القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
السبت 23 تشرين الثاني 2024

رسالة مفتوحة إلى وزير العمل اللبناني

رسالة مفتوحة إلى وزير العمل اللبناني
اللاجئون الفلسطينيون في لبنان .. يعانون البطالة

/cms/assets/Gallery/1998/94321662.jpg

قاسم صباح

حضرة سعادة وزير العمل اللبناني الأستاذ كميل أبو سليمان المحترم

تحية وبعد

أكتب لجانبكم الكريم في محاولة لمساعدتكم في الخروج من المأزق الذي وضعتنا وإياكم فيه القرارات التي تحاولون أن تطبقوها، وأنتم أعلم أنها جائرة مهما تخفت وأخفيت تحت أسماء «قوانين»، ومن منّا لا يحبّ تطبيق القانون حين يكون إنسانيًّا.

بداية، لم يكن مستغرباً أن يتولّى شخص من وزنكم الثقافي والعلمي حسب ما علمنا، من خلال المقابلة مع الأستاذ مارسيل غانم على شاشة «إم تي في»، وزارة العمل، وأن يرشحكم حزب «القوات اللبنانية» لهذا المنصب، إذ إن وزارة العمل وزارة تتطلب المعرفة العالية والكفاءة في مجال القوانين المحلية والدولية، وهذا يدعو للاستبشار لأنني هنا أريد أن أحدثك عمّا تعلم وعمّا لا تعلم.

لقد كان واضحاً لي، وللكثير من المشاهدين أن معلوماتك حول الوضع الفلسطيني في لبنان لا تتجاوز قراءة صفحة أو صفحتين من أيّ كتاب أو دراسة أو مقال في جريدة، وهذا ليس مستغرباً بسبب الخلفية الثقافية والحزبية التي تأتي منها.

قد تكون على معرفة بالقضايا التي تخصّ الفلسطينيين على مستوى هيئة الأمم المتحدة والقرارات الدولية، لكنك من المؤكّد لم تدخل أو تمرّ في حياتك قرب مخيم فلسطيني.

معالي الوزير، هنا أريد أن أوجّه لمعاليك عدة أسئلة:

السؤال الأول: ماذا تقدم الدولة اللبنانية للّاجئ الفلسطيني؟ وأنت الأدرى مني ومن الكثيرين بما تفرضه المعاهدات الدولية من اتفاقيات على كلّ دولة تستقبل لاجئين! أرجوك أجبني! ماذا تقدّم لهم غير هذه الكيلومترات القليلة لكي يبنوا عليها مخيماتهم البائسة.

السؤال الثاني: هل تعلم أن الذين تعمل على قطع رزقهم هم الجيل الثالث الذي وُلد وترعرع وتعلّم وأكل وشرب وتزوّج مع الشعب اللبناني. وهو الذي ورث ويجب أن يرث المجد الذي صنعه الفلسطينيون في لبنان مع الجيل الأول في لبنان، وهنا لا داعي لذكر أسماء الجيل الأول الذي ساهم في إعمار لبنان، فذلك موجود ومنشور في الكثير من الأدبيات. ألا يستدعي ذلك تقديراً لأحفادهم بدل الإذلال؟

سؤال آخر، تكلّمتَ معاليك عن أن «أونروا» تقدّم لهم الطبابة وسبل العيش... فإن كنت تدري وقلت هذا فتلك مصيبة، وإن كنت لا تدري فالمصيبة أعظم. هل تعلم معاليك ماذا تقدم «أونروا» للفلسطينيين؟ إنها توظّف عدّة مئات منهم، وتقدّم لهم القليل القليل مما يبقيهم على قيد الحياة، بل بالكاد يبقيهم على قيد الحياة. هل تعلم ما تقدّم لهم على مستوى المساعدات الغذائية أو المساعدات المالية؟ أرجوك اسأل، اتصل بأحد المسؤولين في «أونروا» واسأله عن مستوى العناية الطبية التي يقدمونها للفلسطينيين! اسألهم عن عدد الذين يموتون سنويا بالسرطان والسكري والقلب والضغط... اسألهم أرجوك.

سيدي الوزير، هل تعلم أن مستوى التعليم «بأونروا» يتدنّى سنة بعد سنة بسبب ازدحام الصفوف؟ هل تعلم أنه في الصف الواحد في مدرسة «أونروا» يوجد أكثر من خمسين تلميذاً لمدرّس واحد؟ وأن «أونروا» أوقفت كلّ الدروس الداعمة لهذا الكمّ من التلاميذ؟ ورغم ذلك لا زال الفلسطينيون يتصدّرون لوائح النجاح في الامتحانات والجامعات. سيدي الوزير، هل تعلم كم طالباً فلسطينيا يتعلّم في الجامعات اللبنانية بدعم من الجمعيات أو بدعم من أقاربه في الخارج؟

اسأل الجامعات كم من الطلاب الفلسطينيين تفوقوا في دراستهم. هل تعلم عدد حملة الماجستير والدكتوراه بين أبناء الشعب الفلسطيني في لبنان الذين يجلسون في ظلمة المخيمات بلا عمل أو أمل، ويبحثون عن مخرج للهروب في أصقاع الدنيا بحثاً عن العدالة.

