القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

"ربيع العرب": الفلسطينيون يتأخرون عن الالتحاق بالركب

"ربيع العرب": الفلسطينيون يتأخرون عن الالتحاق بالركب

بقلم: أحمد رمضان

بعد مرور عام بالتمام والكمال على إقدام بائع الخضار المتجول التونسي محمد بوعزيزي على احراق نفسه احتجاجاً على الاهانة التي تعرض لها على يد شرطية تونسية، محدثاً زلزالاً ما زالت هزاته الارتدادية تتوالى في دنيا العرب من المحيط الى الخليج، وأسفرت حتى الان عن الاطاحة بنظام زين العابدين بن علي، وكل من نظام حسني مبارك، والعقيد الليبي معمر القذافي الذي انتهى مقتولاً، فيما الصدوع والشروخ تتسع في جدران نظامي علي عبد الله صالح وبشار الاسد، وتميد الارض تحت اقدامهما، لم ينج فعلاً أي بلد او نظام من انظمة المنطقة ولو بتفاوت من تأثير الزلزال الذي فجره الشاب التونسي، ولا احد يعرف بالضبط اين وكيف ومتى سينتهي.

ولا يفوت المتابع لانتقال عدوى ثورات وانتفاضات ما بات يعرف "بالربيع العربي" من بلد الى آخر، ان الاراضي الفلسطينية كادت ان تكون استثناءً عصياً على تلقي تأثيرات هذا الحدث التاريخي في مسيرة شعوب العرب، ما أثار استغراب الكثير من المتابعين والمراقبين للشأن الفلسطيني، وبرز السؤال حول اسباب تخلّف الفلسطينيين عن الالتحاق بركب هذه الثورات، على الرغم أن تاريخهم مع الانتفاضات ضد المحتلين يغطي نحو قرن من الزمن منذ هبة "البراق" العام 1929، إلى أطول إضراب وعصيان مدني في التاريخ، وثورة عام 1936، مروراً بحرب العام 1948 وانطلاق الثورة الفلسطينية في الفاتح من كانون الثاني (يناير) 1965، والانتفاضة الاولى عام 1987، وهبة النفق العام 1996 وانتفاضة الأقصى العام 2000، كما ان القائمة تطول وتتسع بمساهمة الفلسطينيين في ثورات وانتفاضات جميع بلدان شتاتهم.

ولا يغير من واقع تخلف الفلسطينيين عن مواكبة الحدث العربي المجلجل الانطلاق المتأخر والمتعثر لحركة مجموعات من الشباب توحدث تحت شعار: "الشعب يريد انهاء الانقسام"، المستوحى والمقتبس من شعار الثورتين التونسية والمصرية "الشعب يريد اسقاط النظام".

أسباب التعثر

في قراءة اسباب ضعف استجابة الفلسطينيين للربيع العربي، يمكن تسجيل ملاحظة عامة ومفارقة غريبة لافتة للنظر وهي ان الفلسطينيين في حركة نهوضهم وتراجعهم على امتداد القرن الماضي ومطالع القرن الجاري كانوا يسيرون عكس الحركة العامة للشعوب والانظمة العربية، بل وعلى العكس من المجرى العام للاحداث العالمي، ما يفسر الى حد ما اسباب إخفاق الانتفاضات الفلسطينية التي كانت تنطلق في ظروف عربية وعالمية غير مواتية.

واذا ما اخذنا الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي سبقت ثورات "الربيع العربي"، على سبيل المثال لا الحصر، فقد انتهت الى اعادة احتلال الضفة الغربية، وقتل الرئيس ياسر عرفات وفرض حصار مدمر على قطاع غزة، لا سيما بعد فوز حركة "حماس" بالانتخابات وسيطرتها على السلطة هناك، اثر صراع وانقلاب دموي نفذته ضد السلطة، واخيراً شن عدوان "الرصاص المصبوب" اثر رفض حماس تمديد الهدنة مع اسرائيل واستئناف اطلاق الصواريخ وأسر الجندي جلعاد شاليط. أي ان نتيجة تضحية الالاف من الشهداء والجرحى والاسرى، والخسائر المادية التي تقدر بمئات الملايين وعودة اقتصاد الاراضي الفلسطينية الى مستوى ما قبل عام 67 كلها انتهت الى الكوارث سالفة الذكر.

إذاً، فقد وقع "الربيع العربي" على وضع فلسطيني يائس استحوذت على فضائه العام حالة من الاحباط ، وأقفلت في وجهه جميع السبل، وأخفقت سائر الخيارات التي اخذ بها للخروج من ازمة المصير الوطني، يستوي في ذلك القائلون بخيار المفاوضات بالقائلين بنقيضه خيار المقاومة ..!!

