القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

رمضان المخيم.. وجهٌ مختلف

رمضان المخيم.. وجهٌ مختلف

بقلم: هبة الجنداوي

مع خيوط الفجر الأولى من صباحات رمضان في المخيم ترى أفواجًا من الرجال والأطفال عائدين من المساجد في الحارات بعد صلاة الفجر، حيث تمتلئ المساجد بجموع المصلّين على غير العادة في تلك الأيام ما قبل رمضان.

في ساعات الصباح الأولى ومع طلوع الشمس يذهب كلٌّ إلى عمله كالعادة لاقتناص الرزق اليومي.. تسير في الزقاق فترى شاباً هنا يقبّل يد والدته العجوز طلباً لرضاها في هذا الشهر الفضيل، يذهب الشاب وتبقى والدته تدعو له أن يحميه الله ويوفّقه ويبعث له بنت الحلال "اللي تسر قلبو وخاطرو".

وفي زقاقٍ آخر ترى حاج مسن يجلس أمام باب الدار ويبدو عليه الشرود في فضاءٍ بعيد خارج أسوار المخيم، كأنه يستذكر آخر رمضانٍ قضاه بين حقول بلدته في فلسطين، ينتظر عودته إلى هناك ليقطف حبات الكرز التي أزهرت في غيابه..

أمّا في ساعات الظهيرة، فبائعو الحلوى والترمس والذرة الذين كانوا يقفون أمام عرباتهم في الحارات قد اختفوا جميعهم، فالأطفال بعضهم من هو صائم والبعض الآخر يستحي أن يشتري ويأكل أمام الملأ حتى لا يوصفون بالضعفاء أو بتلك العبارات التي يرددها الأطفال لمن يفطر في رمضان «يا مِفطِر اليوم في تمَّك حردون.. إمّك الفلاّحة وأبوك المجنون»..

وترى بعض الشباب الصغار يتوجهون إلى محلات الكمبيوتر لإضاعة الوقت بالألعاب الإلكترونية، وصرف المال عليها، علّ الوقت يمضي بسرعة. وفي زاوية مخفية يختبئ شاب في مقتبل عمره لاقتناص فرصة تدخين سيجارة بعيداً عن الناس وعن رؤية والده.

ومع اقتراب أذان المغرب تكتظّ شوارع المخيم بالناس منهم من يشتري التمر والجلاّب، ومنهم من يحمل بين يديه صحون ممتلئة بالطعام ليرسلها إلى إحدى العائلات الفقيرة، أو إلى جار يتبادل وإياه الطعام كما جرت العادة في المخيم. كلّ ذلك يمرّ ومكبرات الصوت في المساجد تتعالى بآيات من القرآن الكريم تنسجم مع خيوط الشمس وهي تنسدل نحو البحر ببطء قبيل الغروب.

وما إن ينطلق أذان المغرب ويحلّ موعد الإفطار حتى تفرغ الشوارع والأزقة تماماً من الناس، لتطغى أصوات الملاعق والصحون، وأصوات الأهالي «هات الماء؟ أين العصير؟ وين فلان تأخر؟» على الأجواء. تكاد الحارة أن تكون بيتاً واحداً إذ الجميع يسمع ما يتردّد في بيوت غيرهم نظراً لتلاصق البيوت ببعضها البعض.

أمّا بعد الإفطار فتعود الحركة تدبّ في حنايا المخيم وسمائه، حيث يهرع الأولاد لشراء «الفرقيع»، يلعبون به فتنتشر أصوات المفرقعات في كلّ مكان. كما ويهرع الأطفال إلى شراء الترمس والذرة والحلويات من الباعة الذين ينتشرون في هذه الأنحاء على وقع الأناشيد الرمضانية التي تعلو في الأجواء.

ثمّ يتوجّه المصلّون لأداء صلاة التراويح في المسجد، فيسابقهم الأطفال راكضين أمامهم للوقوف في الصفوف الأمامية وراء الإمام الذي يحبونه..

هي أجواء رمضان في المخيمات، حيث البساطة والعفويّة والروح الهانئة تتسم بها تلك المخيمات رغم المعاناة والحرمان الذي تعيشه منذ سنوات اللجوء الأولى.

المصدر: شبكة العودة الإخبارية