القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

رمضان في المخيمات عادات سادت وأخر بادت

رمضان في المخيمات عادات سادت وأخر بادت

بقلم: احمد الحاج

رمضان كريم يمرَ هذا العام حاملاً معه عادات تلاصقه لتصنع البهجة في قلوب الناس، وعادات اخرى ألصقها الناس به حتى ظنوها جزءآ من سننه أو إحدى طقوسه على الأقل. وكم من تراث رمضاني التهمته السنون حتى فرغ رمضان من مضامين كثيرة كانت تعطيه شكلاً ومضموناً مميزاً عن بقية أشهر السنة.

عادات بادت

كانت زينة رمضان وفوانيسه تنبئنا بجلال الشهر القادم، وعظم تقديره عند من ينتظرونه وتحضروا له بهذه البيارق والرسومات التي تزيت جدران وسماء وزواريب المخيمات، فرغم الفقر المدقع إلا أن اللاجئين الفلسطينيين كانوا يجمعون ما تيسّر لهم من مال زهيد ليتقربوا بها إلى المولى سبحانه بزينة تحيي هذا الشهر الكريم وتميزه عن بقية الشهور وتعيد البسمة لمحيا أطفالهم تنسيهم بعضاً من شقاوة وشظف الحياة. ولكن هذا الطقس من طقوس استقبال رمضان تغير وقل الاهتمام به، ولعله زال، وحلت مكامه الفوضى البيئية. فما السبب؟ التعليل المنطقي والمراقبة لما يجري في المخيمات في السنوات القليلة الماضية يقول بأن كل مشترَك بين الناس قد أخذ بالتناقص، ومنها الزينة، نتيجة لتراجع فكرة التطوع وانعدامه في بعض الحالات، وتضخم الأنا إلى درجة نكران النحن، أما لماذا وصلنا إلى هذه الدرجة من عدم الاكتراث بشؤون المجتمع فلبحثٍ آخر إن شاء الله.

المواساة وتبادل والأطعمة

تهادوا تحابوا، تلك الحكمة النبوية التي كان أهالي المخيمات فيما مضى يعملون بها في رمضان، فقبيل انطلاق المدفع ترى الناس يحملون الصحون ذاهبين الطعام، أما باقي أصناف المائدة فمن الأهل والجيرات إنه الحب والتاَخي حين يغطي أثار الفقر. وكما سماه رسول الله (صلى الله عليه وسلم) شهر المواساق وشهر يزداد رزق المؤمن فيه، من فطر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من أن ينقص من أجره شيء. قالوا: يا رسول الله، أليس كلنا يجد ما يفطر الصائم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطي الله عز وجل هذه الثواب من فطر صائماً على ثمرة أو شربة ماء أو مذقة لين. ولكن هذه العادة ايضاً اندثرت إلا في ما نذر ليحل محلها الترف الفاحش، فأحدهم يستدين ليملأ مائدته بجميع أصناف الطعام، غير آبه بفقراء حيّه الذين يُحرم عليه أن يؤذيهم برائحة طعامه، غير متواضع في مأكله فيؤذي نفسه في بدنه وماله. ففي أول أيام الشهر الكريم تكتظ عيادات الأطباء بالمرضى نتيجة التخمة وعسر الهضم وغيرها من أوجاع المعدة التي قال عنها رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه.

المسحراتي

تسحروا فإن في السحور بركة رواه البخاري ومسلم. كان الناس يعرفون وقت السحور بأذان بلال، ويعرفون المنع بأذان ابن أم مكتوم وظهرت وظيفة المسحراتي في الدولة الإسلامية في العصر العباسي، ويعتبر والي مصر عتبة بن إسحاق أول من طاف شوارع القاهرة ليلاً في رمضان لإيقاظ أهلها إلى تناول طعام السحور عام (238ه)، وفي العصر الفاطمي أمر الحاكم بأمر الله الفاطمي الناس أن يناموا مبكرين بعد صلاة التراويح وكان الجنود يمرون على المنازل ويدقون أبوابها ليوقظوا الشعب للسحور بعصا تحولت مع مرور الأيام لطبلة يدق عليها دقات منتظمة. وقبل سنين قليلة كان المسحراتي يجرب أزقة المخيم موقظاً أهله كلاً باسمه ومردداً لازِمته يا نايم وحد الدايم وهو في الغالب لا يتقاضى أجراً قادرة على التنويع في أدائها وأناشيدها ولعلّها كانت تلك المرحلة من المراحل فيما يخص السحور. اليوم غاب المسحراتي المجاني اليحلّ مكانه مسحراتي يتقاضى أجراً مالياً، وهو أغلب الأيام لا يقوم بعمله إلا أن الناس تعطيه بعض المال في العيد كصدقة. وتضاءلت أهمية المسحراتي بمنافسة الجوّال له، حيث قام بمهمته كاملة في إيقاظ الناس على الأصوات التي يختارونها، ولعل توسع المخيم عامودياّ كذلك حدّمن قدرة المسحراتي على إيصال صوته للطوابق العليا.

