حق العودة... الحقيقة والحلم!!
نواف أبو الهيجاء
تتردد في هذه الأيام وتتصاعد النبرة ويزداد عديد الموافقين على مقولة: (العودة للبلاد يوم 15 آيار 2011, أي في ذكرى النكبة) قيل إن شبان فلسطين في الشتات تدارسوا هذا الأمر على مواقع التواصل الاجتماعي (مثل الفيسبوك) واتفقوا على القيام بعملية زحف جماعي نحو الوطن المحتل (لقد حان موعد العودة) وإذا كانت الأمم المتحدة قد قررت أن للفلسطينيين اللاجئين حق العودة إلى وطنهم ولم يتم تنفيذ القرار (194) هذا بعد مرور نحو ثلاثة وستين عاماً على صدوره , فما يحدث في الساحة القومية من عملية نهوض وحراك وإحياء جديد - بل انبعاث لمشاعر الوحدة والعزة والقدرة على النهوض بتحمل المسؤوليات التاريخية فإن من حق هؤلاء الشباب الحلم بالعودة وطلب العودة والسعي إليها، وهم بالملايين، لأن شعبنا الفلسطيني شاب، ولأن الحنين للوطن يبقى شاباً وبه كل نزق الشباب وصبواته وأحلامه المشروعة، بل قل أحلامه النبيلة.قد يقال إن هؤلاء الشباب حالمون - رومانسيون - بل قال بعض الناس هم (طوباويون) - أي أنهم يعيشون في الخيال، الحمد لله ان هؤلاء لم يتهموا شبابنا الفلسطيني بالعيش في الوهم. إن ما يثير الإعجاب بهؤلاء الفتية هو أنهم جميعاً - دون استثناء- وأنا على يقين من ذلك، لم يعيشوا في فلسطين الوطن ولو ليوم واحد فإن كانت النكبة وقعت في العام 1948 فإن الشباب المعنيين اليوم لا يتجاوز عمر كبيرهم أربعين عاماً، وقل حتى خمسين - إن قبلنا بأن ذروة العمر المقبول بالنسبة للشباب «هو الخمسون»، ومعنى ما أريد قوله هو أنهم جميعاً كانوا يحلمون بوطنهم، وأنهم ورثوا كل القضية من الآباء ومن الأجداد أيضاً. طوباويون لا؟ حالمون: أجل. لنتساءل: أي أمر تم دون ان يكون مسبوقاً بحلم نبيل وجميل ومشروع؟ وأي حلم أجلّ وأكثر معقولية وشرعية وجمالاً وحقاً من حق الفلسطيني اللاجئ في العودة إلى وطنه؟ وقد يقال: إن حكمنا على طوباوية ما يطرحه هؤلاء الشباب نابع من حقيقة أو احتمال أنهم ربما لن يستطيعوا حتى التجمع في مكان لصيق بفلسطين، ولكن من يؤكد مثل هذا الأمر؟ ومن ينفيه أيضاً؟ ربما يمكن أن يصبح تجمع هؤلاء الذين يقال إنهم أصبحوا بالآلاف خلال أيام معدودات، ومن شتى أصقاع الأرض، عربية وأوروبية وأميركية وآسيوية وأميركية لاتينية ومن استراليا وأفريقيا، حقيقة واقعة. ربما إن من حق هؤلاء الفتية والشباب أن يحتجوا على ظلم العالم ممثلاً بالمجتمع الدولي الحقيقي والمصادر من قبل القوى الفاعلة فيه على حد سواء وبطريقة لم يعهدها المجتمع الدولي سابقاً. ولم لا؟ فالعالم ما عاد واسعاً اليوم. والاتصالات جعلته قرية صغيرة، بل يمكن أن يكون العالم كله بحجم يضيع في جيب عميق من جيوب سترنا وسراويلنا أيضاً، عليه فالاحتجاج على هذه الطريقة سيصل حتماً وفوراً، وربما على الهواء مباشرة وبالصورة والصوت إلى أسماع وأنظار أهل الأرض كلهم حتى أولئك الذين كانوا دائماً معنيين بأمن المحتلين وبتسلطهم وبنجاتهم من العقاب ومن المساءلة ما جعلهم يدمنون الإجرام بحق شعب فلسطين في داخل الوطن المحتل وفي خارجه على السواء، وإلى درجة أن المحتلين، وبعد هذه السنوات، لم يبينوا حدود (دولتهم) العنصرية الفاشية والإرهابية... فكانت الكرة الأرضية مسرح مطارداتهم لشبابنا ونشطائنا وقادتنا البواسل دون أن ينالوا العقاب الصارم والرادع وكما أن السفر إلى الفضاء والكواكب كان حلماً وأضحى قريباً من الحقيقة بل حقيقة واقعة فإن العودة إلى فلسطين حلم أيسر وأكثر التصاقاً بالأرض وأكثر واقعية وهو مدعوم بقرارات الشرعية الدولية إياها. يبقى السؤال: ماذا سيكون رد فعل المحتلين العنصريين إن تجمع نحو مليون إنسان فلسطيني من اللاجئين مالكي حق العودة وباشروا الزحف المقدس نحو وطنهم؟!! ماذا ستقول ارض فلسطين التي ستعرفهم وتعلن براءتها من المغتصبين؟!!
المصدر: جريدة الثورة السورية