حملة للاجئين الفلس طينيين في لبنان لامتلاك الحقوق
العقارية: مِلكيّتي لا تلغي عودتي
رأفت مرَة / بيروت
بدأت مجموعة من مؤسسات المجتمع الفلسطيني في لبنان
بإطلاق حملة تمكّن اللاجئين الفلسطينيين المقيمين في لبنان من الحصول على حقّهم في
شراء العقارات العينية وامتلاكها، وسمّيت "حملة حقوق الملكية العقا رية للاجئين
الفلسطينيين في لبنان".
وتهدف هذه الحملة إلى الضغط على الجهات السياسية والمؤسسات القانونية
والتشريعية الرسمية في لبنان، من أجل تعديل القوانين التي تمنع اللاجئين الفلسطينيين
من الحصول على حقّهم، وهي قوانين مخالفة لحقوق الإنسان. ومنعت السلطات اللبن انية عام
2001 في قانون صادر عن البرلمان، حمل رقم 296/2001، اللاجئين الفلسطينيين المقيمين
في لبنان من امتلاك الشقق السكنية والمحالّ والأراضي، بحجّة رفض التوطين.
تعريف بالحملة
الجمعيات المبادرة بإطلاق الحملة: الاتحاد العام
للحقوقيين الفلسطينيين، الاتحاد العا م للمرأة الفلسطينية، المؤسسة الفلسطينية لحقوق
الإنسان – شاهد، المؤسسة الوطنية للرعاية الاجتماعية والتأهيل المهني، المساعدات الشعبية
للإغاثة والتنمية، المساعدات الشعبية النروجية – لبنان، المنظمة الفلسطينية لحق العودة
– ثابت، المنظمة الفلسطينية لحقوق الإنسان – حقوق، جمعية النجدة الاجتماعية، لجنة عمل
اللاجئين الفلسطينيين، مركز التنمية الإنسانية، مركز حقوق اللاجئين – عائدون.
وتشير الحملة إلى أنه في عام 2001، عُدِّل قانون
اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية فى لبنان ليمنع الفلسطينيين من تملك
العقارات، حيث نصّ القانون 296/2001 على أنه "لا يجوز تملك أي حق عيني من أي نوع
كان لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها أو لأي شخص إذا كان التملك يتعارض
مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين"؛ وبهذا النص منع الفلسطيني دون غيره من حق
التملك.
ووفقاً للإعلان العالم ي لحقوق الإنسان الذي ينص
على أنّ "لكل شخص حق التملك بمفرده أو بالاشتراك مع غيره"، يُعَدّ هذا النص
تمييزاً ضد الفلسطينيين، حيث نتجت منه مشاكل كثيرة، منها على سبيل المثال لا الحصر:
مشكلة الإرث: فالذين تملكوا قبل تعديل القانون لا
يستطيعون نقل ممتلكاتهم العقار ية لورثتهم الفلسطينيين، كذلك الأم اللبنانية المتزوجة
فلسطينياً، لا تستطيع توريث ممتلكاتها العقارية لأولادها الفلسطينيين، حتى أولئك الذين
اشتروا عقارات قبل صدور القانون ولم يقوموا بتسجيله آنذاك، لأن السلطات اللبنانية رفضت
ذلك.
تجدر الإشارة إلى أنه قبل هذا ا لتعديل، أي منذ
صدور قانون تملك الأجانب في 1969 حتى عام 2001، كان للفلسطينيين الحق في تملك العقارات،
مثلهم مثل غير اللبنانيين على الأراضي اللبنانية، طبقاً للشروط والقواعد والقوانين
المرعية الإجراء.
وتماشياً مع مقدمة الدستور اللبناني التي تنص في
الفقرة "ب" ع لى أن "لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس وعامل
في جامعة الدول العربية وملتزم مواثيقها، كما هو عضو مؤسس وعامل في منظمة الأمم المتحدة
وملتزم مواثيقها والإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وتجسد الدولة هذه المبادئ في جميع
الحقوق والمجالات دون استثناء"، تداع ت 12 جمعية عاملة في الوسط الفلسطيني في
لبنان إلى عقد اجتماع بتاريخ 20 نيسان 2011، حيث اتُّفق على التحضير لإطلاق حملة للتحرك
الذي تقوم به عدد من مؤسسات المجتمع المدني العاملة في الوسط الفلسطيني في لبنان للمطالبة
بتوفير الحقوق المدنية والاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في لبنان، ولا
سيما حقّا العمل والتملك، وذلك على قاعدة رفض التوطين وتمسكاً بحق العودة.
