ربيع فلسطين
... ذكريات لا تُنسى
بقلم: غسان الشامي
ذاكرة فلسطين التاريخية
تحفل بالأحداث المهمة، وتذكرنا بالكثير من الآلام والذكريات المنقوشة عبر جدار التاريخ،
والمرسومة بالدم على أرض فلسطين.
ولا يمر علينا
ربيع فلسطين (نيسان/ أبريل)، دون أن نتذكر أحداث الألم والوجع الفلسطيني، إنه شهر يحمل
بين جنباته ذكريات أليمة، ذكريات ثورة وحلم وتحدٍ.
إن ربيع فلسطين
هو شهر مثخن بالأحداث، ومليء بالذكريات التي تستوجب الوقوف عندها، وتستوجب منا الحديث
عنها، وسنتحدث في هذه المقال عن ذكريات المجازر الأليمة التي نفذتها العصابات الصهيونية
بحق أبناء شعبنا الفلسطيني في نكبة فلسطين، وذكريات جرائم الاغتيال التي نفذتها أجهزة
المخابرات (الإسرائيلية) بحق قيادات وكوادر الثورة الفلسطينية، ولا يغيب عن بالنا يوما
القادة الفلسطينيون الذين استشهدوا خلال شهر نيسان هؤلاء الرموز الذين رسموا لنا معالم
الطريق نحن تحرير أرض فلسطين.
وتسجل الذاكرة
الفلسطينية ارتكاب العصابات الصهيونية مجازر بحق أبناء شعبنا الفلسطينية خلال شهر نيسان
، وسنتحدث عن عدد من المجازر الصهيونية بحق أبناء شعبنا التي ارتكبت خلال عام 1948م،
ومن هذه المجازر، مجزرة دير ياسين، وهي من أبشع مجازر القرن العشرين بحق الفلسطينيين،
نفذتها العصابات الصهيونية (الشترون والإرجون، والبلماخ والهاغاناة) في التاسع من نيسان-
أبريل عام 1948م عندما اقتحمت قرية دير ياسين، وقامت بذبح وقتل المئات من النساء والأطفال
والشيوخ، وقد سجل التاريخ الفلسطيني استشهاد حوالي (360) فلسطينيا، وجرح المئات وتهجير
أهالي القرية.
ويعتبر الصهاينة
مجزرة دير ياسين من أهم المجازر في تاريخ الكيان الصهيوني، فقد قال عنها رئيس الوزراء
الصهيوني مناحيم بيغن الذي كان قائد فرقة الارغون التي اقتحمت القرية "لقد كان
لهذه العملية نتائج كبيرة غير متوقعة، فقد أصيب العرب بعد أخبار دير ياسين بهلع قوي
فأخذوا يفرّون مذعورين، فمن أصل 800 ألف عربي كانوا يعيشون على أرض فلسطين المحتلة
عام 1948م، لم يتبق سوى 165 ألفا".
و يسجل التاريخ
الفلسطيني حدوث عدد من المجازر خلال نيسان ، فقد ارتكبت العصابات الصهيونية في الثاني
عشر من أبريل عام 1948م مجزرة بحق سكان قرية " قالونيا" وهي قرية تبعد عن
القدس المحتلة بحولي 7 كلم، حيث تمت مهاجمة القرية ونسف عدد من بيوتها، واستشهد خلال
هذه المجزرة (14) فلسطينيا وجرح العشرات من أهلها، وفي الثالث عشر من أبريل عام
1948م ارتكبت العصابات الصهيونية (الهاجاناه) مجزرة بحق سكان قرية "اللجون
" قضاء جنين، وقتلت (13) شخصاً من أهلها.
وسجلت الذاكرة
الفلسطينية أن العصابات الصهيونية نفذت في الرابع عشر من نيسان عام 1948م مجزرة كبيرة
بحق سكان قرية ناصر الدين التي تبعد 7 كلم عن مدينة طبريا، حيث أرسلت عصابتا (الارغون)
و (شتيرن) جنودا يلبسون الألبسة العربية، وعندما دخلت العصابات القرية فتحت نيران أسلحتها
على السكان، فاستشهد خلال المجزرة (50) فلسطينيا، كما شهد يوم التاسع عشر من ابريل
عام 1948م قيام العصابات الصهيونية بتفجير أحد المنازل الفلسطينية في مدينة طبريا وقتلت
14 فلسطينيا من سكانه .
إن ما ذكر في المقال
من مجازر شهر نيسان هو عدد قليل جدا أمام مسلسل الجرائم الصهيونية التي تواصلت على
مدار السنوات حتى يومنا هذا، ولكني ركزت الحديث عن مجازر نكبة فلسطين.
و تسجل ذاكرة فلسطين،
أن العدو الصهيوني نفذ خلال شهر نيسان عددا من جرائم الاغتيال بحق عدد من القادة والرموز
الفلسطينية، هؤلاء الرجال صنعوا من حياتهم تاريخ عز وكرامة وبطولة وفداء؛ ففي العاشر
من نيسان من عام 1973م قام جهاز الموساد (الإسرائيلي) بتصفية واغتيال لثلاثة قادة فلسطينيين
وهم كمال ناصر، وكمال عدوان، ومحمد يوسف النجار، في شارع فردان في مدينة بيروت، وقاد
هذه العملية (أيهود بارك) الذي أصبح في نهاية التسعينيات من القرن الماضي رئيسا لوزراء
الكيان، واعتبرها العدو من أكثر عمليات الاغتيال تعقيدا، وحققت نتائج مهمة.
ويحمل ربيع فلسطين
ذكرى استشهاد خليل الوزير أبو جهاد، الذي اغتيل في تونس في السادس عشر من نيسان عام
1988م، في عملية مقعدة ومن أكثر عمليات المخابرات (الإسرائيلية) تعقيدا .
وفي السابع عشر
من نيسان عام 2004م كانت فلسطين على موعد مع استشهاد أسد فلسطين الدكتور عبد العزيز
الرنتيسي، الذي لا زالت كلماته القوية تتردد في مسامعنا "سننتصر يا بوش.. سننتصر
يا شارون وستعلمون غدا ذلك بإذن الله، فكتائب القسام ستزلزلكم في حيفا وعكا، وستضربكم
في تل أبيب" وقد تحققت مقولة الشهيد الرنتيسي حيث ضربت كتائب القسام المظفرة العدو
الصهيوني في "تل أبيب" بصاروخ الرنتيسي (R160).
إذاً شهر نيسان
هو شهر فلسطيني يحمل في أيامه ذكريات الألم والوجع، والدم الفلسطيني الذي رسم خارطة
الطريق نحو تحرير فلسطين وإقامة دولتنا المستقلة وكنس المحتلين الغاصبين عن أرضنا.
المصدر: صحيفة فلسطين