القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

حماس باقية في قطر

حماس باقية في قطر

د. عدنان أبو عامر

منذ الإطاحة بحكم الرئيس المصري المنتخب محمد مرسي أوائل يوليو الماضي، وتضييق الخناق على حركة حماس، أثيرت تساؤلات عديدة حول الغياب الملحوظ لزعيمها خالد مشعل، الذي امتد أكثر من شهرين متواصلين، فهو لم يزر أي عاصمة عربية، ولم يظهر على أي شاشة تلفزيونية، بما في ذلك قناة الجزيرة التي تبعد بضعة أمتار عن مقر إقامته، إلى أن ظهر فجأة على شاشتها يوم 24 سبتمبر الماضي.

وقد أكد عزت الرشق مسئول الملف الإعلامي لحماس في الخارج أن إقامة مشعل في قطر لم يطرأ عليها أي تغيير مع باقي قيادة الحركة، واصفًا ما ذكر في بعض الصحف بأنه كلام موجه مقصود منه الإساءة لحماس.

وذكر في حوار حصري مع كاتب السطور أن قيادة حماس لم تطرح موضوع مغادرتها لقطر على أجندة النقاش إطلاقًا؛ لأنها لا ترى داعيًا لذلك، وترى أن الكثير من الدول العربية مفتوحة أمامها، رغم ما قد يراه بعضٌ تضييقًا للخناق عليها.

ونفى نائب رئيس المكتب السياسي لحماس د. موسى أبو مرزوق المقيم في مصر صحة الأنباء التي تحدثت عن ضغوط يواجهها رفيق دربه مشعل في محل إقامته الحالي بالدوحة مع كوادر وقيادات الحركة الموجودين هناك، عادًّا إياه كلامًا عاريًا من الصحة، ومجرد أكاذيب.

• حرية الحركة

في الحوار الخاص نفسه أكد الرشق الذي يوصف بأنه الأقرب إلى أذن مشعل، ويستشيره في معظم قراراته أن الدولة القطرية توفر لحماس كامل التسهيلات التي تطلبها، وتفسح المجال لمشعل بممارسة أعماله كافة دون مضايقات، بل إنه يرتبط بعلاقات وثيقة مع قيادة الدولة، وعلى رأسها الأمير تميم.

وقد تواصلت مع إعلامي قطري مرموق، رفض كشف هويته، أكد أن مكان السكن الخاص بمشعل في وسط الدوحة المسمى "المضافة" لا يكاد يفرغ من الضيوف من داخل الدولة وخارجها على جميع المستويات: دبلوماسيين وسفراء وسياسيين ومثقفين.

وذكر أن جميع الفعاليات السياسية والثقافية التي تجرى في قطر الضيوف الذين يأتونها من معظم دول العالم لابد أن تشمل إقامتهم في الدوحة لقاء خاصًّا مع مشعل، حتى كتابة هذه السطور.

ولعل ما ينفي صحة المضايقات التي يعرض لها مشعل في قطر ظهوره العلني على قناة الجزيرة يوم 23 سبتمبر الماضي، وهي الناطقة باسم السياسة القطرية، وإعلانه أن غيابه عن الإعلام خلال المدة الماضية جاء بسبب حالة الحراك المتلاحق في المنطقة العربية، وقد فضل أن يغيب عن الأنظار بعض الوقت بصورة مقصودة.

أكثر من ذلك إن مشعل سيلقي خطابًا سياسيًّا، وصفه بـ"المهم"، في الأيام القادمة من العاصمة القطرية الدوحة، حيث يقيم حاليًّا، سيحاول فيه توضيح السياسة العامة لحركته خلال المرحلة المقبلة تجاه الأحداث المختلفة، وسيتطرق إلى الأوضاع في الأراضي الفلسطينية عمومًا، متناولًا طبيعة علاقة حركته مع دول الجوار، ما يعني عدم فرض قيود على تحركاته وتصريحاته.

• خيارات إضافية

حالة الأريحية التي تعيشها حماس في قطر لا تعني أن الحركة لا تشهد نقاشات داخلية للبحث عن خيارات أخرى بجانب قطر، خاصة بعد أن وصلت العلاقة مع مصر إلى مستوى غير مسبوق من التوتر السياسي.

ولعل جزءا مما يدفع بحركة حماس للبحث عن محاضن أخرى إضافة إلى قطر رغبتها بأن تبقى بجوار فلسطين من الناحية الجغرافية؛ كونها ستكون في حالة تماس متواصل مع العمق البشري لها داخل الأراضي الفلسطينية.

هذا التقارب حظيت به الحركة حين كانت في الأردن خلال حقبة التسعينيات، ثم في سوريا خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وأخيرًا في مصر بين عامي 2011م و2013م، وهو ما تحرم منه الآن في ظل ابتعاد قطر جغرافيًّا عن فلسطين مسافة 1800 كم.

لكن البحث عن خيارات إضافية للحركة وساحات جغرافية لا يؤثر من قريب أو بعيد في العلاقات "الممتازة" مع قطر؛ لأن ما صدر منها من تصريحات إعلامية وسلوك سياسي يجعل الحركة متمسكة بها.

فقطر أضافت قيادة حماس حين قررت الأردن قطع علاقتها معها عام 1999م، وفتحت أبوابها حين غادرت الحركة سوريا عام 2012م، وأضافت القمة العربية خلال حرب غزة الأولى عام 2008م، ودعمت قطاع غزة بمشاريع تنموية واستثمارية لم تقدم عليها أي دولة عربية سواها.

أخيرًا إن إعادة علاقات الحركة بحلفائها القدامى في المحور الإيراني لا تحمل شرط مغادرة قيادتها لقطر؛ من جهة لأن إيران لم تطلب ذلك منها، ومن جهة أخرى إن حماس ليست في حالة "فائض" من العلاقات السياسية، ما سيجعلها لا تتركز في ساحة جغرافية محددة، وتبحث عن أكثر من ساحة إقليمية لإقامة قياداتها فيها.