حركةُ التحريضِ
الفلسطينية "فتح"!
محمد فايز الإفرنجي
في سابقةٍ يتعجّبُ
لها الأعداءُ قبل الأصدقاءِ؛ حينما تحملُ حركةُ "فتح" التي تعُدّ نفسَها
محرِّرةً للوطنِ.. مكافِحةً للاحتلالٍ.. حسبَما يحملُ اسمُها من معاني " حركة
التحرير الوطني فتح" !!
لقد سقطتْ حركةُ
فتح ومنظمةُ التحريرِ في شركِ الاحتلالِ؛ يومَ وقّعتْ اتفاقَ أوسلو؛ الذي جرّدَ هذا
التنظيمَ الفلسطيني من معاني وجودِه، ومما يحمِلُه من ثقافةٍ تحرّرٍ وكفاحٍ مسلحٍ،
بل وميثاقِها الذي قامتْ هذه الحركةُ على أساسِه، والتفَّ المواطنُ الفلسطينيّ حولَها؛
تحتَ هذا الشعارِ حينما كان فاعلاً.
اليومَ انسلختْ
هذه الحركةُ عن معاني وجودِها ولم يتوقفْ الأمرُ عند هذا الحدِّ، حيثُ باتتْ تعملُ
بنقيضِ ما تحمِلُه من مسمَّياتٍ, حينما رضختْ للاحتلالِ وشروطِه؛ في بقائها وإنشاءِ
السلطةِ الوطنيةِ تحتَ عباءةِ أوسلو.
كثيرةٌ هي الاتفاقاتُ
مع الاحتلالِ؛ من تنسيقٍ أمنيٍّ، إلى اتفاقٍ اقتصاديّ، إلى ما لا نهايةَ إليهِ من اتفاقاتٍ
كبّلتْ هذا التنظيمَ وهذه الحركةَ؛ التي باتتْ أسيرةً للاحتلالِ وبرنامجهِ في القضاءِ
على أيِّ مقاومةٍ فلسطينيةٍ مسلّحةٍ، والتفاوضِ على فتاتِ ما تبقّى من الوطنِ، وتصفيةِ
القضيةِ برُمَّتِها .
إن ما عكر مسيرة
حركة فتح في تطبيقها للنهج الاستسلامي هو حركة حماس على رأس الحركات المقاومة في فلسطين
وما تقوم به من إحباط لمخططات حركة فتح بتصفية القضية في غفلة من الشعب الفلسطيني.
اليومَ باتتْ حركةُ
فتح برئاسةِ "محمود عباس" عاجزةً أمامَ حركةِ المقاومةِ الإسلاميةِ
"حماس" وفشِلتْ في تأليبِ الشعبِ الفلسطينيّ عليها، بل أصبحتْ فاشلةً وهي
تشاهدُ الالتفافَ الشعبيّ العربيّ والإسلاميّ كما الفلسطينيّ؛ حولَ حركةِ "حماس"
خصوصاً بعد خوضِ الأخيرةِ حربَينِ ضدَّ الاحتلالِ الإسرائيلي، والتي أحبطتْ فيهما مخططاتِه
في السيطرةِ على غزةَ، وتسليمِها لحركة "فتح" وعناصرِها وأجهزتِها الأمنيةِ؛
التي تعملُ جنباً إلى جنبٍ مع مخابراتِ الاحتلالِ ضدَّ المقاومةِ الفلسطينية.
لجأتْ هذه الحركةُ
بعد الربيعِ العربي_ في محاولةٍ بائسةٍ_ لتشويهِ حركةِ "حماس" وزجِّها في
الأحداثِ الدائرةِ في كلٍّ من مصرَ الشقيقةِ وتونسَ، وتأليبِ الشارعِ العربي ضدَها؛
في نسجِ أكاذيبَ وتلفيقِ اتهاماتٍ تورِّطُ الحركةَ بالتدخُلِ في الأمنِ المصريّ والتونسيّ
على حدٍّ سواء.
وثائقُ تمّ اكتشافُها؛
حصلتْ عليها حركةُ "حماس" و عُرضتْ أمام العالمِ عبر الإعلامِ، كانت فاضحةً
لهذه الحركةِ التي لا تبالي بما يحدثُ للفلسطينيين من مضايقاتٍ وحصارٍ، بل وحتى في
بعضِ الأحيانِ التحريضُ على قتلِ هذا الفلسطيني، وتشويهِ سمعتِه، وتعرّضِه لأسوأ المواقفِ
والسبابِ والشتائمِ من قِبلِ الإخوةِ العرب .
وثائقُ تكشفُ تورطَ
حركةِ فتح وسفارتُها بالقاهرةِ في بثِّ الأكاذيبِ والشائعاتِ التي من شأنِها أنْ تؤثِّرَ
على المواطنِ الفلسطيني في مناحي حياتهِ؛ خصوصاً لسكانِ قطاعِ غزة المتاخمةِ للحدودِ
المصرية، والتي يربطُ بينهما معبرُ رفح؛ المنفذُ الوحيدُ للقطاعِ إلى العالمِ الخارجي.
