حماس تصعّد عمليّات
الضفّة الغربيّة على الرغم من الإجراءات الإسرائيليّة
بقلم: عدنان
أبو عامر
ما زالت الضفّة الغربيّة
تشهد توتّراً بين الفلسطينيّين والإسرائيليّين، تمثّل في عمليّة إطلاق نار في اتّجاه
دوريّة مصفّحة للجيش الإسرائيليّ في منطقة الخليل في 23 آب/أغسطس من دون وقوع إصابات.
خلايا مسلّحة
شهد شهرا تمّوز/يوليو وآب/أغسطس
تصعيداً في العمليّات المسلّحة ضدّ الإسرائيليّين، منها عمليّتا إطلاق نار في مدينتي
رام الله وقلقيليّة، وعمليّة طعن واحدة في رام الله، و9 هجمات بالأكواع الناسفة، و66
حادث إلقاء زجاجات حارقة ومفرقعات وحرق منشآت إسرائيليّة، وفقاً لشبكة فلسطين للحوار
التابعة لحماس في 9 آب/أغسطس.
وذكر موقع ويللا الإسرائيليّ
باللغة العبرية في 11 آب/أغسطس، أنّ الأمن الإسرائيليّ أحبط 111 عمليّة في الأشهر الـ7
الأخيرة، معظم مخطّطيها من حماس. وأكّد رئيس جهاز الشاباك الإسرائيليّ يورام كوهين
في 1 تمّوز/يوليو حصول زيادة على ما أسماه "العنف الشعبيّ" بين الفلسطينيّين،
على الرغم من إحباط إسرائيل عمل 60 خليّة مسلّحة تابعة لحماس وتنظيمات أخرى منذ مطلع
عام 2015.
وقد شهدت الأسابيع الأخيرة
زيادة ملحوظة في العمليّات المسلّحة ضدّ الإسرائيليّين في الضفّة الغربيّة، بين طعن
ودهس وإطلاق نار، وعشرات المواجهات بالحجارة والزجاجات الحارقة، ممّا يعني التسبّب
في فقدان الأمن للإسرائيليّين، على الرغم من كثافة الإجراءات الأمنيّة الإسرائيليّة،
وهو ما ترغب فيه حماس. كما أعلن رئيس مكتبها السياسيّ خالد مشعل في 22 آب/أغسطس أنّ
المقاومة ستستمرّ في الضفّة الغربيّة، لأنّ مبرّراتها موجودة.
تمثّلت أهمّ جهود إسرائيل
لمنع العمليّات المسلّحة في الملاحقة الأمنيّة لنشطاء حماس، وتكثيف حملات الاعتقالات
ضدّهم في أوائل تمّوز/يوليو، والتي أسفرت عن اعترافات بأنّ حماس أرادت استئناف نشاطاتها
المسلّحة، بإنشاء قيادة مركزيّة وإقامة بنية تحتيّة واسعة في الضفة الغربية، تشمل تعيين
قادة مناطق، وتهيئة الأرضيّة لعمل عسكريّ.
ردّ الناطق باسم حماس حسام
بدران على الإجراءات الإسرائيليّة في حديث إلى "المونيتور" بالقول إنّ
"المقاومة الفرديّة في الضفّة الغربيّة تعتبر مميّزة، وإطلاق النار وطعن الجنود
والمستوطنين، يمثّلان تطوّراً نوعيّاً له ما بعده، وحماس تبارك هذه العمليّات، وتشجّع
من ينفّذها، وترى في تراكمها خطوة هامّة للعودة إلى الوضع الطبيعيّ في التعامل مع الاحتلال
الإسرائيليّ، وصولاً إلى المواجهة الشاملة المباشرة معه".
وطالب وزير الأمن الداخليّ
الإسرائيليّ السابق آفي ديختر في 16 آب/أغسطس، بإيجاد حلّ لمواجهة عمليّات الطعن المتزايدة
في الضفّة الغربيّة ضدّ المستوطنين، بالفصل بين الإسرائيليّين والفلسطينيّين على الطرقات،
ووضع الحواجز العسكريّة، وإخضاع الفلسطينيّين إلى الفحص الأمنيّ عليها.
ليس هذا الحلّ جديداً، فقد
طبّقه الجيش الإسرائيليّ في أواخر عام 2005، على طرقات الضفّة الغربيّة، وحرم المركبات
الفلسطينيّة من السير على الطرقات التي يستخدمها المستوطنون، ووضع الحواجز العسكريّة،
وأغلق بالإسمنت والحجارة العديد من مداخل المدن والقرى الفلسطينيّة لمنع تنفيذ العمليّات
المسلّحة.
أبلغ مسؤول أمنيّ فلسطينيّ،
رفض كشف هويّته "المونيتور" أنّ "تزايد الإجراءات الأمنيّة الإسرائيليّة
في الضفّة الغربيّة في الآونة الأخيرة مرتبط بتهويل بعض الوقائع الميدانيّة، ومواصلة
نشر اعترافات معتقلي حماس لديها، لتصوير الوضع في الضفّة الغربيّة على أنّها تحوّلت
إلى "عشّ دبابير"، وأنّ القوى الفلسطينيّة تحضّر نفسها لشنّ الهجمات العسكريّة،
ممّا سيبرّر للجيش الإسرائيليّ الانقضاض على الضفّة الغربيّة".
