القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

حكايتي مع تل الزعتر

حكايتي مع تل الزعتر

بقلم المحامي حسن عبادي

وضعنا نصب أعيننا في نادي حيفا الثقافي إحياء ذكرى مذبحة تل الزعتر، ومحاربة كل أشكال التغييب أو التهميش للمجزرة، التي ظلت خارج الضوء، ولم تحظ بتغطية كافية من وسائل الإعلام فقد تناقلتها بانتقائية وضبابية!

يحاولون تشويه تاريخنا وطمس معالمنا لاعتقادهم بأن هذا كفيل لجعل شعبنا ينسى تاريخه، قالت غولدا مئير يومًا : كبارهم سيموتون وصغارهم سينسون .

يعتقدون أن التاريخ لهم وحدهم، ولا أحد غيرهم مرّ عبر بوابة التاريخ ، يحتكرون المذبحة، يحاولون طمس ذاكرتنا الجماعية وكيّ وعيِنا واحتكار دور الضحية على مدى التاريخ، لكنهم لا يعلمون أن إرادة الحياة هي ملك شعبنا، فجاءت وثيقة الدكتور عبد العزيز اللبدي "حكايتي مع تل الزعتر” سلاحًا معرفيّا في وجه أعداء المعرفة والحضارة وإنسانية الشعوب لتكون أرضية صلبة يقف عليها كل فلسطيني كي يتحدّى ، ويتحدّى كي ينتصر. إنه أداة نضاليّة من أجل الحرية.

رأينا في نادي حيفا الثقافي استضافة د. عبد العزيز اللبدي بمناسبة احياء السنوية الحادية والأربعين للمجزرة ضرورة لا بد منها، وعليه، توجهنا اليه لبحث إمكانية مشاركته ايّانا، فوافق بحماس ودون تردد وأضاف: "وأكون في غاية السرور إذا توفرت طبعة جديدة من الكتاب عندكم، لأنني أرى أن أهم جمهور أحب أن يطلع على هذه التجربة، هم الأهل في فلسطين”.

وها تترافق الاستضافة مع إصدار الكتاب في حيفا، مسقط رأس المؤلف عبد العزيز اللبدي، تحقيقًا لرغبته (أشكر مرة أخرى كل من ساهم في إصدار الطبعة الثانية وأخص بالذكر زميلي المحامي فؤاد مفيد نقارة، والفنان ظافر شوربجي الذي صمم الكتاب، وسأتطرّق للكتاب قريبًا).

قمنا بترتيب الأسبوع بتنظيم أمسيات في حيفا، الناصرة، طمرة، كفر قرع وشفاعمرو (قوى الظلام نجحت أن تلغي أمسية الطنطورة الفريديسية) ورأينا أن يرفق الأسبوع إشهار الكتاب ومعرض لوحات بريشة الدكتور يوسف عراقي الذي كتب بدوره كتاب "يوميات طبيب في تل الزعتر” (بالمناسبة، سيتجوّل المعرض مدة سنة كاملة في بلداتنا العربية) تزامنًا مع يوم المجزرة 12 آب.

نشرنا برنامج الأسبوع عبر صفحة "نادي حيفا الثقافي” والصحف المحلية والمواقع الالكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي وعبر عشرات صفحات الفيس بوك المتزامنة للجميع.

قوى الظلام التي حاولت تغييب وتهميش مجزرة تل الزعتر في حينه ما زالت تعمل جاهدة في هذا النهج، فحين أعلنّا "أسبوع ذكرى تل الزعتر” تواصلنا منذ شهور مع سلطات محلية ورتبنا الأمر وأعلنّاها ولكن صُدمنا بإلغاء إحداها بحجّة انشغال الرئيس بالتحضير للسنة الدراسية لكننا وجدنا البديل، وبإلغاء ثانيةً عبرَ ال- إس .إم.إس – من رئيس مجلس محلي مُنتخب بحجّة "خلافات قوية بين الأوقاف وأئمة المساجد !!!”، واستمرت المهزلة حين علمنا نصف ساعة قبل إحدى الأمسيات خبر غياب رئيس البلدية الشريكة بالأمسية، ورئيس بلدية أخرى يتبخّر مكتبه ساعة اللقاء المحدّد معه في ديوانه، والوحيد الذي تجرأ على المشاركة كان الدكتور سهيل ذياب – رئيس بلدية طمرة.

بدايةً كانت أمسية حيفا يوم الخميس 10.08.17 التي أدرتها وشاركت فيها ضحايا تل الزعتر منى أحمد قيس – إم أحمد – والدكتورة نوخة نجمي-خطيب بشهاداتهن، الدكتور يوسف عراقي بتحية مصوّرة، الشاعرة رحاب كنعان –خنساء فلسطين- بتحية وقصيدة مصوّرة والفنان الملتزم ألبير مرعب ، وتخلّل الأمسية تسليم اللبدي النسخة الأولى من كتابه الذي أصدر في حيفا وصمم الطبعة الحيفاوية الفنان ظافر شوربجي تطوّعًا ورافقه المحاميان فؤاد نقارة وحسن عبادي، تلاه تسليمه لوحة "تل الزعتر” بريشة د. يوسف عراقي وتصميم الفنان ظافر شوربجي وشارك في ذلك إضافة للمحاميين حسن عبادي وفؤاد نقارة رئيس تحرير جريدة المدينة الحيفاوية السيد رشاد عمري، وبعدها شاركهما الأديب حنا أبو حنا والسيد جريس خوري ممثلًا عن المجلس الملي الأرثوذكسي – راعي نشاطات النادي- بتقديم درع التكريم للدكتور اللبدي.

