القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

حريق الأقصى يشتعل.. والطُّعمُ الاقتحامات والتنكّر العربي!

حريق الأقصى يشتعل.. والطُّعمُ الاقتحامات والتنكّر العربي!

بقلم: هبة الجنداوي

مخطئٌ من يظنّ أنّ ذلك الحريق الذي أضرمه السائح الأسترالي الصهيوني مايكل دينس روهن في المسجد القبلي للمسجد الأقصى عام 1969 قد أُطفئت ألسنته! ومخطئٌ كذلك من يأمن قلبه بأنّ مرحلة حريق الأقصى قد ولّت وأنّ الاحتلال لن يكرّر تلك الجريمة مرةً أخرى خوفًا من العقاب!

أيّ عقابٍ ذلك الذي سيطال "إسرائيل" في غيّها واستفحالها في المسجد الأقصى بعد تلك الجريمة؟

فمحاولة الاحتلال تبرير جريمة إحراق المسجد للرأي العام العالمي بأنها فردية والحجة "أنّ السائح مجنون" لتخرج منها كالشعرة من العجينة، وسط بعض الاستنكاراتٍ العربية والشجب والقلق الذي لا يُغني ولا يُثمن من جوع، هو ما أعطى إسرائيل الأمان في افتعال ما يحلو لها في الأقصى، طالما أنّ التحرّك اقتصر على بضع كلمات واستنكارات لا طائل منها!

لم يكن ذلك الحريق المشؤوم هو الوحيد الذي استهدف الأقصى، بل كان أولى قطرات الشرّ الصهيوني الذي يُغرق المسجد في براثنه يومًا عن آخر! فالحرائق مستمرة منذ احتلال القدس عام 1967، هل نسينا تلك الخلايا الصهيونية التي تمّ الكشف عن مخططاتها الفعلية لنسف المسجد الأقصى، وتلك الأسلحة التي تمّ تهريبها عام 1983 إلى داخل المسجد لتفجيره في حينها؟

تلك الحرائق لا تزال مشتعلةً بل تزداد دائرتها مع التعبئة التوراتية التي تتّبعها الدولة العبرية لأبنائها، والتي تشكّل عوامل تحفيز للانقضاض على المسجد الأقصى، فكم من صورٍ تداولها روّاد مواقع التواصل الاجتماعي تُظهر أطفالاً يهود يتجرّعون الحقد والكراهية ضدّ الفلسطينيين والمسلمين على يد حاخاماتٍ تشرّبوا كذب الدولة العبرية وخداعها حتى النخاع!

وعلى الضفة الأخرى نرى دولنا العربية بوادٍ آخر حتى في ظلّ ذلك التاريخ المشؤوم الذي أحرق فيه الأقصى.. يوم أن اكتفى حكّام العرب بعقد قمةٍ في الرباط تمّ فيها إنشاء منظمة التعاون الإسلامي عام 1971 لتنبثق تحت جناحها لجنة القدس عام 1975 حيث أُسندت رئاستها إلى الملك الحسن الثاني ملك المغرب، بهدف دراسة الوضع في مدينة القدس، أو حتى تبرئ ذممهم بأنهم فعلوا شيئا لأجل الأقصى!

في الوقت ذاته يصعّد الاحتلال من اعتداءاته الممنهجة على المسجد الأقصى والمصلّين، في مخططاتٍ توازي بخطورتها خطر الحريق.. فمع انتفاضة الأقصى عام 2000 إثر اقتحام شارون للأقصى، بدأت مرحلة جديدة من الاقتحامات وبوتيرة أشدّ مع دعوات بضرورة تدمير كلّ ما يدنّس "جبل الهيكل" والمقصود هنا تدمير المسجد الأقصى.

ثمّ تغيرت الفتوى ولأول مرة يُسمح لنساء يهوديات بدخول الجبل مع أنّ الشريعة اليهودية تحرّم على المرأة الصلاة بحجة أنّها نَجِس. فتزايدت الدعوات للاقتحامات من خلال جلب الخمر والنساء، ومحاولاتِ عقد القران لبعض اليهود في ساحات الأقصى، وتصوير الصلوات اليهودية، والاقتحامات التي تصاحبها قوات الاحتلال وضرب المصلين بالرصاص المطاطيّ والحيّ.

ومع بناء الاحتلال جدار الفصل العنصري الذي أعطى الاحتلال قدرةً أكبر في التحكّم بالمسجد، بات منع المسلمين من أداء الصلوات فيه فرضًا يوميًا يمارسه الاحتلال، وما هو إلاّ دليلٌ على اتّساع الجريمة وامتداد ألسنتها إلى كافة مساحة المسجد ومدينة بيت المقدس!

منذ ٤٧ عامًا سمع العالم عن حريق الأقصى وأدركوا حجم الخطر الذي تهدّده في ذلك الحين، لكنهم هل أدركوا أنّ الحريق رغم تلك السنون المنقضية لم ينطفئ بعد، وألسنته تلتهم معالم المسجد وتلتهم معها كرامتنا وأمجادنا يومًا عن آخر؟!

المصدر: موقع مدينة القدس