تشجّع الجغرافيا العسكريّة
للضفّة الغربّية على تنفيذ عمليّات مسلّحة ضدّ الإسرائيليّين، من حيث التصاق البلدات
الفلسطينية والإسرائيلية، وعدم وجود فواصل جغرافية طبيعية بينهما، كالجبال أو الأودية
أو الحدود، مما يساعد على الاحتكاك الدائم بين الفلسطينيّين والإسرائيليين في الطرقات
والشوارع، ممّا يفسح المجال أمام استهداف الجنود والمستوطنين، والانسحاب فوراً من مكان
العمليّة، والعودة إلى البلدة الفلسطينيّة، ويجعل من الصعوبة بمكان على أجهزة الأمن
الإسرائيليّة العثور على المنفّذين في كلّ عمليّة أو إلقاء القبض عليهم.
وأوضح بدران لـ"المونيتور"
أنّ "تزايد الإجراءات الإسرائيليّة يتزامن مع تنامي المقاومة في الضفّة الغربيّة،
التي تمثّل خطراً حقيقيّاً على الجيش والمستوطنين، وهي قادرة على ضرب أمنهم الشخصيّ،
ممّا يجعل الجيش مستعدّاً إلى استخدام أقصى أنواع العقوبات الجماعيّة لوقف العمليّات
وردع الفلسطينيّين بكلّ ثمن".
تحقيقات أمنيّة
إجراء آخر تقوم به المخابرات
الإسرائيليّة منذ بداية عام 2015، لمنع تنفيذ العمليّات المسلّحة في الضفّة الغربيّة،
يتعلّق بوضع كاميرات المراقبة في الشوارع لتصوير منفّذي العمليّات، حيث تنتشر في شكل
مكثّف، وهي كاميرات رقميّة موصولة بالإنترنت، لا يتجاوز ثمن الواحدة منها الـ100 دولار
أميركيّ.
هناك مئات من كاميرات المراقبة
المنتشرة في الضفّة الغربيّة على مفارق الطرقات والجسور، ومداخل المستوطنات، ومحطّات
تعبئة الوقود، والحواجز الإسرائيليّة على مداخل المدن، وهذه الكاميرات مركّبة في كلّ
الاتّجاهات والزوايا، وقد أدرك المسلّحون الفلسطينيّون خطورتها، ممّا جعلهم يحاولون
التهرّب منها خلال تنفيذ عمليّاتهم.
وقال إسلام حامد من رام
الله، وهو أحد عناصر كتائب القسّام، والمعتقل السابق لدى السلطة الفلسطينيّة منذ عام
2010، لمشاركته بهجمات ضدّ الإسرائيليّين، وقد أطلق سراحه في 21 تمّوز/يوليو، لصحيفة
"العربي الجديد" في 17 آب/أغسطس، إنّ مسلحي حماس حين يخطّطون إلى عمليّة
مسلّحة يرسمون خرائط لكاميرات المراقبة، لتجنّبها، للانسحاب بعد تنفيذ العمليّة، لكنّهم
فوجئوا خلال إحدى العمليّات بكاميرات سريّة غير ظاهرة، ومموّهة بطريقة ذكيّة بين أشجار
الصنوبر، يصعب على المارّة ملاحظتها.
جديد الإجراءات الإسرائيليّة
لملاحقة منفّذي العمليّات، ما ذكرته مجلّة "972" الإسرائيليّة، في 15 تموز/يوليو
أنّ الجيش يراقب الفلسطينيّين على شبكات "فايسبوك" و"واتس آب"
عبر شركات تكنولوجيّة.
وقال الخبير التقنيّ في
أمن المعلومات أشرف مشتهى لـ"المونيتور" إنّ "لدى المخابرات الإسرائيليّة
إمكانات استخباريّة تخترق شبكات التواصل، لأنّ بنك أهداف الجيش الإسرائيليّ يعتمد كثيراً
على الجوانب التقنيّة، مع صعوبة تواصل أجهزة المخابرات مع العملاء وجهاً لوجه، وهناك
وحدة في الجيش الإسرائيليّ تضمّ متخصّصين في الجوانب التقنيّة للتجسّس على اتّصالات
الفلسطينيّين ومحادثاتهم".
أخيراً... تشير الإجراءات
السابقة إلى أنّ أجهزة الأمن الإسرائيليّة تبذل جهوداً بنسبة 100% لمنع تنفيذ العمليّات
المسلّحة الفلسطينيّة، لكن ليس في الضرورة أن تحصل على نتائج 100% في ضوء توافر جهود
مضادّة تقوم بها حماس وباقي الحركات الفلسطينيّة، ممّا يجعل الضفّة الغربيّة قابلة
لأنّ تشهد مزيداً من العمليّات العسكرية المسلحة في الفترة المقبلة.
المصدر: المونيتور