حرب غزة
الثالثة هل تحيي "محور الممانعة"؟
بقلم: ياسر ابو
هلال
خاضت حركة حماس
حرب غزة الأولى في ظل موازين قوى أفضل بكثير من الحرب الحالية الثالثة؛ كان محور
المقاومة في عزه. إيران كانت تقدم دعما عسكريا وماليا مفتوحا، وسورية كانت حاضنة
حقيقية لقيادات "حماس" السياسية والعسكرية، والصواريخ التي تضرب ساهم
الجيش السوري في تطويرها إلى درجة استخدام الطيران المروحي السوري في خدمة مطوري
الصواريخ. معطوفا على ذلك دعم سياسي تجلى في قمة غزة التي انعقدت في الدوحة.
في حرب غزة
الثانية، خسرت "حماس" الحليف الإيراني السوري، لكنها عوضته بقوة أكبر،
تمثلت في مصر التي وضع الرئيس المنتخب، محمد مرسي، إمكاناتها في خدمة القضية
الفلسطينية، وكانت القاهرة بؤرة لديبلوماسية مصرية تركية قطرية داعمة للمقاومة.
وشهدنا للمرة الأولى بالتاريخ زيارة رئيس الوزراء المصري هشام قنديل ووزراء خارجية
عرب لغزة. وبعد الحرب، سمحت مصر وساهمت بتدفق المساعدات الإنسانية لغزة، وغض النظر
عن الأنفاق التي تدفق منها السلاح أيضا.
في الحرب
الحالية، تخوض "حماس" معركتها في أسوأ الظروف. فإضافة إلى خسارة الحليف
الإيراني الذي جفف منابع الدعم المالي والعسكري، وخسارة سورية، تواجه
"حماس" حربا حقيقية من نظام عبد الفتاح السيسي؛ سواء بقصف الأنفاق أم
بمطاردة المقاومين أم بالخطاب السياسي المعادي للمقاومة والفلسطينيين بعامة، والذي
تجلى بشكل فج في محاكمة الرئيس المنتخب مرسي بتهمة التخابر مع "حماس"،
واتهام الحركة باقتحام الحدود وتهريب السجناء وتهديد الأمن القومي المصري.
هذا الموقف
المصري دفع واحدا من أعمدة الإعلام المساند للانقلاب، وهو عمرو أديب، إلى الخروج
عن طوره وسؤال السيسي عن وعوده بأن جيش مصر جاهز لمساندة أي بلد عربي، وأن كل ما
يحتاجه هو "مسافة السكة". وحمّله مسؤولية الشهداء الذين يقضون في غزة.
والواضح أن مصر الرسمية لن يتغير موقفها المعادي للمقاومة، وبالكثير ستستجيب لنداء
بان كي مون وتفتح معبر رفع لاستقبال الجرحى. لكن بحسب الصحافة الإسرائيلية، فإن
جنرالات مصر يريدون رؤية "حماس تنزف". وقبل الحرب زار مدير المخابرات
المصرية إسرائيل.
في المقابل،
يلاحظ أن ثمة تغيرا في الموقف الإيراني من "حماس"، ليس فقط من خلال
الدعم الإعلامي، فالمحافظون في إيران يشعرون أن الإصلاحيين يكسبون جولات مع الغرب،
وهم يريدون انسحابا إيرانيا من قضايا المنطقة سواء فلسطين أم سورية أو العراق.
ويسندون موقفهم إلى وضع الاستنزاف العسكري والمالي في المستنقع السوري والعراقي.
وانتصار الإصلاحيين هذا يعني نهاية لخط المحافظين الذي يدعمه المرشد.
يبحث المحافظون
عن صفقة من خلال إحياء محور المقاومة، وهذا لا يتم من دون تسوية الوضع السوري.
وبحسب مصادر قابلت شخصيات وازنة من المحافظين الإيرانيين، فإنهم مستعدون لتقديم
تنازلات في الملف السوري، والعمل على تسوية سياسية. وهم يدركون أن ما خسروه في سورية
يمكن أن يعوض من خلال إحياء محور المقاومة. لكن السؤال الكبير الذي لا يجيب عنه
الإيرانيون: هل يمكن الخروج من المستنقع السوري من دون خروج بشار من السلطة؟
لقد ارتكب
الإيرانيون جرائم كبرى في دعمهم لنظام بشار الأسد أو نوري المالكي، وما كان الأسد
ليبقى لولاهم. والدم السوري لا يختلف عن الدم الفلسطيني، لكن من الأفضل للسوريين
والإيرانيين وقف النزيف وتجرع سم الحل السياسي، وليس ثمة ما يغسل الخطايا مثل
القضية الفلسطينية!
الغد، عمان