عادات سادت

العلّه من أسوأ العادات التي أصبحت تصاحبشهر رمضان هي عادة الإدمان على مشاهدة التلفاز وخاصة تللك المسلسلات الكثيرة والتي خصصت لمناسبة قدوم هذا الشهر فقبيل شهر رمضان وخلال الشهر الجميع يتسمر أمام الشاشة كأنه قضى ما فُرض عليه، ولا نوافل ولا سنن تنتظره، ولا أحام مقطوعه ترقب من يصلها في هذا الشهر الكريم. هذه المتابعات للشاشة الصغيرة جعلت شركات الإنتاح تتأهب كل رمضان لتعرض ما تنجه من مسلسلات أقل ما يقال عنها أنها هابطة فنياَ وتفتقر إلى تحمل اسم امرأة هي ستة عشر مسلسلاَ فقط وخلال هذا الشهد المبالغ التي تُصرف على الإعلانات كافية لتوفير حلول جذرية للعديد من المشاكل التي نحياها. وإذا أردنا أن نأخذ دول الخليج العربي كمثال على حجم المالغ المصادرة على قطاع الإعلان فوفقا للأرقام الصادرة من الشركة العربية للدراسات والبحوث (بارك)، والتي يتم نشرها عن الإنفاق الإعلاني في شهر رمضان وصل الصرف الإعلاني الخليجي خلال رمضان 2003 إلى 337مليون دولار، في رمضان 2004 إلى 412مليون دولار، هذه الإحصائيات في دول الخليج فقط ولنا أن نتصور الحجم الكلي للإعلانات في العالم العربي والأسلامي

تلوث البيئة

مخلفات الأطعمة في رمضان على كثرتها في المخيمات، لا يجرس تصريفها بشكل جيد فتوضع أمام البيت بعد الانتهاء من الإفطار لتعبث بها القطط وتحول زواريب وأزقة المخيمات غلى كومة من النفايات المؤذية برائحتها وأضرارها على البدن وعلى الذوق العام. وبدلاّ من ذلك يفضل، إذا لم نتمكن من عدم الإسراف، أن نربط الأكياس ربطاَ جيداَ ثم نضعها داخل البيت حتى صباح اليوم التالي حين يأتي موظف البلدية، أما الخيار الثني فهر أن تكون سلة الوبالة خارح البيت ومرتفهة لأكثر من متر مما يمنع القطط والفئران من لعبث.

النوم

في رمضان تقل نسبة السكر في الدم بسبب الصيام، مما يسبب أحياناَ النعاس، غير أن أكثر أسباب النوم هو السهر في الخيام الرمضانية أو متابعة المسلسلات. ولا بأس من أن نأخذ قسطاًمن الراحة لفترة زمنية قصيرة لا تتعدّى الساعه على أبعد تقدير. لأنه بعد ذلك سيكون الكسل والبلادة، وإفراغ رمضان من كثير من مقاصده في الصبر والتحمل والشعور من الفقراء وغيرها. فالذي ينام لفترات طويلة قد تمتد ساعات كيف يحقق هذه المقاصد؟ ومن أبن له الوقت الكافي ليؤدي العبادات والنوافل؟ فأين نحن من حديث رسول الله (ص): من تقرب فيه بخصلة من الخير كان أدى سبعين فريضة فيها سواه، وهو شهر الصبر، والصبر ثوابه الجنة، وهذا شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وأخره عنق من النار.

قلة الإتتاج

بالرغم من الإجهاد الذي يصيب الصائم إلا أننا كأمة تعتبر العمل عبادة، وكلا جئين أصبحت المعاماة جوءا من تراثنا وحياتنا يجب علينا أن نجاهد لنتغلب على الإجهاد. فإتقان العمل فرض، وإذا منت صائماً صوم سنة، وكان هناك تراجع جدي في الإنتاج وجب عليك من الناحية الشرعية أن تفطر، إلا إذا أجازك صاحب العمل، لأن الصيام هنا سنة أما إجادة العمل فهي فرض عملا بقةله (صلى الله عليه وسلم): إن الله كتب الإحسان في كل شىء. وفي رمضان على العامل أن يحاول جاهداً إجادة فيه غفرالله تعالى له وأعتقه من النار كما رسول الله (صلى الله عليه وسلم)

التوتر

ما توترني أنا صائم عبارة كثيرآ ما نسمعها في رمضان وكأن الصوم هو سبب التوار وليس صاحبه الذي أفرغه من روحانيته وجعله مجرَد جوع وتأخر في التهام الطعام. ويحاول البعض أن يرجع ذلك التوتر إلى أسباب بيولوجية لم يقع العلم في صحتها بعج، وحتى لو صحت تلك الأسباب، فأين إيمان المؤمن الذي يضبط انفعالاته وغرائزه ويرفع من تواضعه؟ ورسول الله (ص) يقول: وإذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفُث، ولا يصخب، فإن سابَّه أحدٌ أوقاتله فليقل : إني امروٌ صائم وفي رواية لمسلم: إني ضائم ،إني صائم. وهناك علدات سادت لا تقل خطورة عما ذُكر، وهي انتشار الخيم الرمضانية والنرجيلة وكذلك عدم تستر المعذور في إفطاره بل ومباهاته في العصية في بعض الأحيان ومن الفرائض والسنن التي جعلناها موسمية محصورة في رمضان، ويحب أن نكرسها لتصبح على مدار العام: الحجاب والصلاة خلال رمضان، ختم القرآن. ولا يفوتنا أن ننوّه بالمسابقات التي تجريها بعض المخيمات الفلسطينية كنهر البارد وعين الحلوة في محطاتها التفزيونية المحلية.