القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

ربيعنا الفلسطيني

ربيعنا الفلسطيني

بقلم: ماجد الزير

الوحدة الوطنية الفلسطينية بالعموم مطلب مهم يحتاجه الشعب الفلسطيني في كفاحه وجهاده لاستعادة حقوقه كاملة غير منقوصة. وظهور الفلسطينيين ضمن إطار يوحدهم مع اختلاف اجتهادهم في أخذ المواضيع والتعامل مع مفردات القضية فيه من المكاسب الكثيرة التي تستأهل السعي الحثيث إلى إتمام المصالحة والوصول إلى هذا الإطار الوحدوي. وهذا يظهر إذا حصل في شتى مجالات العمل في طور استرجاع الحقوق. ونستحضر هنا أننا في مرحلة تحرر وطني ولم نتجاوز مرحلة الثورة والثوريين. ونعتقد بوعي العدو الصهيوني لهذه الحقيقة، ولهذا فهو يسعى بكل إمكاناته إلى أن تبقى الفُرقة الفلسطينية.

ونحن نطرح هذا، نعتقد أن الشعب الفلسطيني تواق إلى إتمام ملف المصالحة الوطنية وإنهاء حال الانقسام القائم الذي طال أمده. ولا يفترض تماهي الفصائل الفلسطينية المتحاورة وأن يصلوا إلى نتيجة أن تذوب هياكلهم في هيكل حزبي واحد. لكن بالتأكيد إنهم مهما اختلفوا، فإن ما يتفقون عليه يجب أن يصبّ في نتيجة واحدة وتحقيق الأهداف المنشودة التي يتفق عليها الجميع بحدودها الدنيا، وهذا ما نتعارف عليه بعدم النزول تحت الخطوط الحمراء.

نعتقد أن المشكلة تكمن في هذا التعاطي مع عنوان المصالحة. أظن أن المتحاورين مختلفون بشأن الإجابة عن سؤالين رئيسيين : ماذا نريد؟ وكيف نحققه؟ وهذا يبدأ في التعريفات الرئيسية للصراع. بدءاً بتعريف العدو، ومروراً بتحديد فلسطين التي نقصد، وانتهاءً بأدق التفاصيل. ولهذا طالت المصالحة، وليس في الأفق أن نصل إلى ما نريد.

مثالاً على حدة المسألة، يتجلى الافتراق في مقابلة محمود عباس مع التلفزيون الإسرائيلي أخيراً عشية الذكرى الـ 95 لإصدار وعد بلفور، إذ أكد فيها إسقاطه لحق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى فلسطين. وهو بذلك يُسقط هدفاً استراتيجياً يُجمع عليه الشعب. ويذهب إلى أحد أساليب العمل، هو نهج الانتفاضة، لينتقضه ويعارضه بشدة في المقابلة نفسها.

مسألة خلاف أخرى، هي تصدر المشهد الفلسطيني ومن يقود الشعب. وهنا نقصد منظمة التحرير الفلسطينية، وخوف محمود عباس ومجموعته من ضياع سلطتهم. ويبنون تخوفهم على نتائج انتخابات المجلس التشريعي في الضفة وغزة في كانون الثاني / يناير 2006.

تغيرت الظروف الإقليمية والدولية حول القضية الفلسطينية، وهبّت رياح الربيع العربي في العديد من الدول العربية. وبقينا نحن في القضية الفلسطينية نراوح في العناوين نفسها. وكأن شيئاً لم يحصل. وساد نهج ديموقراطي شعبي جديد في المنطقة أفرز أنظمة شرعية من رحم الشعوب.

ونرى أن الشعب الفلسطيني نفسه وجد الربيع العربي أتى منسجماً مع الثورة الفلسطينية ضد العدو الصهيوني، التي كانت ممتدة خلال العقود الستة الماضية من الاحتلال. يدلّ على هذا، المزاج العام للشعب الفلسطيني، في تجلٍّ لا يقبل الشك إبان الثمانية أيام الأخيرة على غزة، حيث شارك كل الطيف الفلسطيني في كافة أماكن وجوده في التهليل بإنجاز المقاومة ودحر المحتل. وهو بذلك يعتمد أسلوب المقاومة والانتفاضة ونهجهما.

ليس من المعقول بعد كل هذا أن نرجع للتعامل مع ملف المصالحة إلى النقاط نفسها والملفات ونفسها وبالطريقة نفسها. المتحاورون يدعون أنهم يريدون ما يريده الشعب، وحتى يكونوا موضوعيين في التعاطي مع هذه النقطة بشفافية، فنسقط كل الملفات لمصلحة ملف واحد نجتهد فيه ونمضيه. هو ملف الانتخابات وقيادة المنظمة. وينتج من هذا قيادة حقيقية للشعب تتصدر المشهد. ويسكت الجميع بعده لمصلحة القيادة الشرعية بعد أن يكون الشعب قد قال كلمته.

يساعد على هذا بيئة سياسية عربية جديدة تعطي الاعتراف الفوري لهذا المنتج الفلسطيني.

هذه دعوة إلى أن تكون جولة المصالحة الفلسطينية القادمة هي الأخيرة نركز فيها على ملف واحد فقط، هو انتخابات لمجلس وطني فلسطيني جديد يأتي عبر عملية انتخابية شفافة في كل أماكن وجود الشعب الفلسطيني. ثم يتنحى الفرقاء الفلسطينيون الحاليون للقيادة المنتخبة. ولا يدعي بعدها أحد منهم وصلاً بليلى. فليلى قد اختارت عريسها وانقضى الفرح.

إذا لم يحصل هذا وفشلت المحاولة، فإننا ندعو إلى الذهاب بشكل منفرد إلى الدعوة لتشكيل مجلس انتقالي فلسطيني مكون من مئة شخصية فلسطينية تعكس جموع الشعب الفلسطيني ديموغرافياً وجغرافياً لمدة محددة تكون له مهمة وحيدة، هي الإعداد لانتخابات شاملة في كل أماكن وجود الشعب الفلسطيني وبآليات واضحة، تفرز مجلساً فلسطينياً وطنياً جامعاً يمثل الشعب. ولتكن منظمة التحرير هي الوعاء لهذا من دون البحث في عناوين جديدة. ندعي أن عباس ومجموعته قلة، وجموع الشعب الفلسطيني ليسوا على ما هم عليه. والخطوة لن تكون بهذه الصعوبة. وليكن ربيعاً فلسطينياً سلمياً.
 
المصدر: مجلة العودة، العدد الـ63