خضر عدنان وانبلاج الفجر
بقلم: هيثم محمد أبو الغزلان
خذي هذا العمر كلّه وانثريه وروداً حمراء، واقذفيه لهباً وناراً تستعر استعاراً عند مفترق كل طريق. أشبكي يديك بيديّ في وحدة تصيّرنا للأبد معاً لا نفترق. خذيني رعشة قوية كالعواصف لا تهدأُ، ومضة أمل للعالمين سلاماً، لمراكب الصيد منارة هداية،«خذيني» بذور حب للحقول العطشى، خذيني للقدس دماءً تسيّجها بالنار.
ماذا أقول لهم عندما يحدّثونني عنها؟! عن ماذا أت... حدث؟ والبكاء يملأ عيوني وكل المكان؛ فالآهات هنا وهناك تتوزّع في الأرجاء تسألني عن الأرض عن الوطن عن المكان عن فجر الصباح، تسألني وعيوني حائرة، والقلب متصدّع، والآه هي الآه. كيف أحدثهم؟ وبأي الوجوه سآتي إليهم؟! بوجه السلام القاتل أم بوجه الحرب المستحيلة عند قوم باعوا ضمائرهم؟ بوجه عرب فقدوا رجولتهم؟ أم بوجه عرب قهروا المستحيل! يتوهون عن كل أبواب الوطن، ولن يجدوا فيه متّسعاً لهم، فلا المكان يقبل بهم، ولا الزمان راضِ عنهم، والمساحات الواسعة كلّها تلفظهم، من تراثها من ترابها من سمائها، تلفظهم مع الحزن الذي عشعش في قلوب الملايين من الأطفال والنساء والشيوخ ولن يجدوا من يبكي عليهم أو يحزن أو يُطلق لسانه بالغضب من أجلهم... سيتوهون حتى في وضح النهار عن كل أزقّة المخيم، وشوارع المدن، عن كل أبواب المساجد وأجراس الكنائس وبيّارات الحقول... عن أيامنا وشهورنا وفصول السنة سيتوهون... ويتوهون.يسرقون أيامنا ويسْبون فجرنا المسبي، ويغتالون أحلامنا صرعى على شوارع وأزقة مخيماتنا، وقرب الفنادق الفخمة يذبحون عمرنا ويتخلّصون من العروبة، ويجعلون الوطن حلماً بحجم زنزانة، وتصبح الشهادة «تهمة» و«عاراً» ويزيّنون القتلة بالورد والغار! ويصبح الوطن منفياً على حدود القهر، ومنتشياً حتى الثمالة بحزنه القاتل... قم انهض أيها الصباح، أرسل كل غضب الروح تمرداً، فبين منطق القوة ومنطق الضعف والاستسلام مساحة صغيرة للتمرد والثورة لكنها ما تلبث أن تكبر وتمتد حتى تُغطّي مساحة الأمل، وتسرق الحرية من النسور والنمور، ليصبحوا خارج أسوار الشمس. فبين الضعف والضعف قلوب محترقة وعيون دامعة، أمّا بين التمرد والتمرد حكاية انفجار، وأفئدة لاهبة مشتاقة للحرية الحمراء عند فجر صباح موشّح بالفرح يصنعه الأبطال. بوركت خضر عدنان.