وفي عداد اسباب ضعف المتلقي الفلسطيني للزلزال العربي وتوابعه، ثمة احالة الى مسألة جوهرية، وهي انه لا يوجد في واقع الحال سلطة فلسطينية حقيقية تستحق وتبرر الثورة عليها وضدها. فمن نافل القول ان السلطة الفلسطينية بشطريها: الضفّاوي الواقع تحت الاحتلال الاسرائيلي المباشر، والغزّاوي الذي ينوء تحت حصار مدمر، أي ان القائمين على ادارة امر السلطة في شطري الاراضي الفلسطينية، بلا سلطة حقيقية، وان ناس فلسطين والسلطتين، هنا كما هناك، هم ضحايا للاحتلال الاسرائيلي، وبالتالي، فإن الاولوية الفلسطينية وطنية مطلقة تتصل بمعركة الحرية والاستقلال الوطني، ورحيل الاحتلال وليس لاسقاط سلطة وهمية.

الى ما سلف، ثمة سبب ثالث افصحت عنه لاحقاً محدودية حركة شباب" الشعب يريد انهاء الانقسام" وهي ان حالة الاستقطاب في الرأي العام الفلسطيني بين شطري السلطة الفلسطينية أي بين حركتي فتح وحماس، ما زالت قائمة وحادة، أي انه لا توجد كتلة ثالثة وازنة سواء من الفصائل الاخرى، او من المستقلين، قادرة على حمل طرفي الانقسام على الدخول في حوار جدي يمس صلب مصير الشعب الفلسطيني، بهدف اعادة بناء مشروع الاجماع الوطني والتوافق على استراتيجية شاملة لتحقيق الحرية والاستقلال للضفة الغربية وقطاع غزة، وحق العودة للاجئين، واصلاح منظمة التحرير واعادة بناء مؤسساتها وهياكلها واعادة الاعتبار لها ممثلاً شرعياً ووحيداً.

صار يمكن القول صراحة ان شعار "انهاء الانقسام" لم يحفل به سوى اوساط محدودة من الشباب وفي مناطق محددة لم يصل تأثيرها الى مختلف ارجاء الاراضي الفلسطينية، ولم تستطع ان تجذب الى صفوفها فئات وازنة من الفلسطينيين، أي انها ظلت محدودة جغرافياً "في رام الله بالضفة الغربية، وفي غزة المدينة في القطاع". ناهيك بمحاولة السطو عليها من قبل الحركتين المتنازعتين بزج انصارهما في الحركة الشبابية ومحاولة كل طرف تجييرها لصالحه، وضد الطرف الاخر، أي ان حركة "انهاء الانقسام" صارت بدرجة ما احدى اداة الانقسام من حيث يدري او لم يدر القائمون عليها.

احتواء مزدوج

هذا الانقسام وذاك الاستقطاب، سهل على شطري السلطة، في الضفة الغربية وقطاع غزة ،التكيف مع مفاعيل حركة "الشعب يريد انهاء الانقسام" فلجأت سلطة الضفة الى تكتيك الاحتواء من خلال اغراقها بمنتسبي حركة فتح وموظفي السلطة الفلسطينية، فيما ابدت سلطة حماس في غزة ضيقاً بالحركة وبنشاطاتها وبلغت ذروتها بالتصدي بالعنف المفرط لها في 15 اذار وهو اليوم الذي حدد ليكون ذروة نشاطات الشباب لإجبار الحركتين على الانصياع لرغبة الشعب الذي يريد انهاء الانقسام.

لقد انتهى اليوم الموعود في 15 اذار دون ان يحفر أي مجرى عميق في السياسة الفلسطينية وانقساماتها، وكان متواضعاً الى درجة لا تحمل اي من طرفي الانقسام على أي تغيير جوهري في مساره، ومع ذلك وللانصاف، فقد فرضت هذه الحركة موضوع انهاء الانقسام على جدول الاعمال الوطني الفلسطيني، وقد ابدت فتح والرئيس محمود عباس قدرة فائقة في التناغم مع مطلب انهاء الانقسام، حيث اعلن في اليوم التالي وفي محفل وطني هو المجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية، انه مستعد للذهاب فوراً الى غزة لانجاز اتفاق ينهي الانقسام ويعيد وحدة شطري الاراضي الفلسطينية. وطالب عباس ببدء الترتيبات مع رئيس حكومة حماس المقالة في غزة إسماعيل هنية والفصائل مجتمعة، تحضيراً للاستحقاق التاريخي في أيلول، موعد الفلسطينيين مع إعلان إقامة الدولة المستقلة .

وإزاء إلقاء الرئيس عباس قنبلته المدوية، اعلنت "حماس" ترحيبها بالزيارة، وقالت إنها جاءت استجابة لدعوة سابقة من قبل هنية بالذات.

وكان رئيس الحكومة الفلسطينية سلام فياض قد افتتح قبل عباس وتحت تأثير "الربيع العربي" موسم المبادرات من خلال تقديم خطته إعادة الوحدة، أي إنهاء الانقسام، من دون تحقيق المصالحة الشاملة كشرط مسبق، ولكن كنتيجة، وذلك بتشكيل حكومة توافق وطني، مع بقاء السيطرة الميدانية، في غزة لحماس وفي الضفة لـ"فتح".