أهداف الحملة
إن الهدف الأساسي للحملة هو الوصول إلى تعديل قانون
اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية في لبنان، بما يسمح للاجئين الفلسطينيين
ف ي لبنان بتملّك عقارات، استناداً إلى المعاهدات والاتفاقيات الدولية الخاصة بحقوق
الإنسان والمُصادق عليها من قبل الدولة اللبنانية، والتشديد على أن يتمتع اللاجئون
الفلسطينيون بسائر حقوقهم المدنية والاجتماعية والاقتصادية في لبنان.
وعقدت الحملة جلسات تشاورية مع القوى السياسية الفلسطينية
واللجان الشعبية ومنظمات المجتمع المدني، وأنجزت بحثاً قانونياً لمعرفة الأضرار التي
ألحقها قانون المنع باللاجئين، وأصدرت مجموعة من المواد الإعلامية، وتسعى إلى بناء
تحالفات مع مؤسسات فلسطينية ولبنانية لهذا الغرض. وفي قراءتها للقانون اللبناني الذي
يمنع تملك الفلسطينيين، سجّلت الحملة الملاحظات الآتية:
أولاً: إن هذا التعديل القانوني مخالف لما ورد في
الدستور اللبناني، الفقرة "ب": (لبنان عربي الهوية والانتماء، وهو عضو مؤسس
وعامل في جامعة الدول العربية وملتزم مواثيقها، كما هو عضو مؤسس وعام ل في منظمة الأمم
المتحدة وملتزم مواثيقها...).
ثانياً: إن منع الفلسطينيين من التملّك في لبنان
هو انتهاك لبروتوكول الدار البيضاء 1965
في ما يتعلق بمعاملة الفلسطينيين في الدول العربية،
وانتهاك واضح لكل المواثيق والاتفاقات التي التزمها لبنان دولياً، وخاصة الإع لان العالمي
لحقوق الإنسان.
ثالثاً: لقد غدا شعار "لا للتوطين" في
لبنان من أبرز الأدوات التي تستخدم لتبرير حرمان الفلسطينيين حقوقهم بحجة الحرص الدائم
على حق العودة إلى الديار المسلوبة، مع أن الفلسطيني في لبنان كان ولا يزال الرافض
الأول لأي خيار سوى العودة إل ى فلسطين.
بدائل جاهزة
أعدّت الحملة مقترح قانون لعرضه على الجهات المعنية
بهدف إقراره، وسجّلت مجموعة من الإخفاقات في معالجة هذا القانون، أهمّها: رفض المجلس
الدستوري في لبنان ورفض البرلمان اللبناني الطعن المقدم من عدد من النواب. ونظراً إلى
أهمية مقترح القانون ، نعرضه بنصه كالآتي:
لما كان المرسوم الاشتراعي رقم 4/116 تاريخ
4/1/1969 قد نظّم عملية شراء غير اللبنانيين للعقارات في لبنان، حيث فرض شروطاً متشددة
على كل شخص يرغب في التملك، أهمها الاستحصال على ترخيص من مجلس الوزراء، بحيث أجاز
لغير اللبنانيين، ومنهم الفلسط ينيون، حق التملك العقاري ضمن الشروط والقيود المحددة.
وحيث إنه استناداً إلى القانون المذكور، اشترى عدد
من الفلسطينيين كغيرهم من العرب والأجانب وحدات سكنية وأراضي ومحالّ تجارية ضمن الشروط
والقوانين المرعية الإجراء.
