حين
تكون المقاومة عنوان الوحدة الوطنية الفلسطينية في الداخل والخارج
بقلم: خالد فهد
لطالما
حَلُم الشعب الفلسطيني أن يرى مشاهد الوحدة الوطنية الفلسطينية مجسدةً على أرض
الواقع، خاصة بينَ قُطبي الإنقسام حركتي حماس وفتح، ولطالما بحث محللون كُثر في
حيثيات هذا الإنقسام ووصلوا إلا نتيجة مفادها أن المصالحة والوحدة تستحيل في الوقت
الراهن فالخلاف هو خلاف في المنهج والفكر والإيديولوجيا، إما مقاومة بكل أشكالها
تستعيد الأرض التاريخية والمقدسات وتعيد اللاجئين أو مفاوضاتٌ وتسوِيات وإتفاقيات
قد تُعطينا شيئاً من حقوقنا.
وُيمكننا
القول أن طريق المفاوضات قد خاضه الشعب الفلسطيني (قسراً) على مدارِ عشرين عاماً
مضت وكان النتيجة التي لا يغفلُ عنها عاقل أن هذا السبيل لم يُؤتي أُكله، فلا
القدس عادت ولا الإستيطان توقف ولا اللاجئين عادوا ولا الأسرى تحرروا ، وفي مقابل
ذلك لم تتوقف مقاومة الشعب الفلسطيني منذ الإحتلال الإنكليزي وحتى يومنا هذه ولا
يغفل على عاقل أيضاً حجم الإنتصارات التي يصنعها الشعب الفلسطيني بالسكين والحجر
والمولوتوف والصاروخ.
ورغم
محاولات إبعاد الشعب الفلسطيني عموماً والشباب الفلسطيني خصوصاً عن خيار المقاومة
وإقناعهم بالحلول السلمية، إلا أنك تجد أن المقاومة دمٌ يسري في عروق هذا الشعب
العظيم دون توقف، ولك أن تتخيل أن الجيل الجديد الذي أعماره في العشرينيات والذي
قد وُلد في عهد أوسلو وقضى نصف عمره في ظل "دايتون" هو جيلً يقود الإنتفاضة اليوم أو بمعنى آخر هو الذي
يُدير المقاومة اليوم في رسالة واضحة صريحة أن هذا الشعب رغم محاولات التدجين
والإحتواء هو شعب لا يريد سوى المقاومة سبيلاً لتحرير أرضه ومقدساته.
النتيجة
التي تُفضينا إلى ذلك هي أن الوحدة لا تكون إلا بالمقاومة، وحدة وطنية فلسطينية
تتبنى المقاومة وتحمي ظهرها وتكون سنداً حقيقاً لها، وعلى منظمة التحرير والفصائل
والقوى جميعها أن تفهم هذه الرسالة جيداً، المقاومة هي العامود الفقري لوحدة وطنية
تُنتج حكومة وطنية تضع برنامجاً واحداً لإدارة المشروع الفلسطيني على أساس
المقاومة.
وإذا
لم تعِ الفصائل هذه المعادلة فإن الشعب الفلسطيني وشبابه الثائر سيتجاوزهم ولن
يتوقف بإنتظار اتفاق هنا وهناك، وواضح أن حركة حماس التي تبنت مشروع المقاومة تسير
بخُطى الشعب دون انزلاق أو إبتعاد عن مسار المقاومة، ومشهدان عظيمان حصلا الأسبوع
الماضي يُثبتان أن الوحدة لا تكون إلا بتبني خيار المقاومة وأنه حين تكون حماس
تكون المقاومة.
المشهد
الأول زيارة نائب رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية لمواقع سرايا القدس
التابعة للجهاد الإسلامي في غزة والحفاوة التي إستقبله بها المجاهدون في مشهد عظيم
يُجسد الوحدة الوطنية القائمة على مشروع المقاومة.
ومشهد
آخر في لبنان حين حشت حركة حماس الآلاف في مدينة صيدا دعماً للإنتفاضة والوحدة
وكان اللافت أن الحشد يتقدمه في الصفوف
الأمامية سفير دولة فلسطين في لبنان أشرف
دبور إضافة إلى قيادات سياسية وعسكرية رفيعة لحركة فتح في لبنان منهم الحاج فتحي
ابو العردات واللواء منير المقدح واللواء صبحي ابو عرب والعقيد محمود عيسى اللينو
إضافة إلى قيادة فصائل منظمة التحرير وتحالف القوى الفلسطينية ، في مشهد وُحدوي
عظيم يحمل رسالة مفادها أن الشعب الفلسطيني في الخارج أيضاً مُتوحدٌ خلف المقاومة،
وفي إنجازٍ سياسي كبير يُسجل لحركة حماس في لبنان.
قراءةٌ
موضوعية سريعة للواقع الفلسطيني ولأحداث إنتفاضة القدس المباركة تُثبت أن الوحدة
الوطنية الفلسطينية لا يمكن أن تقوم إلا إذا أتفق الجميع على برنامج سياسي موحد
تكون المقاومة بكافة أشكالها حاضرة فيه، وأن الإنتفاضة المشتعلة الآن هي فرصة
عظيمة لحشد الهمم ورأب الصدع الحاصل وإتمام الوحدة و المصالحة والإنطلاق نحو
التحرير.