"حماس" حاولت احتواء هذا الهجوم بإعلان قبولها الفكرة من حيث المبدأ، ولكن بشرط ألا يرأسها فياض، واقترحت العودة لحكومة الوحدة التي تلت اتفاق مكة.

وفي رام الله سارعت أوساط من فتح لمعارضة مقترح فياض، والقاسم المشترك بين الحركتين أن موقفهما من مقترح فياض ينبع من ريبة الطرفين بالرجل وخشيتهما من توسيع واستقطاب المزيد من الفئات المؤيدة له، خاصة وانه حقق نجاحات لا تخطئها العين على صعيد اعادة بناء مؤسسات السلطة بالضفة الغربية في اطار تنفيذ خطته الشهيرة لبناء مؤسسات الدولة، والتي اعلن الانتهاء منها رسمياً في اب (اغسطس) الماضي، على ابواب استحقاق ايلول، وتحقيق قدر واسع من الامن والامان لا سيما الاقتصادي.

لقد شكلت مبادرة عباس سالفة الذكر التي بدت وكأنها استجابة لرغبة الشعب في انهاء الانقسام، فاتحة لاعادة وصل ما انقطع بين حركتي فتح وحماس حيث تجددت حوارات المصالحة بينهما في القاهرة، وكللت بالاجتماع الذي جمع الرئيس عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل في الرابع من شهر ايار، برعاية مصرية وتم التوقيع على اتفاق المصالحة.

بانتظار المتغيرات

غير ان الوقائع التي تلت أفصحت ان التوقيع على الاتفاق المذكور لم يكن اكثر من محطة اجبارية وضرورية للطرفين لاستجلاء صورة الاوضاع العربية والتي تتسارع فيها الانتفاضات والثورات في كلا المعسكرين: معسكر الاعتدال حيث سقط نظام حسني مبارك، ومعسكر الممانعة حيث يترنح نظام بشار الاسد، وصارت علاقة حماس بهذا النظام الذي يرتكب ابشع الجرائم بحق ابناء شعبه، واقامتها في عاصمته بمثابة فضيحة سياسية واحراج كبير لها امام الراي العام الفلسطيني، وبذات القدر واكثر امام جماعة الاخوان المسلمين لا سيما السوريين منهم الذي يعتبرون احد المكونات الاساسية في مواجهة النظام.

هذا الوضع نتج عنه ما يمكن تسميته معادلة صفرية بين الحركتين: فتح خسرت سندها وحليفها العربي الاول القاهرة، وحماس في طريقها لخسران دمشق، والنتيجة ان الوضع الاقليمي دخل مرحلة قد تطول او تقصر من انعدام الملامح، ما فرض على الحركتين التكيف واعادة التموضع بانتظار ما ستسفر عنه هذه الاحداث التي ستغير قسمات وجه المنطقة الى الابد، أي ان اتفاق المصالحة في واقع الامر لم يكن اكثر من اعادة تموضع مؤقتة لكلا الطرفين، وليس اقتناعاً حقيقياً لديهما او استجابة للشباب الذين يشار لهم بسهم في خيمة اعتصام دوار المنارة وسط رام الله.

الى ذلك، لا بد من اضافة ان رأس الرئيس عباس ارتطم بجدار التعنت الاسرائيلي السميك المدعوم من الادارة الاميركية؛ فقد وصلت جميع المحاولات والجهود الى طريق مسدود مع رئيس الوزراء الاسرائيلي لوقف الاستيطان ولو مؤقتاً لثلاثة شهور بحسب الاقتراح الاميركي بما يفسح في المجال للعودة الى مائدة المفاوضات، بل ان الاستيطان تضاعف عدة مرات، وبخاصة في القدس، كما ان رفضه لقبول حدود 67 كأساس لحل الدولتين وكمرجعية للمفاوضات لم يكن اقل من رفضه لوقف الاستيطان.

وما زاد الطين بلة، تراجع الرئيس الاميركي باراك اوباما عن كل مواقفه السابقة التي ضمنها في خطابه الشهير في جامعة القاهرة، ومطالبته الرئيس عباس بالعودة الى المفاوضات بدون شروط مسبقة، وختم موقفه بما جاء في خطابه امام مؤتمر اللوبي اليهودي في الولايات المتحدة "ايباك" إذ أكد على" يهودية إسرائيل، وأن بلاده ستقاوم المحاولات لنزع الشرعية عنها، وأن الإدارة الأميركية ستسعى لإفشال المحاولات الفلسطينية وستفشل، وعبّر عن تحفظه على المصالحة الفلسطينية واضعًا الاتفاق بشأنها تحت الاختبار، وتبنى السياسة الإسرائيلية حول الانسحاب المتدرج وتأجيل قضيتي القدس واللاجئين التي تقود في أحسن الأحوال إلى الدولة ذات الحدود المؤقتة.

