، تملأنا الدهشة بكل ما نراه. وكان من الممكن أن نشتري شيئاً من البسطات المنتشرة في الأسواق، على الرغم من توفره على بسطات المخيم وبنفس السعر والجودة، وأحياناً قد نشتري شيئاً لا قيمة له ولا حاجة لنا به، ولكن في «سوق الحرامية» ما يغريك بالشراء. ثم من الطبيعي عند عودتنا أن نسرد قصصاً للأصدقاء الذين تخلّفوا عن الرحلة ونتباهى أمامهم بما اشتريناه من «البلد»، ومن المؤكد أنهم سيعجبون بـ«اللقطة» التي حظينا بها، لكن ما أذكره تماماً هو شعور الحذر المرافق لي طيلة المشوار، الحذر الممزوج بالغربة، والذي كان يتبدّد لحظة رؤيتي لـ«حلوة زيدان» من نافذة سرفيس «يرموك ـــــ حميدية».

على الرغم من أن بيتي كان بعيداً داخل المخيم، إلا أنّي كنت أحسّ بأني وصلت.

واليوم أغادر المخيم يوميّاً إلى عملي في وسط دمشق التجاري، ولا أزال أحسّ بالشعور نفسه كلما تجاوزت حدود المخيم.

المصدر: الأخبار