"حزب الله" يحاول
إصلاح العلاقة مع (حماس)
بقلم: برهان ياسين
شاب الفتور العلاقة بين حركة "حماس" و"حزب الله" خلال العامين
الماضيين، باعتراف قادتهما، ووصل ذروته مع تناقل بعض وسائل الإعلام المقربة من حزب
الله أخباراً عن مشاركة حركة حماس في معارك في سوريا، الأمر الذي نفته الحركة، ولم
تَثبت صحته، أو تؤكده جهة محايدة، وكذلك مع طلب حركة (حماس) من حزب الله الانسحاب
من سورية حفاظاً على الوحدة الإسلامية، ومنع تفاقم الصراعات المذهبية في المنطقة
"والتي لا تخدم إلا الكيان الصهيوني".
الحرارة بدأت تعود إلى شرايين
العلاقة بين الفصيلين المقاومين خلال الفترة الأخيرة، وقد ظهر ذلك من خلال لقاءات
متعددة، وتعميم حزب الله إلى كوادره وعناصره بعدم انتقاد حركة حماس، كما نشرت
صحيفة "الأخبار" القريبة من حزب الله، وكما بدا واضحاً من خلال تشديد
قيادة الحزب في العديد من اللقاءات على المشترك المقاوِم مع (حماس). وتكلل كل ذلك
بما نُقل عن أمين عام حزب الله السيد حسن نصر الله في لقاء مع كوادره من أن (حماس)
لم تشارك في معارك سورية.
وكان انعكاس ذلك واضحاً أيضاً من خلال الفصائل
الفلسطينية المتحالفة مع حزب الله، حيث عادت إلى محاولة وصل ما انقطع مع الحركة
الإسلامية. لكن ما الذي دفع حزب الله إلى إعادة تقييم مواقفه؟
إن حزب الله من خلال تدخله في سورية،
ووفق مطّلعين، قد تسبّب بأذى لا يمكن
تجاهله في علاقاته العربية، الرسمية منها والشعبية. فأمينه العام رُفعت صوره في
الأزهر عام 2006، وهو لم يتسنّ إلا لعدد محدود من القادة العرب والمسلمين، وهذا
الأزهر عاد ليُصعد رئيس الوزراء الفلسطيني إسماعيل هنية إلى منبره، ويعلو هتاف
الجماهير عند ذكر شعب سورية.
فحزب الله، لا يمكن أن يعيش حالة إنكار للواقع
العربي والإسلامي المعارض لتدخله في سورية، والمناصر لحقوق الشعب السوري في نيل حريته
وكرامته والعدالة الاجتماعية التي ينشدها. وحزب الله لا شك أنه يستطلع هذا الواقع
من خلال الصحافة والعالم الافتراضي.
إضافة إلى ذلك أن حزب الله بدأ يشعر
بخطر جملة من الأحداث والوقائع المتتالية التي تشير إلى محاصرة حزب الله، واحتمال
تنفيذ عدوان يستهدفه. من هذه الوقائع: تشديد الحصار الاقتصادي على إيران من خلال
رزمة العقوبات الأميركية الجديدة، والتي يحذّر خبراء اقتصاديون أنها في حال
تنفيذها كما هي واردة في النصوص فإن تأثيرها الاقتصادي سيصل دون شكل إلى حلفاء
إيران في المنطقة ومن بينهم حزب الله. ولا يمكن تجاهل الملاحقات التي يتعرّض لها
بعض رجال الأعمال المرتبطين أو المتعاطفين مع حزب الله بدءً بأفريقيا وصولاً إلى
أميركا الجنوبية، بما يُنذر بخطة لحصار مالي مشدّد على حزب الله. يُضاف إلى ذلك
قرارات مجلس التعاون الخليجي في حزيران الماضي بملاحقة المعاملات المالية لمنتسبي
حزب الله. ولا يفوتنا قرار الاتحاد الأوروبي بوضع الجناح العسكري لحزب الله على
لائحة الإرهاب، وتحديد بدء المحاكمات في قضية اغتيال الحريري.
كل ما تقدّم دفع حزب الله إلى إعادة
تقييم موقفه من حركة (حماس)، ومناوئيه في الداخل اللبناني، في محاولة منه لفك طوق
العزلة، فكان قراره الداخلي بالتهدئة والدعوة للحوار، وخفض منسوب التوتر في الخطاب
الإعلامي. وعلى الصعيد الخارجي سعى إلى إعادة تظهير علاقته بفلسطين والفصيل
المقاوم الأبرز؛ حركة (حماس)، بعدما وصل إلى قناعة أن علاقته المستجدة برئيس
السلطة الفلسطينية محمود عباس لم تأت بثمار تُرجى، حيث للأخير حساباته الدولية
ومشروعه الخاص، ومحاولة خلق فصيل بديل فلسطيني مقاوِم لا يمكن أن تحرز أي نجاح
لأسباب ليس في المقام متسع لذكرها. لكن هل تقبل حركة (حماس) مبادرة حزب الله،
وتصفح عمّا لحق بها من أذى إعلامي وصل حدّ تصنيفها ضمن المحور الأمريكي-
التركي-القطري؟ تجيب مصادر في الحركة أن (حماس) همّها وشاغلها هو كيفية الحفاظ على
الوحدة الإسلامية التي تُستهدف من خلال عناوين شتى، وكذلك استمرار المقاومة في ظل
السعي لوأد القضية الفلسطينية من خلال
تسوية مذلّة يجري الترويج لها.
المصدر: منتدى الإعلاميين
الفلسطينيين