ولما كان القانون رقم 296، الصادر والمنشور ف ي
الجريدة الرسمية، في العدد رقم 15 تاريخ 5/4/2001، قد أدى إلى تعديل القانون المذكور
أعلاه رقم 4/16 تاريخ 4/1/1969 (قانون اكتساب غير اللبنانيين الحقوق العينية العقارية
في لبنان)، بحيث نصّت المادة الأولى منه على ما يأتي:
"لا يجوز لأي شخص غير لبناني، طبيعياً كان
أو معنوياً، كما لا يجوز لأي شخص معنوي لبناني يعتبره القانون بحكم الأجنبي، أن يكتسب
بعقد أو عمل قانوني آخر بين الأحياء، أي حق عيني عقاري في الأراضي اللبنانية، أو أي
حق عيني من الحقوق الأخرى، التي يعنيها هذا القانون إلا بعد الحصول على ترخيص يعطى
بمرسوم ي تخذ في مجلس الوزراء، بناءً على اقتراح وزير المالية، ولا يشذّ عن هذه القاعدة
إلا في الأحوال المنصوص عليها صراحة في هذا القانون أو في نص خاص".
"لا يجوز تملك أي حق عيني من أي نوع كان،
لأي شخص لا يحمل جنسية صادرة عن دولة معترف بها، أو لأي شخص إذا كان التملك يت عارض
مع أحكام الدستور لجهة رفض التوطين".
إن التطبيق العملي أدى إلى تنفيذ الحظر والحرمان
على الفلسطينيين دون غيرهم، من أبناء أية دولة عربية أو أجنبية، حيث حُرموا حقّ التملك
العقاري بشكل كامل، مع ما نتج من ذلك من مخالفة للفقرة "ب" من مقدمة الدستور
اللبناني و للمعاهدات الدولية التي وقّعها لبنان والمتعلقة بحقوق الإنسان وحقوق اللاجئين
وشؤونهم، ولا سيما ميثاق الأمم المتحدة والشرعة الدولية لحقوق الإنسان والإعلان العالمي
لحقوق الإنسان واتفاقية جنيف الخاصة باللاجئين والعهدين الدوليين الخاصين بالحقوق الاقتصادية
والاجت ماعية وبالحقوق المدنية والسياسية.
تأسيساً على ما تقدم، نتوجه إلى المجلس النيابي
الكريم باقتراح تعديل القانون رقم 296/2001 وفقاً للآتي:
المادة الأولى: تلغى الفقرة الثانية من المادة الأولى
من القانون رقم 296 بتاريخ 3/4/2001، ويستعاض عنها بالفقرة الآتية:
يعلق سريان مهل مرور الزمن بأثر رجعي على جميع عقود
البيع العقاري وغيرها من العقود والوثائق والأحكام والقرارات المتعلقة باكتساب حقوق
عينية عقارية، والتي تعذر تسجيلها أصولاً في الدوائر العقارية المختصة نتيجة لوجود
نص الفقرة الثانية (الملغاة) والمشار إليها أعلاه.
وتلتزم جميع الدوائر والإدارات الرسمية المختصة،
ولا سيما الدوائر العقارية، تسجيل هذه الحقوق العينية وفقاً للأصول والقوانين المرعية
الإجراء، على أن تكون مستوفية لسائر الشروط الواجب توافرها في اكتساب غير اللبناني
للملكية العقارية في لبنان.
المادة الثانية: تلغ ى جميع النصوص والقرارات والتعاميم
المخالفة لهذا التعديل أو المتعارضة مع أحكامه ويعمل به فور نشره في الجريدة الرسمية.
احتمالات النجاح
إطلاق الحملة هو تطور جيد في العمل الفلسطيني في
لبنان، وهو ناتج من التقاء مجموعة من المؤسسات على أهداف فلسطينية عامة ومشتركة تهمّ
الجميع، وتعمل هذه المؤسسات وفقاً لأسلوب علمي وعصري.
غير أن المجتمع اللبناني يقف صفاً موحداً ضد منح
الفلسطينيين حقوقهم، واللبنانيون مشغولون بالانتخابات وبالأزمات الداخلية، لكن التجاوب
مع الحملة هو اختبار لكل النيات التي تدّعي الوقوف إلى جانب فلسطين وش عبها.
المصدر: مجلة العودة، العدد السادس والستون