لقد قلت في المقابلة إنه ممنوع على الفلسطيني أن يعمل في ثمان وثلاثين مهنة! هلّا قلت لي ما هي المهن المسموح للفلسطيني العمل بها حتى نلتزم بالأمر؟ هل للمهندس حق الهندسة؟ وهل للدكتور حق الطبابة؟ وهل للمحاسب الحق بأن يلمس دفاتر الحساب؟ هل وهل وهل....؟ قل لنا ماذا تريد أن نعمل بشرف وسنعمل، لكنني أعلم أنك لا تعلم ماذا نعمل، وماذا يحق لنا أن نعمل؟

هل تعلم كم يملك الفلسطينيون من الشقق التي لم تسجّل حتى الآن بأسمائهم ويبحثون عن طريقة لتسجيلها بأسماء أقاربهم اللبنانيين الأمر الذي قد يخلق الكثير من الإشكاليات والتوتر؟ لكنك لا تعلم، لا أظنّ أن أحداً يعلم.

سيدي الوزير أرجوك كلّف نفسك واتصل بمدير «أونروا» واسأله ماذا يقدّمون لسبعة آلاف من المعوقين الفلسطينيين الذين يعيشون في المخيمات في حالات بائسة، اسألهم كم يغطّون من الفاتورة العلاجية للمريض بأيّ مرض كان، اسألهم ماذا يفعلون للبنية التحتية المزرية في المخيمات، اسألهم واسألهم واسألهم.... لكي تعرف.

هل تعلم أن من أهم مقدّمي الخدمات في لبنان هم الجمعيات الأهلية، ومنذ اللحظة التي بدأت فيها «صفقة القرن» وهم يواجهون صعوبة للحصول على تمويل من الهيئات والجمعيات الدولية؟ لا تقنعني أن الأمر بريء، فكلّه في سياق واحد: «اخنق الفلسطينيين لكي يركعوا... أغلق عليهم سبل العيش لكي يسلّموا». هذا الذي يعيشه الفلسطينيون فلا تكن مشاركاً في ذلك كنت تعلم أو لا تعلم.

سيدي الوزير، قبل أن تتكلّم تعلّم، فالسؤال نصف العلم، وقبل أن تمارس ما تعلّمته في المؤسسة الحزبية التي أتيت منها، مارس ما تعلّمته في الدول والهيئات الدولية حول حقوق الإنسان.

الفلسطينيون لا يريدون التوطين ولا يريدون التجنيس، ففلسطين أغلى وحق العودة مقدّس، ولكننا لم نعتد أن نقبل الضيم ولا اعتدنا أن نموت جوعاً، ولم نعتد بأن لا نكون مسالمين مع من سالمنا ومنتفضين مع من ظلمنا، وذلك مصداق قول سيدنا الإمام علي: «عجبت للجائع كيف لا يخرج على الناس بسيفه». نحن لا نريد أن نخرج بالسيوف معاذ الله، نحن خرجنا لنقول لك لا للتجويع ولا للتركيع.

هل تعلم كيف يعيش الفلسطيني؟ أرجوك قابل عدداً من الفلسطينيين واسألهم ثم حكّم ضميرك وما تعلّمته في الخارج ولا تستمع لمن حولك من أحزاب وطواقم إدارة وموظفي وزارة مستفيدين.

سيدي الوزير، فلسطين تساوي الفلسطينيين، إذا كنت مع فلسطين فعليك أن تكون مع الفلسطينيين، وإذا لم تكن مع فلسطين فلا يكفيك أن تلبس الحطّة الفلسطينية في مهرجان دولي.

سيدي الوزير، لا تظن أن ما فعلته أنت لا يأتي في سياق يشعره كل الفلسطينيين كل يوم. لا يستطيع أي عاقل أن ينفي أن «صفقة القرن» بدأت بالوضع الاقتصادي بورشة البحرين، وسعادتك بدأت هذه العملية بادئاً بالوضع الاقتصادي للفلسطينيين، الأحمق فقط من لا يربط بين الأمرين. نحن لا نريد أن يسجل لك التاريخ أنك الشخص الذي قطع أرزاق اللاجئين في لبنان.

سيدي الوزير، أنا أدعوك لتزور أحد المخيمات الفلسطينية فقط، لا تتكلم مع أحد.. ادخل أو مر من هناك... وأنا أتحدّاك إن استطعت أن تنام ليلة واحدة في أحد المخيمات، وإن استطعت فنحن سنقبل بكل ما ستفرضه علينا من إجراءات. والسلام.