القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

ذكرى الحرب على غزة.. عين «إسرائيل» على المقاومة

ذكرى الحرب على غزة.. عين «إسرائيل» على المقاومة

بقلم: غسان مصطفى الشامي

بعد أيام تمر على شعبنا الفلسطيني ذكرى أطول حرب صهيونية، شنتها (إسرائيل) على قطاع غزة .. إنها ذكرى حرب العصف المأكول، التي استمرت لمدة 51 يوما أدت إلى استشهاد أكثر من 2100 شهيد وجرح أكثر من 10 آلاف مواطن أكثرهم من النساء والأطفال، وتدمير قرابة 50 ألف منزل بين الجزئي والكلي، في المقابل سطر شعبنا الفلسطيني أروع ملامح الصمود والتحدي، كما تميزت المقاومة الفلسطينية في أدائها وقدرتها على إرهاق العدو الصهيوني خلال أيام الحرب الطوال.

تحل ذكرى حرب العصف المأكول، والعدو الصهيوني ينظر إليها بصورة مختلفة، ويستخلص منها الدروس والعبر، خاصة أن المقاومة الفلسطينية استطاعت خلال أيام الحرب الصمود واستخدام تكتيكات عسكرية جديدة مع العدو الصهيوني أبرزها عمليات الإنزال خلف خطوط العدو.

ويرى كاتب السطور أن الحرب الصهيونية الأخيرة على القطاع بالفعل حربا حاسمة، وغيرت الكثير من موازين القوى على الأرض وعلى الساحة الدولية وعلى المشهد العربي، لكن الأحداث المتلاحقة على الساحة العربية والدولية والإقليمية تختلف هذه الأيام، خاصة أن تنظيم ( داعش) يواصل السيطرة على مساحات كبيرة من المدن العربية، ويتقرب من حدود الكيان الصهيوني وهضبة الجولان، وهذا له حسابات جديدة لدى الكيان، لذا فإن الكيان غير معني بفتح جبهة حربية جديدة مع غزة، ويتعامل بكل حذر مع فصائل المقاومة الفلسطينية التي تبني مواقع عسكرية في مناطق حدودية مع الكيان الصهيوني، كما أن كتائب القسام فاجأت العدو الصهيوني بقيامه بشق طريق طويلة على حدود غزة وهي رسالة للعدو الصهيوني.

إذن بعد مرور عاما على الحرب لم تهزم المقاومة، ولم تؤثر فيها ضربات الاحتلال واستطاعت المقاومة الفلسطينية أن تقوي شوكتها من جديد، وتستعد لجولة قتالية قادمة مع العدو، وقد رصد المراقبون الصهاينة قدرات حركة حماس على استعادة قوتها، والاستعداد للحرب القادمة، حيث أعد الصحفي الإسرائيلي (آفي يسخارف) تقريرا صحفيا مطولا رصد فيه استعدادات حماس للحرب القادمة مع الكيان الصهيوني قائلا " إن حماس تخطط للانقضاض على المستوطنات، أو مواقع عسكرية بهدف القضاء على عدد أكبر من الجنود والمستوطنين، مشيرا إلى أن عناصر المقاومة الفلسطينية تتحرك بنشاط على بعد أمتار قليلة من السياج الحدودي مع البلدات الإسرائيلية المتاخمة للقطاع.

إن العدو الصهيوني استخلص الكثير من الدروس العبر، فهو اليوم يتعامل بحذر شديد مع المقاومة الفلسطينية، أو أي تطور جديد على صعيد الميدان، حيث يعكف العدو الصهيوني على تطوير أنظمة إنذار جديدة من صواريخ وقذائف المقاومة الفلسطينية، وبحسب الاعلام العبري فقد انتهى العدو الصهيوني مؤخرا من إجراء الاختبار العملي الأول على نظام إنذار جديد وسهلة في التشغيل، فيما تم إدخال بطاريات جديدة على أجهزة الإنذار يمكنها شحن نفسها بنفسها، وكذلك فإن كل مركبة عسكرية سواء كانت جيب هامر أو مدرعة جنود أو حتى دبابة يمكنها تزويد المنظومة بالشحنة الكهربائية الجديدة، كما كشفت وسائل الإعلام الصهيونية عن انتهاء الكيان الصهيوني من تطوير طائرة بدون طيار (K1 ) وهي بحجم ووزن طير جارح وهي من الطائرات الأكثر تقدما في وتتمتع بقدرات عالية ومزودة بأحدث التقنيات العسكرية والتجسسية.