بالمقابل، فإن حركة حماس هي الاخرى وصلت الى نتيجة مفادها ان رهانها على فك الحصار عن سلطتها في غزة غير قابل للصرف، فقد استوعبت درس عملية الرصاص المصبوب، وهي الى ذلك لا تريد ان تورط النظام المصري الجديد بصراع مع اسرائيل قبل ان تهدأ الاوضاع، وتجري الانتخابات التي تعقد رهانها فيها على فوز اشقائها من جماعة الاخوان المسلمين وهو ما حصل فعلاً .

ثم ان الجانبين راودهما ذات الشعور بالخشية والريبة من شعارات "الربيع العربي" التي لم تأت على ذكر فلسطين وقضيتها وشعبها، أي نشأ خوف من ان "يذهبوا فرق حساب" وان "يضيعوا بين الأرجل" وسط "الهمروجة" العربية التي تضرب دول وشعوب العرب من الماء الى الماء.

غير ان الاتفاق الذي احيط بحفاوة واستقبال شعبي، ما لبث ان بدأت تتكشف نواقصه وعيوبه، ما يسمح بالاستنتاج انه ليس اكثر من محطة انتظار بانتظار التطورات اللاحقة على الجبهتين: الثورات العربية، وعملية السلام.

ولعل اعلان مشعل في خطابه في حفل توقيع اتفاق المصالحة انه يمنح الرئيس عباس سنة اخرى للاستمرار بالمفاوضات، وهو ما اثار ردود فعل ساخطة داخل حماس، إذ اعتبر قيادي من وزن محمود الزهار ان موقف مشعل لا يمثل الحركة وهو ما كان إيذاناً لافتتاح باب الصراع بين الرجلين وما يمثلانه والذي ما زال ممتداً الى يومنا هذا .

وما يعزز الاعتقاد ان اتفاق المصالحة كان مجرد محطة لاستكشاف واستشراف القادم من التطورات هو انه أطّر الانقسام او بالاحرى جرى الاتفاق على ادارة مشتركة له ومحاصصته من دون ان يمس اي طرف بحصة الاخر، أي انه كان بمعنى ما إعادة انتاج لاتفاق مكة ونواقصه، ومنها: غياب وتجاوز جوهر الخلاف بغياب الإطار وبرنامج الحد الأدنى السياسي وآليات ووسائل تحقيقه، ازدواجية السلطة والمحاصصة الأمنية (غزة لحماس، والضفة لفتح)، والوزارة حيث يسمي كل منهما عددا من الوزراء يتناسب مع حجمه في المجلس التشريعي، والأجهزة الأمنية كما هي راهناً في الضفة والقطاع، وتشكيل لجنة أمنية عليا بالتوافق". وكذلك الأمر بالنسبة للجنة القيادية لمنظمة التحرير الفلسطينية التي ستصطدم عاجلاً أم آجلاً بصلاحيات اللجنة التنفيذية للمنظمة. وهذا يعود الى ان حماس أدركت متأخرة أن فوزها بانتخابات السلطة عام 2006 ظل فارغاً، وبلا معنى ما دامت خارج منظمة التحرير صاحبة الصفة التمثيلية والولاية العامة على مصير الشعب الفلسطيني. وبالتالي فإن معركتها المقبلة مع فتح ستكون انتزاع حصة معتبرة من هذا التمثيل ان لم يكن انتزاع قيادتها من فتح التي تستأثر بالمنظمة منذ أربعة عقود، ولن ترحب كثيراً بشراكة حماس. وكذا الأمر بالنسبة للانتخابات وقانونها ومحكمتها وقضاتها وتسمى كلها بالتوافق كناية عن التقاسم..الخ.

بالمقابل كان عباس بحاجة لاتفاق المصالحة قبل الذهاب الى نيويورك ليتحدث باسم جميع الفلسطينيين امام الجمعية العامة للامم المتحدة في شهر ايلول الماضي طالباً عضوية دولة فلسطين فيها على حدود 67 وعاصمتها القدس. فيما تكون حماس قد أخذت استراحة ورصدت وقلبت الوضع المحيط بها على أوجهه المختلفة. فإن واتاها مررت فترة العام، وخاضت استحقاق الانتخابات على أمل الفوز فيها وضم الضفة الى إمارة غزة، والسيطرة على منظمة التحرير. أما إذا كان العكس فإن إطلاق صاروخين خردة باتجاه سديروت سيطيحان بالاتفاق، فيما تتكفل الآلة الإعلامية والناطقون باسم الحركة بكيل تهم الخيانة لعباس وبطانته وفريق رام الله!

