القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

رسائل صبابة وحنظلة: لبنان، لا يرحب بكم

رسائل صبابة وحنظلة: لبنان، لا يرحب بكم

بقلم: إيمان بشير

وعلى الحدود الجنوبية لسوريا، نكبة جديدة لا تكاد تقلّ قسوة عن نكبة 1948. هنا البرد قارس، المطر يهطل من السماء ويتدفق من باطن الأرض. قلّة الطعام وندرة وسائل التدفئة تتسابقان مع سوء حالة الخيمة المُضيفة. «أيهما أقسى يا ترى: الجوع أم العراء؟». قد تكون عنصرية هذا البلد، بلد السياحة والشوبينغ، أقسى من كل ذلك. يجدر بلبنان أن يغيّر لافتة الترحيب الحدودية إلى «لبنان لا يرحب بكم»!

تستعطفك محطة تلفزيونية، تحاول تغيير الرأي العام اللبناني، تجاه قضية النازحين من سوريا: سوريين وفلسطينيين. رفيق في هذه المحطة يختتم تقريره البارحة بأروع ما قد يُقال «أيظن المعنيون أن هؤلاء يرغبون باللجوء والعيش بظروفٍ مثل هذه؟»، يقولها وهو يدخل خيم اللاجئين وبيوت الزينكو، يتحدث إلى القادمين الجدد، يشكون إليه البرد والجوع وقلة الغاز والمازوت. هم يخافون من الموت. فعلاً، من الغباء أن يظن أحد ما أن هؤلاء هربوا من الموت بالرصاص والقنابل وأتوا إلى لبنان ليموتوا من البرد والجوع! محطة تلفزيونية أُخرى، لا تنقل أخبار هؤلاء أصلاً، وكأنهم غير موجودين والبلد بألف خير. يا ماشالله! وأُخرى تبخّ العنصرية كالسم. تنقل إليك لحظة بلحظة كيف يتزايد أعداد هؤلاء على موقعها الإلكتروني، تخيفك بأنهم إن أتوا فقد لا يرحلون أبداً، والبلد أصلاً يضيق بك، والمعيشة الغالية والإيجارات «متل النار»، ألم تخف بعد؟ فزاعة التوطين تعود مجدداً إلى الواجهة، توطين فلسطينيين، سوريين، وأنت تهرب، تسافر، تهاجر، البلد لم يعد لك! وكأننا لم نملّ من هذا الحديث في الثلاثين سنة التي مضت، وكأن على هذه الفزاعة أن تعوق طريقنا في الوصول إلى أي حل.

عزيزي اللبناني، من يريد أن يوطن في بلد كهذا أصلاً؟ 4 قتلى في موجة برد، انهيارات جسور، فيضانات أنهر، أتريد بعد؟ عناقيد الغضب، اغتيال الحريري، حرب تموز، 8 آذار، 14 آذار، اغتيالات «عن أبو جنب»، الخميس الأسود، 7 أيار، القمصان السود، نهر البارد، مارون الراس، مخطوفون، سلفيون مسلحون، إضراب جامعات، إضراب مدارس، انقطاع المياه في الصيف، فيضان المياه في الشتاء، أزمة كهرباء صيفاً وشتاءً، أزمة إيجارات، ربطة الخبز 900 غرام، تنكة البنزين 37000 ليرة، إشكالات، قتلى، جرحى، طوائف، أحزاب، تعطيل حكومة، تشكيل حكومة، انفجار الأشرفية، اغتيال وسام الحسن، حاجز الناعمة، حواجز على الهوية، سُنّة، شيعة، دروز، مسيحيين... خلص. بيكفي!

المصدر: الأخبار