تلتها أمسية الناصرة يوم الجمعة 11.08.17 التي أدارها الشاعر مفلح طبعوني وشارك فيها السيد نمر ناصر – رئيس الهيئة التمثيلية للطائفة الارثوذكسية في الناصرة، المحامي فؤاد نقارة – رئيس نادي حيفا الثقافي، الدكتور سمير خطيب – رئيس رابطة خريجي الاتحاد السوفييتي، الزجال الملتزم حسام برانسي والبروفيسور محمود يزبك.

تلتها أمسية طمرة يوم السبت 12.08.17 التي أدارها المحامي فؤاد نقارة وشارك فيها الدكتور سهيل ذياب – رئيس البلدية ، المحامي حسن عبادي، الفنان الملتزم لبيب بدارنة، الشاعرة نهاية كنعان-عرموش والكاتب والإعلامي وديع عواودة وتخللتها وقفة دقيقة حداد على أرواح شهداء تل الزعتر.

تلتها أمسية كفر قرع يوم الأحد 13.08.17 التي أدرتها وشاركت فيها د. تغريد يحيى-يونس بتحية جمعية الزهراوي المضيفة والدكتور يوسف شحادة.

تلتها أمسية شفاعمرو يوم الإثنين 14.08.17 التي أدارتها الدكتورة لينا حبيب الشيخ حشمة وشاركت فيها السيدة عزيزة ذياب بتحية ، المحامي حسن عبادي، الزجال الملتزم شحادة خوري، اليافع مروان محمود سرية بزعترية لمعين بسيسو، الشاعرة نهاية كنعان-عرموش والباحثة هبة يزبك.

هذا وشارك كل الأمسيات مداخلة رئيسة للدكتور عبد العزيز اللبدي وشرحه عن المجزرة مرفق بعارضة محوسبة ومعرض لوحات الدكتور يوسف عراقي.

رسالة مفتوحة لفرسان الفيس بوك في الوطن الحبيب

توقعنا أن يشارك فرسان الفيس بوك بأمسياتنا، وخاصة العشرات من أصدقاء الدكتور يوسف وأصدقاء موقع تل الزعتر وهم أوّل من "يُليّك” لكل تغريدة ، واحتراما لذكرى الشهداء والمجزرة، وكي يتمتعوا بمشاهدة لوحات صديقهم في معرضه ، بجودة عالية وأفضل من جودتها الفيس بوكية ، ولكن خذلونا ، كل ومعه سببه الذي يبدو أنه أهم بكثير من المجزرة وذكراها.

رحم الله المتنبي : "من يهن يسهل الهوان عليه …. ما لجرح بميت إيلام”

نثمّن غاليًا نيّة المئات من هؤلاء الفرسان ، وكذلك أدباءنا وأهل القلم وساستِنا (طبعًا باستثناء الدكتور الطمراوي سهيل ذياب) الذين كان بنيّتهم المشاركة في "أسبوع إحياء ذكرى مجزرة تل الزعتر” ولكن تعذّر عليهم ذلك بسبب انشغالاتهم، ولربما التوقيت الخاطئ الذي لم يأخذ بعين الاعتبار انهماك الناس وانشغالهم بالمناسبات والأعراس (على حد قول أحدهم)، (الله يسامحنا يا فؤاد نقارة) فجاء جواب الضحايا ومن نجى من براثن الموت مجلجلًا : أن تاريخ المجزرة 12 آب وذكراها تقرّر على يد الغاشمين القتلة وكان ضحيتها أكثر من 3000 شهيد وألاف الجرحى والمشردين الذين ما زالوا يعانون ولم يأخذ أولئك القتلة بعين الاعتبار لا المناسبات ولا الأعراس.

وكذلك نثمن غاليًا كل مَن كان مِن المفروض أن يشارك بشهادة أو مداخلة في إحدى الأمسيات ولسبب لا يعرفه غير الله لم تواتيه حتى الأن الجرأة، ولربما ليس لديه الوقت، ليعتذر من الضحايا عن هروبه من المشاركة، فنحن مدينون لهم بأسمى آيات الشكر والعرفان.

الله يرحمك يا جيفارا: "أنا لا ألوم الذين لا يعملون، ولكن، ألوم الذين يجرح شعورهم أن يعمل الآخرون”.

موعدنا يوم الخميس 09.08.2018 لإحياء الذكرى الثانية والأربعين للمجزرة في نادي حيفا الثقافي (الحاضر يِعلم الغائب) فرجاءً أيها الفرسان : بلاش تعيين سهرات في هذا اليوم.

وأخيرًا، شكرًا لك أخي الدكتور يوسف، شكرًا لك أخي الدكتور عبد العزيز ، فأنتما ما زلتما هناك …وهنا… وفي كل مكان … رافعين علم تل الزعتر … حاملين الشعلة … لتنيرا درب العودة!

لن ننسى، ولن نسامح أو نغفر لأحد، مهما تعددت سمات القاتل وتغيرت صورة الجلاد.

المجد والخلود لشهداء تل الزعتر الأبرار