القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 30 تشرين الثاني 2024

حول حملة نتنياهو المسعورة على حماس في الضفة

حول حملة نتنياهو المسعورة على حماس في الضفة

بقلم: ياسر الزعاترة

قبل عملية اختطاف المستوطنين الثلاثة الذين لا يُعرف ما إذا كانوا قد قتلوا، أم لا يزالون على قيد الحياة، كانت أجهزة الاحتلال تشن يوميا حملة اعتقالات بحق عناصر حماس في الضفة الغربية، الأمر الذي تصاعد بعد حكومة الوفاق، فيما لم تتوقف حملات الاعتقال من طرف السلطة أيضا، وبالطبع في ظل إصرار "أيديولوجي” من طرف محمود عباس على استمرار التنسيق الأمني مع الاحتلال، بل وتبجح بتأكيد ذلك في كل مقابلة.

على أن الحملة التي شنتها أجهزة أمن الاحتلال الليلة قبل الماضية بحق قادة وكوادر حماس كانت من العيار الثقيل، ولا يُعرف ما إذا كانت ستتواصل بعد كتابة هذه السطور، إذ طالت حوالي مئة من العناصر والقيادات (طالت بعض عناصر الجهاد)، بمن فيهم أعضاء في المجلس التشريعي، ووزراء سابقون. وهي حملة تذكرنا بحملات كثيرة مشابهة منذ تأسيس حماس كانت تتم غالبا على خليفة عمليات كبيرة تنفذها كتائب القسام.

من الواضح أن نتنياهو قد حسم موقفه في اتجاه تحميل حركة حماس المسؤولية عن خطف المستوطنين الثلاثة، وقد قال ذلك صراحة، وهو الخطف الذي رد عليه بحملة الاعتقالات المشار إليها؛ أولا بهدف معاقبة الحركة والتأكيد لها بأن ثمن هكذا أعمال سيكون باهظا، وثانيا على أمل الحصول على بعض المعلومات عن عملية الخطف، وبالطبع عبر عمليات التعذيب البشعة التي سيتعرض لها المعتقلون، وثالثا من أجل إرضاء الشارع اليميني الذي يترقب الأخبار حول مصير المستوطنين، هو الذي يتمتع بحالة أمن لم تعرف في تاريخ الاحتلال منذ تولي محمود عباس رئاسة السلطة وحركة فتح ومنظمة التحرير، الأمر الذي لا يتعلق فقط بالتنسيق الأمني المحموم والاعتقالات التي لا تتوقف في صفوف من يفكرون؛ مجرد التفكير بالمقاومة، بل يتعلق أيضا بعمليات إعادة تشكيل لبنية الوعي في الضفة الغربية، واستهداف لكل مؤسسات المجتمع التي تشجع على المقاومة.

في هذا السياق قالت دوائر الاحتلال إنها أحبطت خلال هذا العام فقط 14 محاولة لاختطاف جنود ومستوطنين، وهي محاولات من حركة حماس، وكذلك من الجهاد الإسلامي، وقد أجهضت جميعا؛ بسبب قدرة الاحتلال الاستخبارية، وبسب التعاون الأمني أيضا، فضلا عن تراجع الحاضنة الشعبية لأعمال المقاومة في ظل سياسات السلطة على مختلف الأصعدة منذ تولي عباس السلطة.

بعد عملية الخليل قبل شهور التي قتل فيها مستوطنان، تأتي هذه العملية الثانية الناجحة، رغم أن من الصعب القول إن الخطف والاحتفاظ بالأسرى يمكن أن يكون سهلا في ساحة مفتوحة كالضفة الغربية (الاحتفاظ بشاليط في قطاع غزة الذي لا يوجد داخله جيش الاحتلال ولا أمن عباس كان بمثابة معجزة)، ما يعني أن العملية قد تنتهي بقتل المستوطنين والاحتفاظ بجثثهم للمساومة عليها، من دون أن يكون بوسعنا نفي نجاح العملية بالكامل، في ظل إصرار شباب المقاومة على نصرة إخوانهم الأسرى، بخاصة المضربين منهم عن الطعام، فضلا عن أسرى المؤبدات، والذين تردُّ السلطة على حملات التضامن معهم بطريقة مخزية عبر ضرب المتضامنين واعتقالهم، ويبدو أن كون غالبيتهم (أعني الأسرى الإداريين المضربين عن الطعام) من حماس قد شجعها على ذلك.

في أي حال، فقد اعتادت حماس على مثل هذه الحملات، بل إن بعض رجالها الذين اعتقلوا لا يكادون يخرجون من السجن حتى يعودوا إليه من جديد كما هو حال القيادي حسن يوسف وعدد آخر من إخوانه، وهو ثمن يدفعونه بنفس راضية في سبيل الله وكرمى لفلسطين، رغم ما يعانونه أيضا من عسف سلطة صممت لخدمة الاحتلال، وقيادة معروفة الوجهة السياسية والأمنية في آن.

ما جرى في الخليل عملية بطولية بكل المقاييس، وهي تؤكد أن فلسطين لا زالت قادرة على المقاومة رغم تآمر العدو والشقيق، وحين يُهال التراب على هذه المرحلة البائسة، وتندلع الانتفاضة الجديدة، سيكون لشباب فلسطين من البطولات ما يثير الإعجاب، هم الذي علموا أبناء الأمة الكثير، ولا يمكن أن يتخلفوا عن مرحلة التحرر الراهنة رغم ما تعانيه من تعثر بسبب تآمر الجميع عليها، وفي المقدمة أنظمة الثورة المضادة التي تنتمي إليها سلطة عباس دون شك.

المصدر: الدستور