القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الجمعة 29 تشرين الثاني 2024

حماس و"إسرائيل"... تهدئة دائمة أم حرب استنزاف؟

حماس و"إسرائيل"... تهدئة دائمة أم حرب استنزاف؟

عدنان أبو عامر

شهدت الساعات الأخيرة تطورات متلاحقة في القاهرة لإبرام وقف لإطلاق النار في غزة، بين حماس وإسرائيل كان أهمها المعلومات التي وصلت "المونيتور" حول عزم الرئيس الفلسطيني محمود عباس زيارة الدوحة خلال الساعات القادمة للقاء رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل، في ظل تعثر مفاوضات التهدئة، وعدم قدرة مصر لإنجاز الاتفاق النهائي لوقف إطلاق النار.

كما علم "المونيتور" من أحد أعضاء الوفد المفاوض في القاهرة من حماس مساء الاثنين 18/8، أن فرص الوصول إلى اتفاق مع "إسرائيل" متباعدة، بعد إضافة "إسرائيل" بند نزع سلاح المقاومة في غزة، مما أعادنا إلى مربع الصفر، وهو ما يعزز فرصة تمديد التهدئة مجدداً كما يطلب المصريون.

وقد اتّفق الوفدان الفلسطينيّ والإسرائيليّ في ساعة متأخّرة من مساء الأربعاء 13 آب/أغسطس على تجديد التهدئة لمدّة 5 أيام، لإفساح المجال أمام إجراء مشاورات نهائيّة حول المبادرة المصريّة المعروضة عليهما.

مفاوضات شاقّة

وقال عزت الرشق عضو المكتب السياسي لحماس، المفاوض في القاهرة "للمونيتور" مساء الأحد 17/8:"مفاوضاتنا في مصر أنهت بعض الملفات، لكن ملفات عديدة لم تنجز بعد، ورغم أن تجديد التهدئة لم يرتاح له كثير من الناس، وأنا منهم، لكن مقتضيات إدارة الصراع مع العدو، تتطلب الحكمة، ويبقى التركيز على الأهداف وترك التكتيكات للمقاومة، بما فيها التهدئة المؤقتة وغيرها".

وقال عضو المكتب السياسيّ لحماس، المفاوض في القاهرة عزّت الرشق لـ"المونيتور": "طيلة فترة المفاوضات، قاتلنا لوقف العدوان، وإنهاء الحصار على غزّة، وأحبطنا محاولات المساس بالمقاومة وسلاحها. انتهينا من بعض الملّفات، لكنّ ملفّات عديدة لم تنجز بعد. وعلى الرغم من أنّ تجديد التهدئة لا يرتاح له كثير من الناس، وأنا منهم، ?نّ العيون تتّجه نحو إنجاز مطالب الشعب، وعدم إضاعة الوقت، إلاّ أنّ مقتضيات إدارة الصراع مع العدو، تتطلّب الحكمة، ويبقى التركيز على الأهداف وترك التكتيكات للمقاومة، بما فيها التهدئة الموقّتة وغيرها".

وعلم "المونيتور" من مصدر مصريّ مقرّب من المفاوضات أنّ "التهدئة الأخيرة كانت في طريقها إلى الفشل مساء الأربعاء 13 آب/أغسطس، بعد تباعد مواقف حماس وإسرائيل، وعدم رغبتهما بالنزول عن الشجرة التي صعدا إليها، لولا تدخّل أطراف إقليميّة ودوليّة، دفعتهما إلى تليين مواقفهما، والإعلان عن 5 أيّام جديدة للتهدئة". وكان يقصد بذلك المكالمة الساخنة التي جمعت الرئيس الأميركيّ باراك أوباما برئيس الحكومة الإسرائيليّة بنيامين نتنياهو مساء 13 آب/أغسطس، والضغط عليه لإنجاز اتّفاق شامل لوقف إطلاق النار.

لكنّ قرار التهدئة المتجدّدة لم تكن أصداؤه إيجابيّة على قواعد حماس في غزّة. وقال مسؤول إعلاميّ في حماس لـ"المونيتور": "مخاوفنا من تجديد التهدئة بين حين وآخر هو محاولة "إسرائيل" تبريد الجبهة العسكريّة، ونشر حالة الاسترخاء بين الفلسطينيّين في غزّة، حيث تصبح العودة إلى ميدان المواجهة من جديد أمراً صعباً، خصوصاً، وقد بدأ المواطنون بالعودة تدريجيّاً إلى حياتهم الطبيعيّة".

وفور عودة وفد حماس من القاهرة يوم 14/8، وتوجّهه إلى غزّة والدوحة لاستكمال المشاورات، صدرت تصريحات عدّة بعدم التوصّل إلى اتّفاق التهدئة إلاّ برفع الحصار عن غزّة، كما ذكر رئيس الحكومة السابق إسماعيل هنيّة، الذي أعرب عن دعمه للوفد المفاوض للتوصّل إلى اتّفاق تهدئة دائمة.

وعلم "المونيتور" من مصدر قياديّ في حماس أنّه "فور مغادرة وفد الحركة القاهرة، توزّع أعضاء المكتب السياسيّ المشاركين في المفاوضات بين غزّة التي عاد إليها خليل الحية وعماد العلمي وزياد الظاظا، والدوحة التي توجّه إليها عزّت الرشق ومحمّد نصر، وثمّ نائب رئيس المكتب السياسيّ لحماس موسى أبو مرزوق، حيث اجتمعت قيادة الحركة بكامل هيئتها، للبحث في نتائج مفاوضات القاهرة، واتّخاذ قرار نهائيّ في وقف كامل لإطلاق النار".

