خطف الفلسطينيين ومصداقية التمثيل
بقلم: عماد الحديدي
في خطوة غير متوقعة وفاقت التصور أقدمت مجموعة مسلحة على اختطاف أربعة
مسافرين من قلب حافلة الترحيلات (رفح-القاهرة)، التي تخضع للأمن المصري من لحظة الحجز
داخل معبر رفح حتى تسيير المرحلين في حافلات بعلم ومرافقة الأمن المصري، عن طريق ضابط
أمن يحتفظ بجميع جوازات سفر المرحلين، ولا يسلمها إلا إلى إدارة مطار القاهرة لاستكمال
إجراءات سفرهم إلى الدول التي يريدون، هؤلاء المختطفون هم أربعة فلسطينيين من قطاع
غزة غادروه عبر معبر رفح بطرق رسمية وبجوازات سفر رسمية متجهين للعلاج والدراسة خارج
مصر.
الحادثة حصلت نحو الساعة 10:30 ليلة الأربعاء، وتناولتها الصحف المحلية
بالخبر والتحليل صباح الخميس، وما زالت، إلا أن اللافت للنظر أن الحكومة الفلسطينية
والرئاسة الفلسطينية لم يصدر عنهما أي شيء، وكأن الحادثة لا تعنيهما، ولم تقع ضد مواطنيهما
على أرض دولة عربية تقيم معها السلطة علاقات حميمة، بل تعد هي راعية المصالحة الفلسطينية،
وكذلك لم تعلق أي من الفصائل الفلسطينية رسميًّا ببيان إدانة أو شجب واستنكار أو مواساة
أهالي المختطفين.
وتعد هذه الحادثة سابقة في التعامل الفلسطيني الفلسطيني الذي يجب أن يتكاتف
فيه الفلسطينيون معًا، كأن المشاعر تبلدت والأحاسيس انعدمت والغيرة ماتت، وأصبح كل
يدافع عن نفسه بنفسه؛ فأين المسؤولية الرسمية يا سيادة الرئيس؟!، وأين القسم الذي أقسمته
(أقسم بالله العلي العظيم أن أكون مخلصاً للوطن، وأن أحافظ على الدستور والقانون، وأحافظ
على مصالح الشعب الفلسطيني وسلامة أراضيه وتحقيق أمانيه وآماله الوطنية، والله على
ما أقول شهيد)؟!، فأين الإخلاص للوطن الذي على رأسه المحافظة على سلامة المواطنين أينما
كانوا وأينما حلوا؟!؛ فهؤلاء الشبان الأربعة في زهرات شبابهم ويعيلون أسرًا فلسطينية،
ما دفعهم للسفر إلا طلب العلاج والعلم، أليس من حق المواطنين على الدولة توفير العلاج
والعلم لهم؟!، لماذا لم تتحرك كما يتحرك الرؤساء تجاه مواطنيهم فيجندوا الوفود الدبلوماسية
والأمنية والعسكرية لتحرير مواطنيهم من أيدي الخاطفين؟!، ولماذا نبعد بعيدًا؟!؛ أما
كلفت وتابعت وباركت عملية تحرير الراهبين السويديين في سوريا أخيرًا، وأطلقت على العملية
"رد الجميل"؛ كون السويد كانت من أوائل الدول التي اعترفت بالدولة الفلسطينية،
ولكن كانت أيضًا أول الدول التي أدرجت العلم الفلسطيني رمزًا للإرهاب وعممته على مرافقها
كافة _وخاصة التعليمية منها_ بعد أسبوع واحد فقط من عملية "رد الجميل"؟!،
وأذكرك بأسر الجندي معاذ الكساسبة وكيف قطع الملك عبد الله الثاني زيارته التاريخية
إلى أمريكا وعاد للأردن قائلًا: "إن دمه لن يذهب هدرًا"، وبالفعل نفذت الأردن
كلمتها ضد قتلته، وأنت انفعلت وقدمت تعازيك الحارة وقلت: "شعبنا الفلسطيني، وكل
مواطن عربي وإسلامي، وكل إنسان حر يستنكر بشدة ويدين بكل قوة هذه الجريمة النكراء التي
تخالف تعاليم ديننا الحنيف".
إذن _سيادة الرئيس_ أنت تعرف أن شعبنا الفلسطيني يرفض كل هذه الجرائم المدانة؛
فأنت اليوم أب لأربعة مختطفين، وقد يكون مصيرهم مصير الطيار الأردني، أو يكونوا الآن
في أقبية التحقيق الإسرائيلية، أليست المسؤولية الوطنية تفرض عليك ترك كل شيء لتتابع
مصير أولادك الأربعة؟!، أليس من واجبك أن تحرك منظومتك الإعلامية (رؤساء فصائل، ناطقين
اعلاميين، أعضاء لجنة مركزية وتنفيذية، أجهزة أمنية)؟!، أليس من حق مواطنيك عليك أن
ترسل وفدًا أمنيًّا رفيع المستوى إلى جمهورية مصر العربية للمشاركة الأمنية والعسكرية؟!،
أليس من حقهم عليك أن ترفع للرئيس المصري مذكرة تذكره بأنهم مواطنون فلسطينيون اختطفوا
من على الأرض المصرية، ويجب العمل على تحريرهم؟!، أم أن هؤلاء سيلحقون بمن سبقهم من
ضحايا الشعب الفلسطيني الذين يسقطون غرقًا في مياه الغربة على السواحل الأوروبية، والذين
يسقطون على ثرى الأرض العربية السورية واللبنانية والعراقية؟!؛ فلقد سقطوا _يا سيادة
الرئيس_ لأن الرئيس مشغول في تفسيخ وتشتيت حركة فتح بعد أن أدار ظهره للشعب الفلسطيني.
وأختم بأنه آن الأوان أن يمثل الشعب الفلسطيني من هو أهل له، آن الأوان
أن يكون مجلس وطني فلسطيني حر، يتولد منه لجنة تنفيذية فلسطينية حرة تجمع الشعب تحت
سقفها، وتعيد له كرامته لتعيد له أرضه على طريق تحرير الأرض والإنسان الفلسطينيين.
المصدر: فلسطين أون لاين