القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي

حماس بين السياسة والقضاء العربي

حماس بين السياسة والقضاء العربي

أ.د. يوسف رزقة

يبدو أن الأمة تحتاج إلى مراجعات لنفسها ولمفاهيمها، لأن ما كان بدهياً و معروفاً ومتفقا عليه، قد بات على حال غير حاله التي عرف بها منذ عقود. من البدهي أن نقول بأن القضية الفلسطينية هي قضية الأمة العربية والإسلامية. ومن البدهي أن يرتب هذا القول على الأمة دعم الشعب الفلسطيني ودعم مقاومته باعتباره يدافع عن الحق الفلسطيني، وعن شرف الأمة أيضاً. عمر النكبة الفلسطينية الآن دخل حاجز ال(65)عاماً. وقد عرفت هذه الأعوام العشرات من فصائل وتنظيمات العمل الفلسطيني المقاوم. عرفت الأنظمة العربية وشعوبها (م ت ف، وحركة فتح، والشعبية، والديمقراطية، والنضال الشعبي، وفلسطين العربية، وحركة حماس، والجهاد الإسلامي، والمبادرة الوطنية، وغيرها) ودعمت الدول العربية منظمة التحرير من المال الحكومي ومن المال الشعبي، ومازالت تدعم. ودعمت الدول والشعوب حركتي فتح وحماس بالمال وبالموقع السياسي، وحظيت انتفاضة الأقصى على دعم مالي وسياسي وشعبي في السعودية ودول الخليج والبلاد العربية الأخرى.

وفي الإطار السياسي استقبلت مصر والسعودية قادة فتح وقادة حماس، ومنهم أحمد ياسين، وخالد مشعل، وإسماعيل هنية، وغيرهم، ورعت مصر ملف المصالحة، ومازالت، ورعت السعودية اتفاق مكة. واستقبلت غزة في ظل حكم حماس قادة رسميين من أكثر من ثلاث عشرة دولة عربية، والتقى خالد مشغل وإسماعيل هنية الأمين العام للجامعة العربية، والأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي. وعليه فإن من بدهيات الأمور القول إنه لا يوجد فيتو عربي على حركة حماس، ولا على حق الفلسطينيين في المقاومة وفي العمل لتحرير الأقصى والقدس والأراضي المحتلة.

لقد نشأت حركة حماس كحركة تحرر وطني فلسطيني، تعمل على الأرض الفلسطينية، ولا تعمل خارجها، وتتلقى مساعدات من الحكومات ومن الشعوب بأشكال مختلفة بحسب ما تقرر الدولة الداعمة، وقد أكدت حماس على أنها تعمل مع الجميع في المساحات المشتركة، وأنها لا تعمل ضمن المحاور، و أن القدس وفلسطين في حاجة إلى الجميع، لاسيما وأنهم جميعاً تبنوا الحقوق الفلسطينية، في التحرير والدولة والعودة، وبعضهم جمع المال من الشعب لدعم الانتفاضة، وبعضهم قدم مبادرات سياسية لحل القضية الفلسطينية.

بعد هذا العرض التاريخي الموجز أقول لقد استوقفني موقفان، الأول من مصر حين اتهمت النيابة المصرية الرئيس محمد مرسي بالتخابر مع حماس، وقررت حبسه احتياطيًّا على ذمة القضية؟! والآخر حكم صدر عن محكمة سعودية على مواطن بالحبس ( 20 عاماً) لأنه ساعد حماس ماليًّا؟! هذان الأمران استوجبا المقدمة، ويستوجب السؤال عن المتغير الجديد الذي أوجب هذين الموقفين؟! هل ما كان واجباً بالبديهة، أصبح مدانًا بالقضاء؟! هل الحديث إلى حماس، أو دعمها ماليًّا جريمة؟! ما العيب أو العار أو الخطأ في مساعدة الأفراد أو الدول لحماس أو التخابر معها؟! وهذه تهم فقط عند إسرائيل كما يقول عزمي بشارة؟!

هل ترحيب حماس بالربيع العربي كغيرها من المرحبين و هم كثر، قد نقل حماس بدون مقدمات من حركة مقاومة وتحرر وطني إلى حركة إرهابية يمنع الحديث معها أو مساعدتها؟! هل هذا هو السبب، أم أن هناك أسباباً لا تعرفها حماس ولا نعرفها نحن؟! إن الفلسطيني يشعر بقلق، ويتحدث باستنكار، لأن ما كان وطنيًّا وقوميًّا بداهةً وعرفاً وتاريخًا، صار بين عشية وضحاها خطأ وجريمة، لذا أقول إن الأمة تحتاج إلى مراجعة نفسها ومراجعة موقفها، وستبقى فلسطين ومقاومة شعبها بفصائله المختلفة هي قضية الأمة رغماً لا اختيار فيه لأن القدس آية في كتاب الله. والتخابر مع الأقصى ودعم المقاومة لتحريره نعمة ينعمها الله على من يشاء من عباده، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.

فلسطين أون لاين، 3/10/2013