خيارات الفلسطينيين محدودة ديبلوماسياً
بقلم: أمجد سمحان
لا تزال القيادة الفلسطينية في حالة انعقاد دائم في
محاولة للبحث عن وسائل لوقف العدوان الإسرائيلي الحالي على الأراضي الفلسطينية،
والذي صار عنوانه غارات متواصلة على قطاع غزة، وإرهاب للجيش والمستوطنين في الضفة،
ولعل السيناريو الوحيد المجدي قد يكون الذهاب الى محكمة الجنايات الدولية.
الخطوات الأولى التي يمكن اتباعها حالياً تتمثل في
التوجه إلى مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة من أجل طلب وقف
العدوان الإسرائيلي، بحسب ما يقول عضو اللجنة التنفيذية لـ«منظمة التحرير
الفلسطينية» واصل أبو يوسف لـ«السفير».
ويضيف أبو يوسف أنّ الأمر يمكن أن يتم بموازاة خطوات
أخرى على صعيد التواصل مع مختلف الدول الأوروبية والولايات المتحدة والدول العربية
لطلب ممارسة الضغط على "إسرائيل" بغية وقف عدوانها.
لكن الخطوة الأبرز في رأي المسؤول الفلسطيني ستكون
في استكمال حصول فلسطين على عضوية نحو 48 مؤسسة ومنظمة ومعاهدة دولية من شأنها أن
تسمح لهم استخدام القانون الدولي لملاحقة "اسرائيل".
وكان الرئيس الفلسطيني محمود عباس أعلن صراحة في
نهاية الأسبوع الماضي أنّ الجانب الفلسطيني يدرس إمكانية التوجه للحصول على عضوية
في محكمة الجنايات الدولية، بطريقة تسمح له بملاحقة مرتكبي جرائم الحرب
الإسرائيليين، ضباطا أو قيادات سياسية، وهي خطوة تخشاها "إسرائيل" منذ
زمن، لأنها على الأقل ستقيّد حركة قياداتها في العالم.
وقال عباس «من يخشى الذهاب إلى المحاكم الدولية عليه
أن يتوقف عن ارتكاب جرائم القتل».
بدوره، أشار كبير المفاوضين الفلسطينيين صائب عريقات
الى أنّ «القيادة الفلسطينية تدرس الانضمام إلى ميثاق روما المُمهد لمحكمة
الجنايات الدولية، وهي بصدد التوقيع على مجموعة من المواثيق الدولية لملاحقة حكومة
الاحتلال ووقف ممارساتها غير القانونية».
وبخصوص الانضمام إلى محكمة الجنايات الدولية، يرى
الخبراء القانونيون الفلسطينيون أن انضمام فلسطين يحتاج إلى وقت قصير. ويوضح رئيس
«مؤسسة الحق الفلسطينية» شعوان جبارين لـ«السفير» أن «الموضوع يحتاج من أسابيع إلى
شهر ويبدأ بالتوقيع على ميــثاق روما، عبر رسالة من الرئيس عــباس إلى الأميــن
العام للأمم المتحدة بان كي مــون، وهــو أمر يحتاج إلى أيام معدودة فقط، وبمجــرد
استلام الأمين العام للرسالة تصبح فلسطين عضواً في المحكمة من دون الحاجة إلى
تصويت أو قرارات، مع مراعاة بض الإجراءات الروتينية الداخلية».
وعن الجرائم التي يمكن ملاحقة القادة الإسرائيليين
عليها وبسرعة، يقول جبارين «في اليوم الثاني للحصول على العضوية، يمكن رفع أي
دعاوى ضد اسرائيل، حيث يبدأ المدعي العام بدراستها ثم يقوم بعدها برفعها إلى
المحكمة الابتدائية التابعة لها، ومن أسهل القضايا التي يمكن ملاحقة الاسرائيليين
عليها، ملف الاستيطان».
وكانت السلطة الوطنية الفلسطينية، وبعد الحرب على
غزة في العام 2009، قد توجهت إلى محكمة الجنايات الدولية، لمنحها صفة الاختصاص في
ملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين، لكن المحكمة وبعد مماطلة استمرت ثلاث سنوات، ردت
بأنها لا يمكن لها التحقيق فيها بحجة أن «فلسطين ليست دولة في الأمم المتحدة»، وهو
أمر لم يعد قائماً اليوم، بحسب ما يؤكد جبارين، حيث حصلت فلسطين على العضوية في
العام 2012.
كما أنّ الرئيس
الفلسطيني وقّع قبل حوالي شهرين على انضمام فلسطين إلى 15 معاهدة واتفاقية دولية
تابعة للأمم المتحدة أبرزها اتفاقيات جنيف الأربع. وجاءت الخطوة كرد على عدم
التزام "إسرائيل" باتفاقها مع الفلسطينيين الذي استؤنفت بموجبه
المفاوضات بين الجانبين لمدة تسعة أشهر، على أن تفرج "إسرائيل" عن
الأسرى الفلسطينيين المعتقلين منذ ما قبل توقيع اتفاق أوسلو، حيث امتنعت "إسرائيل"
عن إطلاق سراح الدفعة الرابعة منهم، واشترطت تمديد المفاوضات مقابل الإفراج عنهم؛
وهو ما رفضه الفلسطينيون.