رســائـل
صبـابة وحنظلة | نشيد للنهر البارد
باسل عبد العال
نُطلُّ
،
وفي
جرحِ نهرٍ يُطلُّ علينا كوجهِ الشهيدِ ،
وحاجزِ
جيشٍ يقيمُ على حافّةِ الجرحِ
بين
دخولٍ وبين خروجٍ ،
ونحنُ
نطلُّ على أملٍ في الوصولْ، ......
وصلْنا
إلى النّهرِ
حيث
يصيحُ المكانُ بنا ،
هُنا
سقط النّهرُ في دمِنا ،
وعاش
الشّهيدُ بقلبِ المخيّمِ
نبضُ
الطريق إلى الحلمِ
يسألُ
نفسهُ : كيف أموتُ بنارِ الشقيقِ ؟ وينسى الشهيدُ
صُراخ
الذّئابِ على النهرِ
حين
يسيرُ النّزيفُ ويرتفعُ الصوتُ من شرفاتِ الهديلْ ،.....
ونحنُ
بلا كفنٍ أو بلا بلدٍ في البلادِ ،
ولكنّنا
نرتدي وطناً في المنامِ ،
نُحبُّ
حجارة نهر الأصيلْ، ......
ونرقصُ
ملء الفضاءِ ، نقولُ الحقيقة !!
قلنا
الحقيقة في حلكةِ الأرضِ ،
يوم
صرخْنا وبلّل غيمُ الشوارعِ دمعُ الشوارعِ ،
نعشقُ
ورد الربيعِ ،
نريدُ
الحياة ورائحة البحرِ في موجةِ الذكرياتِ ،
وحين
ننامُ ونشعرُ بالدفءِ في حُلمِنا ،
خلوِّ
الدروبِ من الجنْدِ في ساعةِ الليلِ ،
يبقى
الفقيرُ الغريبُ الضليلْ،......
يحدّثُ
أحلامهُ : من حقوقِ الزّهورِ إلى شغبِ الرّيحِ ،
يبكي
على ظلّهِ في المرايا ،
يُباغتُنا
الموتُ في النّهرِ ثانيةً ،
فيا
إخوتي ، لا تكونوا كأشواكِ من سبقوا
وافتحوا
لي نوافذ حبٍّ
لكي
يتنفسَ في السجنِ شعبُ السجونِ
وكونوا
إلينا ،
لنغلق
باب السبيلِ الأخيرِ من البردِ ،
يا
إخوتي ، من حقوقِ السّهولِ إلى وضحِ الشمسِ
كي
لا تموتَ ،
نودّعُ
طفل المياهِ شهيداً ،
ونهتفُ
في الماءِ ،
سيري
بحريّةٍ في الجنازةِ ،
قولي
لهُ : نمْ على قمحِ حلمِك عند هبوبِ الصّهيلْ ، ....
ونمْ
في الحكايةِ ، في أُهبةِ الضوءِ ،
من
أجلِ باردِنا وابتسمْ ،
هكذا
لم يَعُدْ في شمائلِ هذي العواصفِ ما نشتهي ،
هكذا
ننتمي للهويّةِ ،
للزّعْترِ
الجبليِّ ،
ونكتبُ
تاريخ مجدٍ لذاك النّشيدِ الجميلْ، .....
فيا
أرضنا لم نمتْ بعدُ
نحنُ
هُنا ، في ظلالِ « البراكْساتِ « والقبرِ ،
في
ظلِّ بحرٍ وفيٍّ
يُعانقُ
فينا تراب النخيلْ ، ....
ففي
كلِّ موتٍ يجيءُ
نشمُّ
نِداء الرّحيلْ ، ....
ونرفعُ
للفجرِ كفّ الحياةِ
نحيّي
النّهار الجديد ،
لنشفى
قليلاً وننسى ،
كيومٍ
جريحٍ ، أسيرٍ ، قتيلْ ، ....
كنهْرٍ
كئيبٍ بجانبِ روحٍ تئنُّ ،
وتنشدُ
: لا تقتلونا ، ولا تنثرونا بلا سببٍ في العويلْ ، .....
لماذا
سفكْت دماءِ الطّيورِ ؟
ببرْدِ
الحصار وحرّ الدمارِ ،
لماذا
، لماذا نسيتَ ؟
وحين
تذكّرْت أرض المعاركِ ، حين غدوت
هُناك
ونحنُ عُراة ٌ، حُفاةٌ
نصلّي
بدفءِ المكانِ الجديدِ ،
ونغسلُ
ثوب المكان القديم ،
بكلّ
الكرامةِ فينا ،
نقاومُ
فوق صليبِ المنافي ،
لماذا
، لماذا قتلْت ؟
حماماً
يتيماً ، وعشّاً وحقلا ،
فماذا
اقترفنا من الليلِ ؟ ماذا أسأْنا ؟
فمازال
فينا ،
بقايا
البقاء الأخيرِ ،
فنحيا
، ونحيا ،
فدعْنا
نغنِّ لميلادِ فجرٍ ،
فها
أنت شئْتَ وها نحنُ شئْنا ،
نريدُ
الدّخول إلى البيتِ مثل الطّيورِ بأجنحةِ الرّيحِ ،
كلُّ
الفصولْ ، ....
بنومٍ
ضئيلٍ ونجمٍ عليلْ ،.....
نحاولُ
فكّ المعاني بدمّ القصيدةِ
نفرحُ
، نغضبُ ،
نبصِرُ
شكل الخيام تنامُ على كتفِ النّهرِ
ترقصُ
في وترِ البرقِ ،
قرب
الحواجزِ ملء انتظارٍ طويلٍ ،
طويلٍ
، طويلْ ،......
المصدر:
جريدة الأخبار