وعلى مسافة ليست بعيدة من توقيع الاتفاق بدأت الخلافات تدب بين الطرفين وتعطل فعلاً تنفيذ الاتفاق، وقد اتخذ هذا التعطيل اسماً هو "عقدة فياض". ففي حين اصر عباس على اعادة ترؤس فياض لحكومة وفاق من المستقلين، على اساس انها حكومته وعليها ان تنفذ برنامجه، رفضت حماس رفضاً قاطعاً اعادة فياض الى رئاسة الحكومة لعدة اسباب، منها ان إعادته ستبدو بمثابة هزيمة لها مقابل ذهاب رئيس حكومتها الى بيته، كما ان إعادته ستكون بمنزلة الاعتراف بشرعية حكومته السابقة، ثم انه احد رموز الانقسام ويجب ان يختفي عن الانظار في مرحلة الوحدة، ورابعاً تحمّله حماس مسؤولية اجتثاث وجودها لا سيما العسكري، وشبكة مؤسساتها المالية التي كانت تنتشر بقوة في سائر انحاء الضفة الغربية.

تحت تأثير ضغوط فتح من جهة ورفض حماس من جهة اخرى، وبعد ان انتهى استحقاق ايلول دون نتائج عملية لجهة إحداث أي تغيير في مواقف الاطراف المعنية لا سيما تل ابيب وواشنطن، بدا الرئيس عباس اقل تمسكاً بفياض. ففي اجتماعه الثاني بمشعل اواخر شهر تشرين الثاني (نوفمبر) في العاصمة المصرية بحثا تشكيل حكومة وفاق، ومعنى اعادة بحث هذا الامر مرة اخرى يعني ضمناً موافقة عباس على اسناد هذه المهمة لشخصية اخرى غير فياض تردد كثيراً انها ستكون مستشاره الاقتصادي الدكتور محمد مصطفى؛ وقد اعطت الهجمات المركزة والمتواصلة لقيادات فتح وبخاصة رئيس، وفدها للمصالحة عزام الاحمد على فياض ومطالبته بالرحيل بطريقة لا تخلو من الاساءة والاهانة والانطباع ان عباس ان لم يكن قابلاً، فإنه لم يعد رافضاً رحيل رئيس الوزراء ولو بعد حين.

هذا الحين حدد ايضاً بين عباس ومشعل بذات الاجتماع ووضع له سقفا لا يتعدى 26 كانون الاول (ديسمبر) من العام 2012 وهي المهلة التي منحتها اللجنة الرباعية الدولية لاسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية للعودة الى طاولة المفاوضات المباشرة .

حتى التاريخ المذكور، فإن الرئيس عباس ليس بوارد اتخاذ أي خطوات دراماتيكية، سواء تشكيل حكومة وفاق وطني، او استئناف مساعيه في مجلس الامن والجمعية العامة للامم المتحدة. وبحسب مصادر مقربة منه فإنه وعد فعلاً الادارة الاميركية واطراف الرباعية الدولية بعدم اتخاذ خطوات جديدة قبل استنفاد مبادرة اللجنة الرباعية، وذلك لئلا تستخدم أي خطوات فلسطينية مبررًا لتحميل الفلسطينيين، منفردين، أو مع إسرائيل، المسؤولية عن فشل المبادرة الجديدة لاستئناف المفاوضات، في حين تتحمل المسؤولية عن فشلها إسرائيل وحدها، مثلما تحملت المسؤولية عن فشل جميع المبادرات والجهود السابقة.

قياساً على ما سبق، فإن الهدف الحقيقي من اجتماعات القاهرة الاخيرة ستكون تقطيع الوقت، والتلويح بالمصالحة، وإبقاء قوة دفعها مستمرة، انتظارًا لما ستؤول إليه جهود اللجنة الرباعية الدولية، حتى لو وصل الأمر إلى تحديد موعد الانتخابات، وتشكيل اللجنة العليا للانتخابات، ومحكمة الانتخابات، وغيرها من الخطوات المهمة، لكنها وحدها لا تنهي الانقسام.

بالمقابل لا تبدو حركة حماس هي الاخرى في عجلة من أمرها، فما زالت في مرحلة الفحص والتمحيص وقراءة ردود الفعل خاصة الاميركية والاوروبية وقبلهما الاسرائيلية على ما ارسلته من اشارت اعتدال بلغت ذروتها بتصريحات مشعل حول قبوله بدولة فلسطينية على حدود 67 وقبول المقاومة الشعبية السلمية وشمول الهدنة والتهدئة الضفة الغربية بالاضافة الى غزة، وقبل ذلك موافقتها على انجاز صفقة تبادل الاسرى بشروط كانت رفضتها سابقاً، لكنها وافقت عليها اولاً في اطار رسائل الاعتدال سالفة الذكر، وثانياً لاعادة ما يمكن تسميته التوازن بينها وبين الرئيس عباس وحركة فتح الذي سجل في رصيده انتصاراً معنوياً مدوياً في خطابه امام الجمعية العامة للامم المتحدة، وكل ذلك في سبيل تسهيل الاعتراف بحركة حماس، وإكسابها الشرعية العربية والدولية، وفتح الباب لها للعب دورها في النظام السياسي الفلسطيني أسوة بالاعتراف الأميركي والأوروبي بجماعات الاخوان المسلمين والحركات السياسية الإسلامية في كل من مصر وتونس وليبيا.