حركةٌ فلسطينية
تدّعي الكفاحَ المسلح طريقاً لتحريرِ فلسطين، قبل أنْ تتورطَ وتبدّلَ ميثاقَ منظمةِ
التحرير؛ ليتناسبَ مع الاعترافِ بدولةِ الاحتلالِ، وحقِّها بالبقاءِ على الترابِ الفلسطيني،
تحرّضُ على إغلاقِ المعبر الوحيدِ لغزة، وبالتالي حصارُها وحصارُ الشعبِ الفلسطيني
بالكاملِ، جرّاءَ ما تقومُ به من مراهقةٍ سياسيةٍ لا طائلَ منها؛ سِوى المزيدِ من العذاباتِ
التي تضافُ لعذاباتِ الشعبِ الفلسطيني .
اليومَ تسقطُ الأقنعةُ
التي طالما كانت ساقطةً؛ لتكشفَ عن بشاعةِ هذه الحركةِ، وعدمِ اتزانِ ما تقومُ به من
أفعالٍ مشينةٍ ضدّ الشعبِ الفلسطيني، وضدّ المقاومةِ الفلسطينية بشكلٍ عام، وحركةِ
حماس ومقاومتِها بشكلٍ خاص.
درجتْ هذه الحركة
"فتح"على الخروجِ عن المبادئ والقيمِ لأيِّ حركةِ تحرُرٍ في العالم؛ يومَ
أنْ تقاطعتْ مصالحُها بمصالحِ الاحتلالِ؛ ضدّ أبناءِ شعبها، وتغوّلتْ للعملِ لصالحهِ،
من اعتقالاتٍ للمقاومين، وتنسيقٍ أمنيّ مع الاحتلالِ، إلى أنْ أصبحتْ الأجهزةُ الأمنيةُ
الفلسطينية التابعةُ لحركةِ فتح؛ ما هي سِوى أداةٍ للمخابراتِ الإسرائيليةِ، تتلقّى
منها التعليماتِ، وتشتركُ معها في العملِ ضدّ كلِّ ما هو مقاومٍ، والعملِ على قمعِ
الشعب الفلسطيني في الضفةِ المحتلة، بل والعملِ على مساندةِ الاحتلالِ بحصارِ غزة،
وتشويهِ سمعةِ الشعبِ الفلسطيني لدى الدولِ العربية، وزجِّه في خلافاتهم الداخليةِ؛
ليدفعَ المواطنُ الفلسطيني الثمنَ لهذه العبثية, ومن الجديرِ ذكرُه أنّ هذه الحركةَ
بأجهزتِها الأمنيةِ تمدُ الاحتلالَ بكافةِ البيانات والمعلوماتِ الحساسةِ عن المقاومةِ
الفلسطينيةِ، والمساهمةِ في إحباط أيِّ عملٍ مقاومٍ ضدّ الاحتلالِ بالضفةِ الغربية
بشكلٍ خاص، حيث تسيطرُ أجهزتُهم الأمنيةُ التي تعملُ لحمايةِ المستوطنينِ وجيشِ الاحتلال.
إنّ ما قامت به
حركة فتح مؤخّراً في زجِّ الفلسطيني بشكلٍ عام، وحركةِ المقاومةِ الإسلاميةِ حماس بشكلٍ
خاص في ما يجري من أحداثٍ، إثرَ الانقلابِ الدموي على الشرعيةِ المصريةِ؛ لهو خروجٌ
على كافةِ المسمّياتِ الوطنيةِ والمبادئ إلى أنْ تحوِّلَ هذه الحركةَ إلى جهةٍ معاديةٍ
للقضيةِ الفلسطينيةِ، وحركاتِ المقاومةِ بشتَّى أسمائها ومكوّناتِها.
هنا نجدُ أنّ حركة
فتح أسقطتْ نفسَها من قاموسِ الوطنيةِ، وتجاوزتْ الخطَّ الأحمرَ في معاداتِها للشعبِ
الفلسطيني ،وعلى هذه الحركةِ الآنَ أنْ تقفَ وقفةَ محاسبةٍ ومفاتشةٍ مع نفسِها؛ لتعيدَ
تقييمَ أهميةِ وجودِها والاستمرارِ في تعاطيها مع الاحتلالِ، وتنفيذِ أجندتهِ دونَ
تفكيرٍ أو رَويَّةٍ، لما لهذه التصرفاتِ الصبيانيةِ العبثيةِ البعيدةِ كل البعدِ عن
الوطنيةِ، ولما لهذه التصرفاتِ من انعكاساتٍ على القضيةِ الفلسطينيةِ والشعبِ الفلسطيني.
إنّ معاداةَ هذه
الحركةِ لأبناءِ شعبِها؛ يُسقِطُها من حساباتِ الوطن، ويجعلُها تصطفُ تلقائياً بجانبِ
الاحتلالِ، بل بجانبِ كلِّ من يعادي الشعبَ الفلسطيني، ويرفضُ مقاومتَه للاحتلالِ؛
في السعيّ الطبيعيّ لممارسةِ حقِّه لتحريرِ فلسطين، وإقامةِ الدولةِ الفلسطينيةِ الحرةِ
وعاصمتُها القدس.