رأي أولي عن التعداد
السكاني للاجئين الفلسطينيين في لبنان
ياسر علي / كاتب
فلسطيني
عقدت لجنة الحوار
اللبناني الفلسطيني صباح اليوم مؤتمراً صحفياً في القصر الحكومي برعاية رئيس الحكومة
سعد الحريري، أطلقت فيه نتائج التعداد السكاني الذي أجرته بالشراكة مع الإحصاء المركزي
الفلسطيني.
من المعروف أن
الرقم الذي كان متوقعاً مسبقاً يناهز هذا الرقم، وقدّره البعض ب 190 ألفاً، وفق دراسة
أصدرتها لجنة الحوار مسبقاً. وسيصبح موضوعياً إذا أضفنا إليه موجات الهجرة المتتالية
خلال السنوات الأخيرة.
لذلك فإنه كان
مطلوباً قوننة هذا الرقم السياسي بامتياز.
ومما يثير الاستغراب
في هذا الرقم، أنه رغم قناعة اللجنة أنها لم تستطع إحصاء الجميع، وأن بعض الأرقام التي
وثقوها لم تتمّ بالتعداد، بل بالتوقّع، ورغم
ذلك حددت اللجنة هذه الأرقام بدقة وجرأة مستغربة (174422 نسمة)، علماً أنني شخصياً
أعرف العشرات الذين أعلنوا منذ قليل أنهم وعائلاتهم لم تصلهم فرق التعداد.
واللجنة على قناعة
أنها لم تستطع الوصول إلى عدد كبير من المعنيين بالتعداد، وخصوصاً في المدن، وأن البحث
جارٍ عنهم. حيث أنها أكدت أن التعداد شمل المخيمات والتجمعات.
كما أن الإحصاء
لم يشمل كثيراً من المقيمين في الخارج، والذين يحملون الوثيقة اللبنانية، وقد يكون
خروجهم من البلد مؤقتاً، وسيعودون. خصوصاً أن معظمهم يعودون إلى لبنان لقضاء عطلاتهم
مع عائلاتهم. وهذا الرقم يحسمه الأمن العام اللبناني (عدد الذين يحملون الجوازات اللبنانية
ويقيمون في الخارج).
تأثيراته السلبية
1- تكمن خطورة
إعلان هذا الرقم المنخفض نسبياً، يزيد من احتمال
تنفيذ المشاريع الدولية، كالتجنيس والتوطين على اعتبار أن هذا الرقم يسهل تذويبه أو
ابتلاعه أو توزيعه.
2- وتكمن الخطورة
أيضاً، في أنه يحيّد فئة كبيرة من رافضي التوطين الخائفين من التغيير الديمغرافي، فهذا
الرقم مع بعض المعالجات لن يكون تأثيره سلبياً عليهم، وخصوصاً إذا ما رافق المشروع
الدولي سيولة تسيل اللعاب.
3- ومن الخطورة
أيضاً، وهو ما أقلقني في التعداد. أعني به الحديث عن أن نسبة الفلسطينيين في مخيم شاتيلا
هو 19%، ونسبتهم في مخيم برج البراجنة هو 44%.
ما هو المقصود
من هذا؟ وما الذي يحضّر لمخيمات بيروت؟ خصوصاً أن مخيم برج البراجنة تصل حدوده إلى
طريق المطار، وأن مخيم شاتيلا يقع بين طريقي المطار ومشروع اليسار المزمع تنفيذه لاحقاً.
4- من النتائج
السلبية أيضاً أن الدول الأوروبية المانحة للأونروا (وفق بعض السفراء الاوروبيين)،
ستعتمد الأرقام التي اعلنتها الحكومة اللبنانية، وليس الأرقام التي اعلنتها الأونروا،
في قيمة التبرعات والمنح التي ستدفعها.
تأثيراته الإيجابية
1- سوف يخفف خوف
البعض من أن عدد الفلسطينيين (الضخم) يزيد ثقلهم على الاقتصاد اللبناني (علماً أن الفلسطينيين
لا يستفيدون من الخدمات المدعومة من الحكومة اللبنانية).
2- إن تحييد عداوة
فئة من اللبنانيين للتوطين (إذ لم يعد يؤثر على التوازن الديمغرافي)، رغم خطورته، إلا
أنه يخفف الضغط عن الفلسطينيين في تحصيل بعض حقوقهم الاجتماعية والاقتصادية.
3- يوضح التعداد
عدد المتعلمين والمهنيين الفلسطينيين في لبنان (أو على الأقل نسبتهم)، مما قد يسهل
من عملية نيلهم حق العمل وفق الحاجة، دون الخوف من (قطع الأرزاق!!).
عن الأرقام
إنه لمن المخزي
أن يكون عدد الفلسطينيين في لبنان 174422 نسمة. وهم الذين كانوا حوالي 130 ألف نسمة
عندما وصلوا إلى لبنان منذ سبعين عاماً. أي أن الزيادة لم تتجاوز 30%. في حين أن العدد
نفسه بقي في فلسطين المحتلة، تضاعف عددهم نحو 10 مرات وتجاوزوا المليون و 300 ألف نسمة
(بزيادة تناهز 1000%).
وفي الحقيقة إن عدد فلسطينيي لبنان تضاعف عدة مرات،
ولكن الحروب والهجرات والتجنيس والوضع الاقتصادي (نسبة الفقر 66.4%)، جعلت العدد يتناقص
إلى هذا الحد.
باختصار
تخفيض الأعداد
يضرّ باللاجئين الفلسطينيين سياسياً، ويفيدهم حقوقياً.
أما رفع الأعداد،
فهو يضرّ باللاجئين الفلسطينيين حقوقياً، ويفيدهم سياسياً