أيام الحرب وساعاته لم تغب لحظة عن بال الجنود الصهاينة النخبة التي فكرت أن اقتحام غزة مجرد نزهة وأن المقاومة لا تستطيع صدهم؛ بل استطاعت المقاومة الفلسطينية حرقهم وقتلهم داخل دباباتهم، كما أن قائد لواء جولاني في الجيش الإسرائيلي أصيب بجروح بالغة حلال الحرب على غزة؛ أما معنويات الضباط الصهاينة فهذه أصبحت في الحضيض، وأصبحت غزة تطاردهم في كوابيس في ليلهم ونهارهم.

وما زال الجنود الصهاينة يتذكرون اقتحام حي الشجاعية والتفاح شرق مدينة غزة ليلة 20 يوليو 2014م، والمواجهة العنيفة من قبل أبطال المقاومة الفلسطينية الأمر الذي أدى إلى مقتل عدد كبير من الجنود الصهاينة، وإصابة آخرين فيما أعلنت كتائب القسام المظفرة عن خطف الجندي الصهيوني (أورون شاؤول)، وخرج الناطق باسم القسام يزف خبر الخطف ويعلن عن الرقم العسكري الخاص بالجندي الصهيوني.

وفي ذكرى مرور عام على الحرب أجرت صحيفة "معاريف" الصهيونية لقاءات مع ضباط صهاينة في كتيبة الاستطلاع في لواء جولاني، اشتركوا في الاشتباكات بحي الشجاعية، وقد تحدث قائد إحدى المجموعات في الكتيبة عن تجربته بحي الشجاعية قائلاً : شعرت وكأنني دخلت لعبة حاسوب، وكأنهم ألقونا في المجهول، ويتوجب علينا تدبر أنفسنا، لم نصدق ما يجري، ووقفت أنا وجندي آخر خارج ناقلة (النمر)، وضحكنا وبعد عدة دقائق فقط، علما أننا لسنا في تدريب وأننا وصلنا للمواجهة الحقيقية".

كما نقلت الصحيفة العبرية أقوال قائد مجموعة بكتيبة الاستطلاع بجولاني الرقيب أول (رونين سروسي) في معرض شهادته على الساعات الأولى لمحاولة دخول الجيش لحي الشجاعية: " من الصعب استيعاب الساعات الخمس الأولى من المعركة والتي مررنا بها مع دخول غزة، فالبيت الأول كان مفخخا، ويتحصن فيه مقاوم، والبناية الثانية انهارت على ناقلة (النمر)، وقتل جنديان من الفصيل، وبعد عدة دقائق تم شل قيادة اللواء بعد إصابة قائد اللواء بجراح خطرة، وقتل نائبه وضابط العمليات".

كما نقلت الصحيفة الصهيونية أقوال هامة للضابط "زغوري" قائلا " قام أحد الضباط يدعى (مخلوف) بإطلاق النار على أحد البيوت القريبة، وأردنا اقتحامه، وعندها سمع انفجار هائل فقد كان المبنى مفخخاً، واهتزت ناقلة (النمر) من شدة الانفجار وتعطلت كاميراتها، وطارت كتل كبيرة من الباطون في الهواء ومسح البيت عن الوجود، ووصلتنا نيران القناصة من كل زاوية، وقد مثلت الشجاعية تحديا كبيرا، فالقتال هناك كان معدا للنجاة فقط ، في حين رفض قائدهم السماح لهم بسماع الراديو حتى لا يفقدوا الروح المعنوية، حيث علموا بما جرى بناقلة الشجاعية بعد أسبوع؛ كما اعترف الضابط (زغوري) أن الحرب لم تكن نزهة قائلا : كنا متخلفين عندما اعتقدنا أن الجرف الصامد ستكون كمخيم صيفي، واستوعبنا أننا نعيش 5 ساعات في جهنم.

إذن تحسب اليوم (إسرائيل) اليوم ألف حساب قبل خوضها أية معركة مع قطاع غزة، وأمامهم أمثال حية كأبطال القسام وفصائل المقاومة الذين يتصدون إليهم ويجبرونهم على التراجع والرحيل عن غزة.

المصدر: المركز الفلسطيني للإعلام