وأضاف المصدر في حديث خاصّ بـ"المونيتور": "غادر الوفد القاهرة يوم 14/8، وهناك أجواء إيجابيّة بنجاح المفاوضات في النهاية، بعد الانتهاء من إنجاز بعض الملفّات، مثل فتح معبر رفح بصورة يومية، وإزالة المنطقة العازلة شرق قطاع غزة، وتوسيع مساحة الصيد على شاطئ غزة من 6 إلى 9 أميال، وإطلاق سراح بعض الأسرى في السجون الإسرائيلية، وتسهيل تسليم رواتب موظفي حكومة حماس في غزة، وبقاء أخرى عالقة بانتظار الحل في الجولة القادمة، أهمها مسألتي الميناء والمطار التي ما زالت عالقة حتى مساء الاثنين 18/8 وقد قدمت مصر وعدا لحماس أن يتم نقاش هذه القضايا في شهر سبتمبر القادم بعد وقف شامل لإطلاق النار".

وحتى الآن لم تردّ حماس على الوعد المصري.

نهاية المواجهة

ولذلك، جاء إعلان الناطق بإسم حماس سامي أبو زهري يوم السبت 16/8، أنّ "مطالب الشعب الفلسطينيّ للتوصّل إلى تهدئة مع "إسرائيل" متمثلة بـوقف العدوان، ورفع الحصار عن غزّة، وإعادة الإعمار وحريّة الحركة، والاستجابة لها قد تقرّبنا من إبرام اتّفاق تهدئة".

لكنّ رئيس المكتب السياسيّ لحماس خالد مشعل، حدّد خلال مقابلة مع قناة الجزيرة مساء السبت 16 آب/أغسطس أنّ "مطالب حماس متمثلة في إقامة ميناء بحريّ ومطار"، إلى جانب المطالب الأخرى الواردة سابقاً.

وقالت مصادر فلسطينيّة إنّ "من الملفّات التي أنجزت في المفاوضات تحويل الأموال لموظّفي حماس في غزّة، مع بقاء ملفّات الميناء والمطار من دون اتّفاق. وأضافت: "حصلت حلحلة في ملفّات الصيد وفتح المعابر والمنطقة العازلة".

وأن يلتزم الاحتلال برفع يده عن حقوق الشعب الفلسطيني في المياه والملاحة، كما أن المطار كان موجودا ودمرته إسرائيل، وبخصوص الميناء هناك بروتوكول تم التوقيع عليه سابقا مع السلطة الفلسطينية، فضلاً عن كون معبر رفح شأن فلسطيني مصري خالص لا دخل لإسرائيل به، والمصريون سيجرون تسهيلات في معبر رفح بما يحقق الحد الأدنى من طموحات شعبنا الفلسطيني.

وأكّد مسؤول كبير في حماس لـ"المونيتور" أنّ "اجتماعات المكتب السياسيّ لحماس التي انتهت مساء السبت 16 آب/أغسطس، اعتبرت أنّ الخلافات القائمة بين بعض أعضاء الوفد الفلسطينيّ لمفاوضات القاهرة حول ترتيب بعض المطالب، وسرعة إنجازها، لاسيما موافقة السلطة على إرجاء البحث في قضيتي ميناء ومطار غزة، ورفض حماس لأي تأجيل لهما، لا يجب أن تغطّي على ضرورة التوافق مع السلطة الفلسطينيّة للخروج بموقف موحّد نهاية المطاف، وعدم السماح بحدوث شروخ بينهما، حتّى لو أدّى ذلك إلى عدم إنجاز اتّفاق نهائيّ بكلّ المطالب". وقال: "البقاء موحّدين يمثّل هدفاً سعينا سنين طويلة إلى تحقيقه".

في ذات الوقت، مسئول حكومي في غزة كشف "للمونيتور" أن نائب رئيس الوزراء زياد أبو عمرو اجتمع بوكلاء الوزارات في غزة يوم السبت 16/8، وجميعهم من حماس، وأبلغهم أنه سيتم دفع رواتب موظفي غزة، وليس هناك عائق يحول دون دفع رواتبهم، خلال أقرب فرصة سانحة.

أمّا مصر فقدّمت اقتراحاً معدّلاً لمبادرتها، جعلت من السلطة الفلسطينيّة، وليس حماس، شريكاً في التهدئة وإعادة الإعمار، ممّا يعني اعترافاً إسرائيليّاً بحكومة التوافق التي عارضتها في السابق بشدّة.

وحول إمكان فشل المفاوضات، والعودة إلى المواجهة المسلّحة من جديد، حتّى لو كانت على شكل حرب استنزاف، قال: "لا أحد يرغب في عودة مشاهد سفك دماء الأطفال، وتشريد الناس من منازلهم. لدى حماس خيارات عدّة بالتشاور مع الوفد الفلسطينيّ مجتمعاً، أهمّها ضرورة حفظ دماء شعبنا، وتجنيبه المزيد من العدوان الإسرائيليّ، وهذه المواجهة ليست الأخيرة بيننا وبين إسرائيل".

المصدر: المونيتور