القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأحد 24 تشرين الثاني 2024

ربيع الفلسطيني

ربيع الفلسطيني

بقلم: علاء العلي

منذ سنوات قرر أن يعطي عقله إجازة. لا بل إنه استعان بأحد البلطجية ذوي الخبرة في خدمة الأنظمة العربية ليضربه على جمجمته ليفقد الذاكرة. فربيع، المولود لأب وأم فلسطينيين، لم تعجبه الإقامة رهينة بين جدران المخيم. هكذا عُرف بين شعبه بـ«ربيع المجنون». أما في الظروف الطارئة التي كانت تقوده الى خارج المخيم، فاسمه كان يتغير، فينادى بـ «ربيع الفلسطيني». والميزة التي يعرفها الجميع عن ربيع هي التزامه إحياء المناسبات العامة والخاصة. سيقف مقترحاً على العروسين إنهاء العرس على أنغام نشيد «طل سلاحي» بدل اغنية «دقوا المزاهر». وقد يقتحم مأتماً مأزوماً بإيجاد قبر لصاحبه ليقترح بناء طابق ثان في المقبرة، باذلاً أقصى جهده لإقناع الحاضرين بالفكرة. لا يثنيه الطرد بالركلات عن الاقتراح على المتظاهرين الهاتفين بـ «ع القدس رايحين شهداء بالملايين» تبني الفكرة. أما مبلغ ملايين الدولارات الذي ينفق على كرة القدم، فقد كان اساس فكرة ولدت في مخيلة ربيع لإقامة مونديال أممي على ارض ملعب المخيم، لعل الأموال تنهمر على فقرائه فيستغنون عن خدمات الوكالة وتشبيح الجمعيات . هكذا، كانت له صولات وجولات بين اللاعبين بغية إقناعهم، أثناء المباريات وقبلها وبعدها. الى أن طرد من الملعب شر طردة وبالركلات أيضاً . فما كان منه إلا أن تسلل الى سطح منزل قريب يستطيع منه الإطلال على الملعب. وليأسه من مخاطبة الرواد هناك، انتظر الليل. فحدّث النجوم عن أفكاره. وعلى ما يبدو فإن صفاء السماء في تلك الليلة جعل للنجوم بريقاً. فأقنعت ربيع بأن ثمة مخلوقات تعيش هناك توافقه الرأي. هكذا صار لربيع موعد مع النجوم والأحلام فوق سطح ذلك المنزل. وهكذا أيضاً كان وجود ربيع طبيعياً بين المجتمعين لمتابعة خطاب أبو مازن في الأمم المتحدة . لم يعجب ربيع أي شيء في الخطاب . وما إن نطق « الرئيس» بعبارة الربيع الفلسطيني، حتى صرخ ربيع بأعلى صوته «أي ربيع والزلمة يلي عم بحكي اكبر من الخريف وستي وسيدي؟ ». فما كان من الحاضرين الا أن طردوه وبالركلات طبعاً. عاد الى السطح فاقترح على أصحابه الفضائيين إقامة مجلس أمن جديد، لا يحظى فيه أي شعب بالعضوية الدائمة وحق الفيتو. فكان له ما أراد. وعُقدت الجلسة الأولى على ذاك السطح. فوقف ربيع بين ممثلي ال شعوب. حكى حكايته مذكراً بأن من بنى الأسوار حول المخيم هو جيش تابع لدولة، وأن من طرد عائلته من فلسطين أقام على أرضها دولة، وأن من يضع الفيتو على حقوق شعبه هو دولة، لذلك نصح ممثلي الشعوب بالمشاركة في مجلسه ذاك بالضغط لسحب عضوية دولهم من الأمم المتحدة، اعتراضاً على تحيز تلك الدول. صحيح؟ من قال إن الأمم المتحدة تبقى كذلك إن استقالت الدول؟ هممم. هذا اقتراح قد يكون سبباً أيضاً لطرده من السطح، وبالركلات طبعاً.

المصدر: جريدة الأخبار اللبنانية