القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الثلاثاء 26 تشرين الثاني 2024

خنق الإعلام الفلسطيني وحصاره

خنق الإعلام الفلسطيني وحصاره

بقلم: هشام المنور

يستمر الاحتلال "الإسرائيلي" في محاولات تكميم الأفواه، ومنع الحقيقة من الوصول إلى الرأي العام الدولي بالتضييق على وسائل الإعلام الفلسطينية، والعربية والدولية المؤيدة للشعب الفلسطيني وحقوقه المشروعة.

آخر محاولات قمع الإعلام وإسكات الصوت الفلسطيني تمثلت في إغلاق جيش الاحتلال "الإسرائيلي" ثالث محطة إذاعية فلسطينية خلال شهر، في الخليل بالضفة الغربية المحتلة، بتهمة تشجيع العنف، فقالت الناطقة باسم قوات الاحتلال: "إن القوات العسكرية صادرت معدات بث الإذاعة المعروفة باسم (دريم)، التي بثت برامج لتشجيع العنف ضد المدنيين والقوات الأمنية الإسرائيلية".

جيش الاحتلال "الإسرائيلي" أغلق في شهر نوفمبر محطتين إذاعيتين فلسطينيتين في الخليل، وهما "راديو الخليل" و"الحرية"، بتهمة "تشجيع العنف" كذلك، وذكرت إذاعتان فلسطينيتان أخريان: واحدة في الخليل والثانية في جنين (شمال الضفة الغربية) أن الاحتلال الإسرائيلي هددهما بالإغلاق بتهمة بث "عبارات تأليبية" على الجيش الإسرائيلي.

مشهد جندي من قوات الاحتلال يهاجم مصورًا أو صحفيًّا فلسطينيًّا بات مشهدًا مألوفًا في مدن وقرى الضفة الغربية، إذ تواصل قوات الاحتلال اعتداءاتها بمشاركة المستوطنين أيضًا، الذين حرضوا على قتل صحفيتين فلسطينيتين، هما راما يوسف ومي أبو عصب، في أثناء وجودهما مع صحفيين ألمان بالقدس المحتلة، وأقدم الاحتلال على إغلاق صحيفة الحركة الإسلامية في الأراضي المحتلة عام 1948م وموقعها على شبكة (الإنترنت)، وهي وسائل إعلام مرخصة من قبل الاحتلال.

"التجمع الإعلامي الشبابي الفلسطيني” رصد في تقرير أعده أكثر من 92 انتهاكًا إسرائيليًّا بحق الصحفيين، وذكر التقرير منها: إطلاق الرصاص الحي والمعدني، والضرب، والاعتقال، والاستهداف بالغاز والقنابل الصوتية، ومنع الطواقم من العمل، والاحتجاز والمنع من التغطية الإخبارية، وغيرها.

وبحسب موقع (واللا) الإخباري "الإسرائيلي"؛ إن الاحتلال اعتقل منذ بداية الانتفاضة 80 شابًّا فلسطينيًّا ناشطًا على موقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك) بتهمة "التحريض ودعم الإرهاب”، وهي تهمة تلحق كل من ينشر صورًا لشهداء ارتقوا بعد تنفيذهم عمليات مقاومة، أو منشورات تؤيد العمل المقاوم ضد الاحتلال، ونفذت هذه الاعتقالات بناء على متابعة وحدة تابعة لشرطة الاحتلال تسمى "الحرب الإلكترونية”، بالتعاون مع جهاز المخابرات الداخلية (شاباك).

في السياق نفسه يبرز مشروع قانون أقره البرلمان "الإسرائيلي" بالقراءة الأولى تقدم به حزب ”البيت اليهودي” المشارك في الائتلاف الحاكم للكيان العبري، سيمكن سلطات الاحتلال من توسيع حملات الاعتقالات التي تطال الفلسطينيين بسبب تهم التحريض.

الأرقام الخاصة بـ”اتحاد الإذاعات والتلفزيونات الفلسطينية” تشير إلى وقوع 90 اعتداء على الصحفيين والطواقم الإعلامية الفلسطينية منذ اندلاع الانتفاضة الفلسطينية، ويذكر تقرير الاتحاد أن 55 صحفيًّا أصيبوا بالرصاص الحي والمعدني وقنابل الغاز والصوت، وبالاختناق الشديد والضرب المبرح والرش بغاز الفلفل، وأشار الاتحاد إلى 14 عملية احتجاز واعتقال لصحفيين وطواقم صحفية في مناطق القدس والخليل ورام الله.

