حماس هي
حماس
بقلم: أيمن
أبو ناهية
ليس كل من عرف عن
حماس شيئا يعرفها جيدا، وليس كل من راقبها عن قرب أو بعد متأكداً من معلوماته تجاهها،
وليس كل من تفوه وتلفظ عنها بإساءة صادقا في كلامه، وليس كل من أشعل نار الفتنة سوف
ينجو منها، لقوله تعالى في سورة البقرة : "الفتنة أشد من القتل"، والعبرة
من الفتنة أن الأقاويل مردودة على أصحابها.
فكل من يدعي اختراق
حركة حماس ومعرفة تفاصيلها، هو جاهل بصيرورة وكينونة وديناميكية الحركة، التي عجز الاحتلال
بكل إمكاناته المادية والعسكرية والاستخباراتية عن اختراقها أمنيا، لماذا؟ لأنها تحافظ
على سريتها وتداري على شمعتها كي لا تنطفئ، كما أنها لا تعرف للاستبداد طريقا والكل
يعمل فيها بروح الإخاء وحرية الرأي ومبدأ الشورى والديمقراطية، أي رأي الأغلبية في
التصويت للقرارات والتنفيذ، لذا تعد من الحركات الفلسطينية الأقل خلافا وأكثر نجاحا،
خاصة فيما يتعلق الأمر بالانتخابات والترشح والتكليف للمناصب، رغم ذلك لم تغفل عينها
عن أدائهم وسلوكهم، فتراقب كل شخص في موقعه ومنصبه وعمله، لقوله صلى الله عليه وسلم:
"كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيته".
هذه الحركة التي
فازت بثقة وإيمان شعبها الفلسطيني في انتخابات عام 2006، لم تكن منقلبة على الشرعية
ولا زالت تحتفظ بشرعيتها لطالما الانتخابات الرئاسية والتشريعية معطلة بتعطيل المصالحة،
وما دامت لم تنقلب على الشرعية، فكيف ستنقلب على نفسها؟! هذا الكلام من رابع المستحيلات
أن يكون صحيحا، حتى وان كان صوت الخلاف عاليا بعض الشيء، لكن هناك تبادلا في الأدوار
والمواقف وتنسيقا كاملا بين كافة أطراف الحركة وكوادرها المركزيين لضمان عدم حدوث أي
خلل أو خطأ، ولو أن هذه الصفة غير مطلقة في تاريخ الحركات الثورية، لكن حركة حماس تحرص
كل الحرص على تلاشيها بقدر الإمكان.
إن الدافع من وراء
اختلاق هذه الفتن هو التشويش على الحركة وحكومتها للنيل من صمودهما ومقاومتهما للاحتلال،
ولكي يلهو الناس ويشغلوا عقولهم ويدغدغوا مشاعرهم بتحريف الكلام عن مواضعه وإشاعة الفتن
والأكاذيب عن الحركة، لماذا؟! حتى يغطوا على فسادهم وجرائمهم التي انكشفت وفضحت على
مرأى ومسمع من الناس بالافتخار بالتنسيق الأمني مع الاحتلال والتآمر على الشعب الفلسطيني،
ويحاولون إيجاد مبررات لفشل جهود المصالحة التي ربطوها بأطراف إقليمية ودولية ومصالح
تنظيمية حزبية ضيقة كي يكونوا هم أكثر المستفيدين من تعطيل المصالحة ليدوم عمر الانقسام
أكثر فأكثر وتدوم معه مصالحهم.
فكما ذكرت، أن حركة
حماس تعتمد على أطرها التنظيمية والشورية في حسم جميع قضاياها الداخلية والخارجية وما
يتعلق بالقضية الفلسطينية، وحتى لو حدث لا سمح الله اختلاف في الآراء فلا يدوم هذا
طويلا ولم يصل الأمر إلى حد الخلافات والانشقاقات أو الكره والبغض أو تحريك قوات ضد
قوات، -كما يشاع من قبل أطراف مأجورة-، أكرر مرة أخرى، في حال حدث اختلافات هنا أو
هناك في الرؤى والمواقف بين قادتها، فالحركة قادرة على إنهائها فور حدوثها بتفهم وتعقل
ومشورة، وهذا يدلل على قوتها وحكمتها في إدارة شؤونها الداخلية دون أي تدخلات خارجية.
كثيرا ما سمعنا
من قيادات في حركة فتح أنها تتهم حركة حماس بوجود خلافات بين قياداتها الداخلية والخارجية،
والواضح للجميع أنها إشاعات مختلقة لا أساس لها من الصحة، بدليل أنه تم انتخاب من جديد
رئيس مكتبها المجاهد أبو الوليد دون أي اعتراض أو تحفظ أو حتى اختلافات في أوجه الآراء،
وكلنا رأى زيارة أعضاء المكتب السياسي لغزة ومشاركتهم إخوانهم في الداخل انطلاقة الحركة
العام الماضي، والآن كلنا رأى اجتماع قادة الحركة في الداخل والخارج في القاهرة، وهذه
ليست المرة الأولى ولا الأخيرة التي يجتمع فيها قادة الحركة في الخارج، فهم دوما على
اتصال وتواصل، لذا لم تحدث أي اختلافات تؤدي إلى حد الانشقاق، فلم نسمع لا من قريب
ولا من بعيد عن منشقين عنها.
لذا أقول: من يعتقد
وجود انشقاقات في حركة حماس هو واهم ويوهم نفسه ومن يسمعه بهذه الخرافات، كل ما يجري
على ساحتها الداخلية هو تنافس داخلي ويحق لجميع أبنائها الدخول في هذا التنافس على
مبدأ الشورى في الإسلام، فحركة حماس لم تسكت عن اتهامات هي بريئة منها، حين تم اتهامها
بالتدخل في الشؤون المصرية الداخلية، لأن الحركة قد سبق لها وان أعلنت أنها لم ولن
تريد زج نفسها في أي عراك عربي وترفض المساس بأي امن دولة عربية، بل ترفض أي تدخل من
أي طرف فلسطيني آخر في الشؤون العربية الداخلية، فكيف ستجيزه على نفسها؟!
فما حققته حركة
حماس من نجاحات سياسية ودبلوماسية، فهو نابع من تعزيز الجبهة الداخلية بنسج تحالفاتها
الوطنية والإسلامية مع أصدقائها وحلفائها التاريخيين من أنظمة وحركات وتنظيمات الذين
يسيرون معا في اتجاه واحد وعمل مشترك ألا وهو مقاومة الاحتلال.
أعتقد أن مراقبة
حركة حماس وما يدور بداخلها، هو استهلاك للوقت على حساب المصالحة، وهذا إن دل على شيء
فإنما يدل على صفة الضعف والتراجع إلى الوراء لهؤلاء، وان حركة حماس تقود دفة المركب
بكل ثقة نحو الأمام، والجمل لا يرى عوجة رقبته، لذا نتمنى عليهم أن يهتموا بشأنهم الداخلي
"فمن راقب الناس مات هما وغما".