القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الأربعاء 27 تشرين الثاني 2024

زيارة حماس للسعودية تعيد تموضعها الإقليمي

زيارة حماس للسعودية تعيد تموضعها الإقليمي

بقلم: عدنان أبو عامر

بصورة مفاجئة مساء يوم 15 يوليو، وصل خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس إلى الرياض، في زيارة رسمية هي الأولى منذ 3 سنوات، استغرقت يومين، ويرافقه أعضاء المكتب السياسي: موسى أبو مرزوق، محمد نزال، صالح العاروري، حيث كانت آخر زيارة لحماس إلى الرياض في يونيو 2012.

حماس اكتفت بإصدار بيان موجز يوم 18 يوليو عن زيارة السعودية، كشفت خلالها أن وفدها أجرى سلسلة لقاءات رسمية مع الملك سلمان، وولي العهد الأمير محمد بن نايف، ووزير الدفاع محمد بن سلمان، ورئيس المخابرات السعودية.

أجندة المباحثات

المونيتور علم بتفاصيل مباحثات حماس مع السعودية من حوارات أجراها مع عدد ممن قاموا بالزيارة ومساعدين لهم تحفظوا على ذكر أسمائهم، قال أحدهم أن "مشعل ورفاقه بحثوا مع المسئولين السعوديين تطوير علاقة الجانبين التي شهدت الشهور الأخيرة تحسناً إيجابياً وتدريجياً، وأظهرت حماس رغبة جادة بإعادة دور السعودية من جديد على الساحة الفلسطينية، لتقريب وجهات النظر بين فتح وحماس، ووضعت حماس السعودية في صورة تطورات ملف التهدئة مع إسرائيل".

نتائج زيارة حماس للرياض جاءت فورية، تمثلت بالإفراج يوم 18 يوليو، عن عدد، لم يحدد بدقة، من معتقلي حماس في السجون السعودية المعتقلين منذ ديسمبر 2014، عقب قيامهم بجمع أموال لمؤسسات خيرية مقربة من حماس.

تعتقد حماس أن توقيت زيارتها للسعودية مهم للغاية، وفق ما علمه "المونيتور" من أوساط نافذة في حماس، ساهمت بإجراء الترتيبات السرية للزيارة منذ أشهر، والحركة ترقبت الفرصة المناسبة لتلقي الدعوة السعودية، التي جاءت في ظل التطورات المتلاحقة في المنطقة، سواء الاتفاق النووي الإيراني، أو تطور العلاقة الإيجابي بين حماس ومصر تدريجياً، وفق تأكيد إسماعيل هنية نائب رئيس المكتب السياسي لحماس في أبريل، مع بقاء انسداد الأفق فيما يتعلق بالمصالحة الفلسطينية الداخلية.

إسماعيل الأشقر، رئيس لجنة الداخلية والأمن في المجلس التشريعي، والقيادي في حماس، أكد "للمونيتور" أن "حماس متمسكة بالدور السعودي الريادي في المنطقة، وتنظر للسعودية كقوة عربية لا يمكن الاستغناء عنها، وزيارة مشعل للرياض ليست الأخيرة، وستكون عدة لقاءات الفترة المقبلة؛ لاستثمار الجهود السعودية لمساندة الفلسطينيين، ورفع حصار غزة، ورعاية السعودية للمصالحة بين فتح وحماس، بمساندة مصر".

السلطة الفلسطينية راقبت زيارة حماس للسعودية، وعبر نبيل شعث، عضو اللجنة المركزية لفتح، يوم 20 يوليو، عن أمله أن تدفع الزيارة حماس بعدم تنفيذ مشروعها المستقل في غزة بالانفصال عن الضفة.

"المونيتور" أجرى اتصالات مع مسئول فلسطيني في مقر الرئاسة الفلسطينية برام الله، أخفى اسمه، للتعرف على الانطباعات السائدة هناك عقب زيارة حماس للسعودية، فتبين له أن القلق سيد الموقف، خشية نجاح حماس بما اعتبره مناورة دبلوماسية مع السعودية، يحققان من خلالها مصالحهما المتبادلة، وتكون السلطة الفلسطينية أكبر الخاسرين من هذه الصفقة التي لم تتضح معالمها بعد.