أغلقت إذاعة ”الخليل”، وثانية يقتحم مقرها وتدمر أجهزتها، وأخرى على لائحة الإغلاق "مهددة”، مثل إذاعةONE ، هذا شيء أصبح مألوفًا يحدث للإذاعات الفلسطينية القائمة في الضفة الغربية، فبينما تهاجم دولة الاحتلال الإسرائيلي منازل المواطنين الفلسطينيين بتهمة "البحث عن مطلوبين”؛ تهاجم أيضًا مقرات الإذاعات بتهمة بث "مواد تحريضية مخالفة للقانون .”

إحدى أهم محطات الإذاعات المحلية في الضفة الغربية هي إذاعة ”منبر الحرية” التي انطلقت عام 2002م، وأغلقت في السابق مرتين، تغلق اليوم بقرار من الاحتلال مدة 6 أشهر، ويشمل هذا القرار أيضًا منع دخول العاملين مبنى الإذاعة نهائيًّا، وفي حال دخوله تصبح الإذاعة مهددة بهدم مبناها.

لم يكن القرار مكتوبًا أو شفويًّا، بل جاء مفاجئًا دون مقدمات، إذ دهمت قوات إسرائيلية مدججة بالسلاح مقر الإذاعة، وصادرت أجهزة البث والتجهيزات التقنية، ودمرت الأثاث وقطعت البث، وقالت قوات الاحتلال: "إن إغلاق الإذاعة جاء في إطار حرص الجيش على مواصلة المس بالإرهابيين ومن يقدم لهم يد العون من أجل توفير الأمن لمواطني (إسرائيل)، وهو إجراء ضروري لاجتثاث التحريض الذي باتت نتائجه بادية للعيان”.

حجة التحريض على العنف هي حجة جاهزة لقوات الاحتلال للاعتداء على الفلسطينيين ورجال الإعلام والصحافة، "راديو الخليل" وسيلة للتواصل الإعلامي مع شعبنا، وقوات الاحتلال لا تريد أن يسمع العالم صوت فلسطين، ولا أن نتواصل مع الشعب.

وكالة ”شهاب”، و”شارك-شبكة قدس”، و”أجناد الإخباري”، و"نبض الضفة”، مواقع أغلقها موقع (فيس بوك) مع اندلاع انتفاضة القدس، بالتواطؤ مع كيان الاحتلال، والاستجابة الواضحة لما تطلبه _حسب رأي النشطاء الفلسطينيين_ جاءت لإسكات الصوت الفلسطيني الرئيس للمعلومات عبر العالم الافتراضي، فحتى قبل اندلاع انتفاضة الأقصى شنت إدارة الموقع بطريقة ممنهجة حملات أدت إلى إغلاق العشرات من الصفحات التفاعلية والشبكات الإعلامية، وحظرت عددًا من صفحات وسائل إعلامية فلسطينية على موقعها، وحذفت صفحات عشرات السياسيين والإعلاميين الفلسطينيين، كل ذلك من أجل إيقاف أي معلومات عن اعتداءات الاحتلال على الفلسطينيين.

أحد أبرز الصفحات التي أغلقها (فيس بوك) أكثر من مرة كانت صفحة وكالة "شهاب" الإخبارية، فتلك الصفحة التي تعد الخامسة من حيث عدد المشتركين بها على مستوى فلسطين احتفلت وسائل الإعلام الإسرائيلية بإغلاقها، حتى إن مدير قسم مكافحة اللاسامية بوزارة الخارجية الإسرائيلية جدعون باخر عقب بالقول: "(إسرائيل) ترحب وتبارك قرار شركة (فيس بوك) إزالة صفحة أخبار شهاب المعادية للسامية".

ووصل الأمر بكيان الاحتلال إلى مهاجمة رئيس حكومته بنيامين نتنياهو خلال الأيام الأولى للانتفاضة وسائل التواصل الاجتماعي لأنها تقوم بـ”التحريض”، وهناك إجراءات متلاحقة تتخذها الحكومة والمؤسسات في كيان الاحتلال لمحاصرة وسائل التواصل الاجتماعي التابعة لفلسطينيين، منها ما قامت بهه منظمة "هناك قانون" من رفع دعوى قضائية ضد إدارة موقع (فيس بوك)، إذ لجأت المؤسسة إلى محكمة أمريكية، بعدما جمعت عشرين ألف يهودي من مختلف أنحاء أراضي الـ(48) لمطالبة المحكمة بـ"وقف الترويج لمنشورات تحريضية على العنف وقتل اليهود".

محاولات إسكات الصوت الإعلامي الفلسطيني ونبض الشارع الفلسطيني مستمرة، لكن صوت الحق والحقيقة لا يمكن أن يخبو أو تنطفئ جذوته، مهما حاول الاحتلال ومرجفوه.