وبهذا المعنى، فإن ما ظهر وكأنه تنازلات قدمها مشعل اكراماً لعباس ونزولاً عند رغبة الشعب "الذي يريد انهاء الانقسام" هو في واقع الامر تنازلات قدمت لواشنطن وتل ابيب وإيذان بدخوله وحركته حلبة المنافسة مع عباس للفوز بقلبهما.

وثمة اشارات قوية تذهب في هذا الاتجاه. فحماس تعتبر نفسها جزءاً من الإخوان المسلمين وستعمل من الان فصاعداً على دمج هويتها في الهوية العامة لتنظيم الإخوان بشكل رسمي حتى تستطيع تبرير التحول في مواقفها السياسية في المرحلة المقبلة على أنها جزء من التحول العام في مواقف الإخوان. فحين تكون حماس فرعاً من فروع الإخوان فإنه يسهل عليها تبرير أي تحول في مواقفها. حماس لم تعد وحيدة في تقرير مصيرها في غزة وهي لم تكن يوماً كذلك، ولكنها بعد صعود الإسلام السياسي في القاهرة سيصبح لزاماً عليها ألا تعكر حكم اشقائها الكبار في القاهرة، بل عليها ان تعمل كل جهد ممكن حتى تساعد في نجاح هذا الحكم. وفي هذا السياق وبحسب مصادر مطلعة وموثوقة قدمت حماس دفعة على الحساب لمصلحة جماعة الاخوان في مصر الذين انجزوا الاتفاق مع واشنطن بشأن صفقة "شاليط"، ومن ثم طلب الى حماس بحث تفاصيل الصفقة وآليات تنفيذها مع الاسرائيليين.

في هذا السياق، صدرت عن بعض المصادر في حماس إشارتان مهمتان، الأولى إعلان مصدر مسؤول في الحركة أنها انضمت فعلاً إلى التنظيم العالمي لجماعة الإخوان المسلمين قبل شهرين، وأنها لم تعد تابعة لإخوان بلاد الشام المرتبط بالأردن. ووفق المصدر اياه فقد تمت إضافة عبارة فرع من جماعة الإخوان المسلمين (فلسطين) إلى جانب اسم الحركة المعلن وهو حركة المقاومة الإسلامية حماس وأصبحت ممثلة في مكتب الإرشاد العالمي، وبات مسؤول الحركة ممثلاً لحماس في التنظيم العالمي للإخوان. والإشارة الثانية صدرت قبل ذلك، وتحدثت عن توجه لدى بعض الأطراف في حماس إلى إنشاء حزب العدالة والحرية على نمط الصيغة التركية التي اجتاحت الوطن العربي. هذه الإشارة توحي بأن ثمة مراجعات مهمة متأثرة بالتحولات العربية تحاول أن تؤقلم بين مواقف الحركة والنمو المتزايد لإندماج الإخوان في السياسات الإقليمية والدولية الجديدة، والتي ستكون حماس جزءاً منها بكل تأكيد.

خطاب الدولة

علامة بارزة اخرى لا تُنسى سجلت في دفتر يوميات العام المنصرم، وهي خطاب الرئيس عباس امام الجمعية العامة للامم المتحدة، الذي لامس شغاف قلب كل فلسطيني.

سبق الخطاب حملات "الإبادة السياسية والتطويق"، شاركت فيها حتى أطراف عربية، لثني عباس عن مسعاه وإخضاعه للإرادة الإسرائيلية والأميركية، خاصة بعد خطاب الرئيس باراك أوباما، الذي وصفته كبرى الصحف الإسرائيلية "يديعوت احرنوت" بأنه "خطاب صهيوني" بامتياز.

لكن الرجل صمد، وخالف بذلك جميع التوقعات السوداء التي كانت تبني رهانها على هشاشة عوده، وقابليته للكسر تحت وطأة الضغوط، الى درجة أن أجهزة الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية أعلنت أنها عقدت مداولات بعد الخطاب لإعادة النظر في تقويمها المشترك لخصائص الرئيس الفلسطيني الشخصية، التي بنت عليها طرقها وأساليبها في التعامل معه.

