القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

حماس "وظلم ذوي القربى"

حماس "وظلم ذوي القربى"

بقلم: وائل أبو هلال

تتساءل الإعلامية القديرة فاطمة التريكي مستنكرةً وحُقّ لها أنْ تتساءل: "ماذا فعلت حماس لتلاقي كلّ هذا اللؤم من بعض العرب؟ بماذا آذتهم؟ صارت مقاومة الاحتلال الإسرائيلي جريمة؟ صار الدفاع عن الأرض والعرض إرهاب ؟ وهكذا جهاراً نهاراً!

نِعْم " الإرهاب " هو إذن .. إذا كان هذا هو الإرهاب فكلّنا إرهابيون!".

لا شكّ أنّه سؤال كلّ حرٍّ وحرّة؛ فالمتابع لسيرة حماس ومسيرتها في علاقاتها السياسية مع الأشقّاء العرب يدرك أنّ حماس لم يصدر عنها أيّ موقف سلبي تجاه أيّ نظام عربيّ رغم ما تعرّضت له من كثير من ظلمٍ وأذى ولأواء من هذه الأنظمة!

فحماس لم تطلق رصاصةً واحدةً خارج فلسطين طيلة ثلاثين عاماً، انطلاقاً من استراتيجيّة ثابتة لديها بحصر معركتها على أرض فلسطين المحتلّة، وأنّ مواجهتها مع العدوّ الصهيونيّ المحتل الغاصب لأرضها والذي طرد شعبها، وأكّدَت مراراً قولاً وعملاً أنّ بوصلتها مقدسيّة في أيّ أرضٍ كان الفلسطينيّ وأينما كانت بندقيته!

استفادت حماس من تجارب غيرها البائسة والتي ارتدّت وبالاً على الشعب والقضيّة، حيث لم تُترك عاصمةً عربيّة إلاّ وتمّ ابتزازها وتهديدها؛ فلم تنتهج هذه السياسة الرّعناء في التعامل مع الأشقاء العرب رغم قدرتها! ولم تَخُض – بل تجنّبت وتحاشت - أيّ صراع أو خلاف مع أيّ نظام عربي، أو غير عربيّ عدا الكيان الصهيوني، حتى من اختلفت معهم سياسياً أو أيديولوجياً أو فكرياً، لم يصدر منها أيُّ كلمة، نعم! أيّ كلمة مؤذية لا تليق بِطُهر الثورة ونقاء الثوّار الأحرار.

طُورد أعضاء من حماس وأنصارها في أكثر من بلدٍ لأشهر ولسنوات، ولم يذكر أيُّ بيانٍ رسميّ للحركة ذلك، حتى لا تكون هناك معركة بل شبه معركة مع أيّ دولة عربية، فتخسر وقوفها بجانب الشعب والقضيّة!

اعتقِل بعضُ قادتها في سجونٍ عربيّة وعُذِّبوا تعذيباً شديداً بالكهرباء والشبح، وأهينوا إهانات لا تليق برجال العصابات ومهرّبي المخدّرات، لا لشيء سوى انتماؤهم لحماس، فلم تفعل شيئاً سوى مفاوضات هادئة واتصالات دبلوماسيّة ووساطات عالية المستوى للإفراج عنهم دونما "ضجّة".

أُبْعِدت من أكثر من بلد عربيّ وحظِر نشاطها؛ وبقيت محافظة على خطابها الإيجابي وعلاقاتها حتى لو كانت خيطيّة أدق من "شعرة معاوية"! لم تصل لعلاقة صفريّة مع أحد ... لأنّها لا تريد أنْ تفقد نصيراً لقضيّتها أو مُعيناً لشعبها.

هوجِمَتْ إعلامياً في وسائل إعلامية عربيّة رسميّة وخاصّة أشدّ الهجوم، واتّهِمَت أقبح التهم الباطلة، لكنّها لم تنزل ولا مرّة واحدة لدرْك الردّ على الهجوم رغم ظلمه وضراوته وبطلانه.

