"حماس" تدرس
خياراتها إذا فشلت حكومة التّوافق
عدنان أبو عامر
في الوقت الذي بدأت فيه مفاوضات
القاهرة غير المباشرة بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين الثلثاء في 23/9، للبدء
بتطبيق اتّفاق وقف إطلاق النّار في غزّة، ستبدأ مفاوضات فلسطينيّة بين حركتي
"فتح" و"حماس" لاستكمال ملفّات المصالحة، التي تمّ التوصّل
إليها في أبريل الماضي، وانبثق عنها تشكيل حكومة الوفاق في أوائل يونيو الماضي.
لكن الحوارات الفلسطينيّة ستبدأ
الأربعاء في 24/9، على وقع توتّر بين "فتح" و"حماس" أخذ
بالتنامي والتزايد فور انتهاء الحرب الإسرائيليّة على غزّة في 26/8، بسبب خلافات
بينهما حول ملفّات إعادة إعمار غزّة وتسليم رواتب موظّفي الحكومة السّابقة، وهو ما
ناقشه "المونيتور" في مقال سابق.
اجتماع محبط
وإنّ خالد مشعل، وهو رئيس المكتب
السياسيّ لـ"حماس" استبق بدء حوار القاهرة بقوله في 21/9، خلال كلمته في
احتفال اتّحاد علماء المسلمين في الدّوحة، أنّه ما إن وضعت حرب غزّة أوزارها حتّى
بدأ الهجوم على "حماس"، لخلق أجواء من التّراشق الإعلاميّ،
و"حماس" لا وقت لديها للانشغال بالمعارك الجانبيّة، فلدينا أولويّات
أهمّها إعمار غزّة، ولن نقبل بإهمال أيّ ملف منها ولا بإلغاء أيّ جزء نصّت عليه
المصالحة.
ولقد قصد مشعل بالحملة على "حماس"
ما سرّب عن لقاء جمع الرّئيس محمود عبّاس في 17/9 بمقرّ الرئاسة برام الله مع 30
شخصيّة من غزّة من القطاع الخاص، استمرّ زهاء ساعتين، وتناولته وسائل الإعلام
المحليّة.
والتقى "المونيتور" بعدد
ممن اجتمع مع عبّاس، وأبلغه أحدهم أنّ "اللقاء كان سلبيّاً ومحبطاً، لأنّ
الرّئيس أبدى عدم اهتمامه بالكارثة التي تمرّ بها غزّة بعد الحرب، وفهمنا من حديثه
أنّ المصالحة ستكون في مهبّ الرّيح إن لم تسلّم "حماس" غزّة لسيطرة
حكومة التّوافق، ونصح المجتمعين بعدم الثّقة بما تعلنه "حماس" لأنّه
يعرفها منذ عقود طويلة، وكان ما فهمه المجتمعون أنّ المصالحة ليست على سلّم
الأولويّات لدى عبّاس".
وقال مسؤول في حماس
لـ"المونيتور": "إنّ الحركة وصلها ما دار في اجتماع عبّاس مع رجال
القطاع الخاص، ولديها معلومات أخطر ممّا ورد في اللقاء عن حال اللاّمبالاة التي
يتعامل بها عبّاس مع غزّة، بما يتنافى مع كونه رئيساً يمثّل كلّ الفلسطينيّين، لا
سيّما على مشارف حوارات القاهرة، ممّا يدفع الحركة إلى أن تكون على كامل الجهوزيّة
لإمكانيّة انفراط عقد حكومة التّوافق، لأنّها حكومة عبّاس وليست حكومة الكلّ
الفلسطينيّ".
وهو ما دفع أمين سرّ المجلس الثوريّ
في "فتح" أمين مقبول إلى القول في 23/9: إنّ الملف الأساسيّ في حوارات
القاهرة سيكون تمكين حكومة الوفاق من أخذ دورها وبسط سلطتها في غزّة، مع استبعاد
تسوية سريعة لمصير موظفّي "حماس"، لأنّ السلطة لا تستطيع الدّفع لهم
لأسباب مختلفة: سياسيّة وإداريّة وماليّة، متّهماً "حماس" بأنّها أخطأت
في قراءة اتّفاق المصالحة.
