حملة "حماس" على "الأونروا": نقاط ضعف محلية ودولية
أنيس محسن
ما من جدل حول قوة "حماس" التمثيلية فلسطينياً، وحقها في التصدي وحيدة، أو قيادة حملات لتثبيت حقوق الفلسطينيين تجاه أي فريق مسؤول مباشرة أو بشكل غير مباشر عن الوضع المعيشي والسياسي للفلسطينيين، وقد شكلت هيئات رديفة لهيئات منظمة التحرير الفلسطينية لهذه الغاية، وهو أيضاً حق لها وقد يكون مبرراً بسبب غياب إرادة إحياء هيئات المنظمة التمثيلية والتنفيذية لدى الجهة المتنفذة فيها، وهي حركة "فتح".
من هنا، يمكن فهم الحملة التي خططت "حماس" لها، وتقودها خصوصاً إحدى هيئاتها الرديفة لهيئات المنظمة والمعروفة بـ"بمكتب شؤون اللاجئين"، ضد "وكالة غوث وتشغيل لاجئي فلسطين في الشرق الأدنى" (الأونروا) في كل مناطق عمل الوكالة عامة، وفي لبنان على وجه الخصوص حيث تتخذ الحملة طابع الشخصنة عبر استهداف المدير العام لـ"الأونروا" في لبنان سلفاتوري لومباردو.
وللمقارنة فقط، فإن هناك دائرة في منظمة التحرير الفلسطينية ويرأسها عضو في اللجنة التنفيذية، هي دائرة شؤون اللاجئين.
كانت "حماس" وهيئات أهلية قريبة منها أو مرتبطة بها وحلفاء لها، خصوصاً في مخيم عين الحلوة، مثل العقيد في "فتح" منير المقدح والقوى الإسلامية في المخيم، قد باشرت هذه الحملة منذ فترة طويلة، واتخذت منحاً تصعيدياً في الأشهر الأخيرة، وخصوصاً استهداف لومباردو، باعتباره "ديكتاتور" الوكالة والحاكم الآمر الناهي وغير العادل في آن. وأخذت أمثلة في حملتها ما تعتبره محسوبيات في شغل الوظائف التي تؤمنها "الأونروا" وضعف قطاعي التعليم والطبابة، والفساد المستشري في أوصال الوكالة، وفق ما تقوله "حماس".
إلا أن تلك الاتهامات، تصطدم بواقعين: الأول عدم مجاراة الفصائل الفلسطينية عامة، وفصائل منظمة التحرير خصوصاً، "حماس" في حملتها على "الأونروا" بالشمولية التي تنطلق الحملة منها، والشخصنة والتهديف على المدير العام لومباردو في حيز التركيز على هدف بعينه.
وقد بذلت الحركة جهداً استثنائياً لإقناع حلفائها من فصائل "التحالف الفلسطيني" بمجاراة الحملة، بعدما رفضت تلك الفصائل خوضها، بل بدت أقرب إلى رفضها وأخذ جانب "الأونروا" فيها وحتى الدفاع عن لومباردو، ما جعل بعض مسؤولي "حماس" يدينون حلفاءهم على موقفهم بوصفه تخاذلاً.
وفيما تمكنت الحركة أخيراً من الاتفاق مع "التحالف" على تنسيق الحملة ضد "الأونروا"، أو ما تطلق عليها "الحملة الفلسطينية لإسقاط لومباردو"، في ما يبدو تماهياً مع شعارات الثورات العربية "لإسقاط النظام..."، فإن مسؤولين في "التحالف" يبوحون بعدم رضاهم عن تلك الحملة وعدم تشجعهم لخوضها، ما يجعل "حماس"، على أرض الواقع" وحيدة مجدداً في حملتها، ولا شريك لها سوى العقيد المقدح وقوى إسلامية.
وربما آخر إخفاقات "حماس" المساجلة العنيفة بين "الحملة الفلسطينية لإسقاط لومباردو" و"المجلس التنفيذي لاتحاد العاملين في وكالة الأونروا"، حيث دافع الأخير في بيان أصدره الثلاثاء الماضي عن "إنجازات" الوكالة على كل الصعد، وخصوصاً في قطاع التعليم حيث أبرزت نتائج الامتحانات الرسمية للمرحلتين المتوسطة والثانوية نجاحاً لامس الـ80% في الأولى وفاق الـ90% في الثانية، وقطاع الصحة الذي زيدت موازنته من 1,3 مليون دولار الى 7 ملايين دولار، فردت "الحملة الفلسطينية لإسقاط لومباردو" في بيان حمل الرقم 10 ونشره موقع "لاجئ" التابع لمكتب اللاجئين في "حماس"، ببيان اتهم فيه الاتحاد بالدفاع "عن قتل الأطفال الفلسطينيين في المستشفيات... وحرمان طلابنا الثانونيين من الالتحاق بالجامعات... وعن سياسة إدارة الأونروا السيئة". كما وصف بيان الحملة موقف الاتحاد بـ"الغريب والشاذ عن كل القيم الأخلاقية". وكذلك اتهم البيان المجلس التنفيذي بـ"الرقص على جثث أطفالنا وموتانا الذين تركتهم إدارة الأونروا للموت المحتم في مستشفيات لبنان".
إن "حماس" باستعدائها موظفي "الأونروا" من جهة، ورفض فصائل منظمة التحرير حملتها على الوكالة من جهة ثانية، وتململ فصائل "التحالف" من حملة "حماس" على لومباردو من جهة ثالثة، يترك الحركة بلا غطاء محلي جدي في حملتها على لومباردو.
أما خارجياً، وفيما تراهن "حماس" على قرب انتهاء فترة رئاسة لومباردو لعمل الوكالة في لبنان، وتعيين مسؤول جديد للمنظمة الدولية المعنية بشؤون اللاجئين الفلسطينيين، إلا أنها لا تأخذ في ما يبدو في الاعتبار، أن المجتمع الدولي الذي يغذي "الأونروا" مالياً، سيقف مع لومباردو ضد حملة تقودها "حماس" بطبيعة الحال، كما أن أي قادم جديد لن يتمكن بالتالي من تخطي المبادئ العامة لسياسة السلف التي ترفضها الحركة، وبالتأكيد يؤيدها مانحو "الأونروا" وإدارة الوكالة استطراداً، ما يجعل "حماس" بلا غطاء خارجي لحملتها أيضاً.
المصدر: جريدة المستقبل