اغتيل قيادات منها، وتعرّض البعض لمحاولات اغتيال على أرض عربية بيد أنّه لم يصدر عنها ما يسيءُ لأيٍّ من هذه الدول أو أجهزتها الأمنيّة!!

جُفِّفَت منابع الدّعم المالي لها (بحجّة أنّها إرهابيّة!!) ولمشاريعها التي تصل لمستحقيها من "مسافة صفر"، ويجرّم ويعتقل من يجمع المال لهذه المشاريع!! وتغلق أيّ مؤسسة لها شبهة دعم أبناء شهدائها أو أسراها (حتى في الضفّة الغربيّة التي تحكمها السلطة الفلسطينيّة فهي تسعى للمصالحة معها!). طبعاً لا يخطر ببالها أو بال أنصارها أن يجمعوا علناً للعمل المقاوم!! فذلك جريمة حرب في نظر بعض الأنظمة!!

بل اعتقل كثير من التجار الفلسطينيين وغير الفلسطينيين ممن لهم طرف شبهة علاقة مع أحد أعضاء لحماس الذي يتاجرون تجارةً عاديّة كبقية خلق الله!! لكنّهم ممنوعون أن يكونوا بشراً عاديين لهم مؤسساتهم وتجاراتهم ولا حتى"دكانة" صغيرة!!

يحاصَر أتباعها ويحاصَرون ويحاصَرون حتى تضيق عليهم الدّنيا بما رَحُبَت، فلم يتنكروا لعروبتهم ولا لسنيّتهم، ومع ذلك يتهمون أنهم مع هذا الطرف أو ذاك.

يجوّعون ويُجرّم مَن يحاول إطعامهم ممّن عنده بقيّة كرامة وذرّة نخوة عربية، ويلُاحق وتُشَنّ عليهم الهجمات والاختراقات والحملات!

ماذا تريدون منها؟ لماذا تضطّرونها لأضيق الطرق؟! إلى أيّ مدى يمكن أن تتحمّل ظلم ذوي القربى؟

تطالبونها أنْ تكون في محور العروبة، إذن احتووها وادعموها ولا تتركوها فريسةً لغير العرب! أو على الأقل اتروكوها وشأنها.

خلّوا بينها وبين الشعوب الحرّة التي تهتف في مسيرات ثوراتها: الشعب يريد تحرير فلسطين!! فالشعوب بوصلتها سليمة ولم تنحرف مع السياسييّن، وآفاقها رحبة لم تحدّها سقوف النخب!

على كلٍّ – مهما فعلتم - فحماس ماضيةٌ في معركتها كرأس حربة للأمّة كل الأمّة، في مواجهة هذا الكيان السرطاني الخبيث الذي لا يحتلّ فلسطين وحدها، ولكنّه منذ سبعين عاماً يمدّ جذوره في كياناتنا محاولاً فرض نفسه نبتةً شيطانيّة في أرضنا الطيّبة، وحماس كما كلّ المقاومة الفلسطينيّة لن تغيّر البوصلة، وستبقى كما عَهِدتْها أمّتها قابضةً على جمر المقاومة حتى لو سمّاها بنو جلدتها "إرهاب"!

ماضيةٌ لا تستجدي أحداً؛ فمن لحق بركبها فقد حاز شرف مقاومة العدوّ، ومن تخلّف عنها أو حاربها فقد باء بنقيصة "التخاذل" عن نصرة المظلوم وردع الظالم المعتدي!

آخر الكلام - كما أوّله - لفاطمة التريكي: "مقاومو فلسطين يشرّفون أحرار العالم لو وقف ضدّهم الكون والكواكب والمجرّات سنبقى معهم بقلوبنا بأرواحنا بأقلامنا بأصواتنا بما ملكت أيدينا،.لن نتَصهيَن ما دام فينا عرقٌ ينبض!!"