يقول الخطاب إن صاحبه الذي آمن، وبذل الغالي والرخيص لإنجاح المفاوضات، وغامر وعرّض سمعته السياسية والوطنية لشتى أنواع التهم، بما فيها التفريط والتخوين، قد بلغ حد اليأس. فقد أعيته المحاولة بعدما أدرك أن المطلوب منه ـ إسرائيليا وأميركيا ـ ليس أقل من التوقيع على صك بيع القضية بالجملة، فلم يشفع له لدى تل أبيب وواشنطن، لا معارضته علانية "عسكرة الانتفاضة"، ونبذه لكل أنواع العنف والإرهاب، ولا شهادتهم للسلطة ومؤسساتها الأمنية بنجاح التنسيق الأمني تحت إشراف الجنرال دايتون، وحل كتائب الأقصى التابعة لحركة فتح وتفكيك سائر الميليشيات الأخرى، ولا حتى نجاحه ورئيس وزرائه سلام فياض بإعادة بناء مؤسسات السلطة على أسس من الشفافية والنزاهة، لا يضارعها في ذلك أي دولة في الشرق الأوسط، بحسب تقارير البنك وصندوق النقد الدوليين والأمم المتحدة التي اعتبرتها قصة نجاح باهرة.

كل ذلك، وأكثر، أوصل عباس الى اقتناع انه بلغ حافة الهاوية، وبالتالي بات عليه البحث عن خروج آمن من هذا المأزق، تمثل في قلب الطاولة على رؤوس الجميع حتى لو وصل الى حد مغادرته المشهد. ولكن مغادرته، إن لم يكن كبطل للاستقلال وقيام الدولة، فعلى الأقل من دون أن يدخل التاريخ من أبوابه الخلفية كمفرّط بحقوق شعبه.

لم يوصل الاعتدال الذي أظهره عباس على امتداد السنوات الماضية الى أي مكان، فجذرية المشروع الإسرائيلي، الذي بلغ أعلى ذراه مع الثنائي نتنياهو- ليبرمان، لا تتسع لأي اعتدال فلسطيني، ولا يوجد بين اليدين ما يعتد به لعقد الرهان على تغيير قواعد اللعبة، فاستطلاعات الرأي الإسرائيلية تنذر بأن حكومة اليمين باقية حتى آخر يوم في ولايتها، والإدارة الأميركية دخلت مرحلة الانتخابات، وأوباما الطامح الى ولاية ثانية لن يغامر بخسارة أصوات اليهود كرمى لعباس والعرب، ناهيك بأنه أدرك قصور يده وطول ذراع اللوبيات اليهودية في مؤسسة صناعة القرار الأميركي المنحاز بقضه وقضيضه لإسرائيل، لذلك اختار عباس أن يواجه هذه الجذرية بجذرية فلسطينية لم نعهدها به من قبل.

فليس صدفة أن خطابه كان حافلاً في وصف معاناة اللاجئين وعذاباتهم الممتدة منذ عام نكبتهم 1948. ردد مراراً انه يقبل بدولة على 22% من أرض فلسطين التاريخية، أي انه يرفض الرواية الإسرائيلية عن عودتهم الى أرض الميعاد، كما رفض بإصرار الاعتراف بيهودية إسرائيل، وحسم بأنه لن يفرط بحق مليون ونصف المليون فلسطيني صمدوا على أرضهم، ويعرضهم لاحتمالات التهجير والاقتلاع. خاطب اللاجئين في مخيماتهم في الداخل والخارج، وأبلغهم أنه لن يقبل حلاً يسلبهم حقهم التاريخي بالعودة. لم ينس الأسرى، وحقهم بالحرية، عرّج على الشهداء واستشهد بالرئيس الراحل عرفات وذكره ثلاث مرات، ردد شعر محمود درويش، "باقون هنا، دائمون هنا.. لنا هدف واحد، سنكون".

أعاد تظهير صورة الاستيطان وجرائم المستوطنين، وممارسات جيش الاحتلال، وحصار قطاع غزة، على حقيقتها باعتبارها جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية.

عباس استعاد القاموس الفلسطيني الأصيل، الذي غاب في حقبة سنوات أوسلو، شكك في الشرعية الأخلاقية لقيام دولة إسرائيل، واستعاد الأبجديات الأولى للصراع.

بالمقابل، خاطب العالم بلغته، لغة الشرعية والقانون وحقوق الإنسان. انه لا يطلب المستحيل، بل حق تقرير المصير لآخر شعب رازح تحت نير الاحتلال، والاعتراف له بحقه في قيام دولته على جزء من أرضه وحقه التاريخي، والعيش بأمن وسلام من دون "خوف أمّ على طفلها ليعود سالماً من مدرسته، أو زوجة على عودة زوجها من عمله، أو فلاح على أرضه من النهب والاستيطان".

سجل الفلسطينيون في حسابهم كسباً معنوياً، وانتزعوا تأييداً وتعاطفاً دولياً غير مسبوق، بيد أن تحقيق الهدف الذي توخوه، وهو العضوية الكاملة لدولة فلسطين في الأمم المتحدة، ليس في متناول اليد بسبب الفيتو الأميركي الذي يتربص به. لكن ما تحقق لا يستهان به، والفرصة باتت مواتية لتغيير قواعد اللعبة وتصويب مسارها بعد طول انحراف. فلا عودة لمفاوضات بلا مرجعية واضحة كما حددها الخطاب، ولا احتكار أميركي لدور الراعي والحكم المنحاز والمتواطئ.