أكثر من ذلك، قال قياديّ فتحاويّ في
اتّصال هاتفيّ لـ"المونيتور": "إنّ حماس لديها الإمكانيّة الماديّة
لتسليم موظّفيها في غزّة رواتب حتى نهاية العام، بعد وصول دفعات ماليّة لها من
الخارج بعد انتهاء الحرب، لم يذكر مصدرها، ممّا يجعل "حماس" تتريث في
تسليم السلطة في غزّة إلى حكومة التّوافق، وهذا يضع عقبة حقيقيّة أمام حوارات
القاهرة الجارية هذه الأيّام. وفي الوقت الذي يبدأ ضخّ المال على "حماس"
من الخارج، سيبدأ العدّ التنازليّ لانهيار المصالحة".
وحمل "المونتيور" هذا
الاتّهام إلى مسؤول كبير في "حماس" من الخارج، الذي أجاب قائلاً:
"الحركة لن تستطيع أن تقف مكتوفة الأيدي على عدم استلام موظّفي غزّة رواتبهم
لأشهر عدّة، واستطاعت تدبير شؤونها بتسليم نصف راتب لهم، فـ"حماس" تمتلك
من البدائل التي تمنع وصول أهل غزّة وموظفيها إلى حال لا يرضاها أحد".
سيناريوهات بديلة
هذا الحديث ينسجم مع ما أعلنه عضو
القيادة السياسيّة في "حماس" محمود الزهّار خلال لقاء سياسيّ في غزّة
عقد في 18/9 حضره "المونيتور"، حين وصف حكومة التّوافق بأنّها تمثّل
الفشل، كونها لم تحقّق شيئاً على أرض الواقع. وفي حال لم تستطع الحكومة تحقيق
أهدافها خلال الأشهر الـ 6 المقبلة، فإنّ "حماس" ستعمل على إيجاد
البدائل لها.
وتحدّثت شخصيّة كبيرة في غزّة محسوبة
على تيّار المستقلّين لـ"المونيتور" فقالت: "إنّ حماس تتواصل في
الآونة الأخيرة مع عدد من القوى السياسيّة والشخصيّات الاعتباريّة للتباحث في
مآلات الوضع الفلسطينيّ في غزّة، تحسّباً لإمكانيّة حصول انتكاسة في ملف المصالحة،
وخشية من العودة إلى سنوات الانقسام التي عاشتها الأراضي الفلسطينيّة منذ عام
2007، مستبعداً أن تقدم "حماس" على تسليم السلطة في القطاع كبادرة حسن
نوايا".
وشنّ نائب رئيس الحكومة السابق في
غزّة زياد الظاظا هجوماً غير مسبوق على حكومة التّوافق في 17/9 خلال لقاء
تلفزيونيّ، ودعاها إلى الرّحيل ما لم تقم بواجبها تجاه أهل غزّة، وتقديم كلّ
الدّعم الممكن، وإذا لم تستطع القيام بواجبها فلترحل، وسنشكّل غيرها، لأنّها عزّزت
الانقسام الفلسطينيّ، وصنعت انقساماً جديداً.
وأخيراً، علم "المونيتور"
من مصادر في "حماس" أنّها "تجري مشاورات مكثّفة مع أوساط فلسطينيّة
لانتشال غزّة من حال اللاّمبالاة وعدم المسؤوليّة من قبل الرّئيس، والبحث في
سيناريوهات من أهمّها: الشروع بإمكانيّة تشكيل حكومة وحدة وطنيّة بديلة عن حكومة
التّوافق القائمة، بسبب سياسة الإبطاء في تنفيذ مهمّاتها، ووضع العصا في دواليب
المصالحة، واختلاق الذرائع، بجانب خيارات أخرى قد لا تفضّلها "حماس"،
ولم تذكرها المصادر، لكنّها ما زالت قيد التشاور في أروقة الحركة القياديّة، حتّى
يتمّ إنقاذ غزّة وأهلها".
المونيتور، 24/9/2014