لقد أنجز الخطاب أهدافاً عدة دفعة واحدة، تتلخص بما يلي: أعاد الاعتبار للقضية ووضعها على رأس جدول الأعمال العالمي، انتزع ملف عملية السلام من مخالب تحالف واشنطن ـ تل أبيب، جدد تعاقد القيادة مع شعبها من جهة، واستعاد وحدته التي بددتها سنوات أوسلو، عندما أهمل الخارج الفلسطيني بالكامل، ما خلق زخماً ونهوضاً شعبياً افتقد طويلاً وأعاد الروح لسائر تجمعات الشعب الفلسطيني ولمّ شتاته.

ملاحظات سريعة

قبل طي صفحات احداث العام الذي يلفظ انفاسه الاخيرة، ثمة ملاحظات سريعة لا بد من تسجيلها وسيكون لها ما بعدها من اثار عميقة على القضية الفلسطينية، وهي ان القضية الفلسطينية لم تسجل أي حضور ذي شأن في خطاب وشعارات ثورات الربيع العربي، ذاك انها مثلت على نحو ما استفاقة لهذه الشعوب على حقوقها الوطنية والانسانية، بل استردادها بعد ان خطفت وصودرت عقود باسم القضية الفلسطينية وقتال الاستعمار والامبريالية، أي ان هذه الشعوب استعادت دواخلها المختطفة، ثانياً: ان قوى وجماعات الاسلام السياسي وبخاصة جماعة الاخوان المسلمين التي تتصدر المشهد في سائر بلدان الربيع كمصر وتونس وليبيا ومن بعدها اليمن وسوريا، وتلك التي تلقت تأثيرات هذا الربيع واستجابت له، ولكن بهدوء كالمغرب وبدرجة اقل الاردن، ما كان لها ان تحقق ما حققته من مكاسب كاسحة تفوق عشرات المرات حجم مشاركتها في ثورات هذا الربيع لو لم يتوافر لها شرطان، الاول: دعم دول الخليج العربي وفي طليعتها العربية السعودية وقطر، أي النواة الصلبة لمعسكر الاعتدال، بل المحافظ، بعد ان تخففت قطر من مزاعمها وظهرت على حقيقتها، والثاني التفاهمات التي جرى بعضها فوق الطاولة وبعضها تحتها بين جماعة الاخوان واميركا.

ولم يعد خافياً ان التفاهم بين واشنطن وحركة الإخوان المسلمين، ذهب باتجاهين:

أولا ـ حق حركة الإخوان المسلمين وفروعها، في المشاركة في الحكم، أو في إدارته، وفق نتائج صناديق الاقتراع، كما حصل في تونس والمغرب ومصر، واعتماداً على حصيلة شراكتهم في الجزائر والصومال والسودان والعراق، حيث أثبتوا بالأفعال حُسن سلوكهم وتفهمهم للظروف الإقليمية والدولية، وواقعيتهم، وفتحهم آفاق التعامل الأميركي الأوروبي معهم، بل والتعاون.

ثانياً ـ احترام حركة الإخوان المسلمين المصالح الأميركية في المنطقة العربية والمتمثلة بالعناوين الأربعة الآتية:

1 ـ تسهيلات تدفق النفط للاحتياجات الأميركية والأسواق العالمية.

2 ـ بقاء الأسواق العربية مفتوحة للبضائع والسلع الأميركية.

3 ـ الحفاظ على أمن إسرائيل وعدم تهديدها.

4 ـ محاربة الإرهاب ونبذه ورفع الغطاء عنه وتعرية أصحابه ومنفذيه.

ويبرز في هذا المجال تقاطع تصريحات قادة حركة الإخوان المسلمين وبياناتهم من المغرب وتونس ومصر، وتماثلها مع بعضها البعض، والتي تحمل المضمون نفسه، وإن اختلفت التعابير والمفردات، من احترام الاتفاقات الدولية، إلى التأكيد على الخصوصية المحلية، والأولويات الوطنية وغيرها.

غير ان الرهان يبقى معقوداً على ان شعوب العرب التي ثارت دفاعاً عن كرامتها الوطنية التي اهدرتها انظمة الاستبداد كنظام مبارك، او تحت شعارات الممانعة المضللة، لن تقبل باستمرار سياسة الغطرسة الاسرائيلية والتواطؤ الاميركي. ففلسطين وان تراجعت مؤقتاً على سلم اولويات العرب لن تختفي من جدول اعمالهم، وستبقى مسؤوليّة العرب الاخلاقيّة عن الشعب الفلسطينيّ وقضيته قائمة الى ان تجد طريقها للحل العادل.

المصدر: جريدة المستقبل