وزير فلسطيني رفض كشف هويته تحدث "للمونيتور" أن هناك "ترتيبات أولية لزيارة مرتقبة للرئيس محمود عباس للسعودية أوائل أغسطس القادم، لبحث نتائج زيارة حماس إليها، رغم قناعة القيادة الفلسطينية بأن الدور السعودي مساند لكل الفلسطينيين، دون تحيز لفصيل على حساب آخر".

علاقات متوازنة

إعلام إيران شن حملة قاسية ضد حماس عقب زيارتها للسعودية، وزعمت وكالة فارس الإيرانية يوم 19 يوليو، أن السعودية طلبت من حماس خلال زيارتها المشاركة بـ700 من مقاتليها لمحاربة الحوثيين في اليمن، مما دفع سامي أبو زهري الناطق باسم حماس يوم 19 يوليو لتكذيب هذه المزاعم، لأنها تهدف للتشويش على زيارة وفد حماس الناجحة للسعودية، والتحريض على الحركة.

مباحثات حماس في السعودية تطرقت لموقفها من إيران، في ضوء الاستقطاب الحاد بين طهران والرياض، وربما تكون القيادة السعودية متشوقة لسماع أنباء قطيعة رسمية بين حماس والإيرانيين، في محاولة منها لتحشيد أكبر قطاع ممكن من الحلفاء لمواجهة التمدد الإيراني، لكنها لم تحصل عليه بعد خلال زيارة حماس، ولا يمكن اعتبار حماس رسمياً جزءً من الحلف الذي تقوم السعودية بتأسيسه كما يبدو لمواجهة النفوذ الإيراني في المنطقة.

ولذلك كان خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس، الذي ترأس زيارة الحركة للسعودية، أكثر وضوحاً حين أعلن يوم 23 يوليو أن زيارته للسعودية خطوة على الطريق في الاتجاه الصحيح، والحركة لا تستغني عن أحد، وهي في نفس الوقت لا تخوض لعبة المحاور في المنطقة.

مسئول رفيع المستوى في حماس أبلغ "المونيتور"، طالباً إخفاء اسمه، قائلاً: "موقف حماس في السعودية كان واضحاً أن الحركة مع أي طرف يقدم الدعم لها في مواجهة إسرائيل، لأنها حركة تحرر وطني فلسطيني، ومعنية بإيجاد داعمين لها دون اشتراطات سياسية مسبقة، وحماس أوصلت رسالة واضحة للسعودية بأن سياستها ثابتة في علاقاتها الإقليمية والدولية، فحماس لا تقيم علاقة مع السعودية على حساب إيران، ولا تتقارب مع إيران ضد السعودية، وقد تشهد الفترة القادمة تحركات سياسية من حماس لتأكيد هذه السياسة، لم يفصح عن طبيعتها".

هذا الموقف أكده خليل الحية، عضو المكتب السياسي لحماس يوم 21 يوليو، حين طالب الدول العربية والإسلامية بدعم المقاومة في غزة بلا ثمن سياسي، لأن حماس تحافظ على علاقاتها المتوازنة مع جميع الدول.

زياد الظاظا عضو المكتب السياسي لحماس، قال "للمونيتور" أن "زيارة حماس للسعودية، عملت على إعادة العلاقة بينهما لسابق عهدها قوية وإيجابية جدا، ومن أهم نتائجها فتح آفاق العلاقة بين حماس والسعودية وترميمها للأفضل، بما يعزز زيادة الدعم السعودي للقضية الفلسطينية، ولذلك فإن علاقة حماس مع الرياض ستزداد قوة يوما بعد يوم".

أخيراً... بغض النظر عما تم بحثه خلال زيارة حماس للسعودية، ورغم الصمت الإعلامي على نتائج الزيارة، لكن حماس تشعر بأنها حققت إنجازاً دبلوماسياً كبيراً، لأنها تنظر للسعودية على أنها رئيسة الدبلوماسية العربية، وتقود العمل العربي المشترك، وبالتالي فإن تقاربها من الرياض يعني ضمان تأييد معظم دول الخليج العربي للحركة، وثقة بقدرة السعودية على تخفيف حدة التوتر بين حماس وبعض الدول الأخرى كالأردن ومصر.

مع العلم أن صالح العاروري، عضو المكتب السياسي لحماس، الذي شارك في زيارة السعودية، أعلن يوم 27 يوليو أن الحركة ستقوم بزيارة أخرى قريبة للرياض، لم يحدد موعدها، لاستكمال الملفات التي بحثتها مع المسئولين السعوديين في الزيارة الأخيرة.

في الوقت ذاته، تبدو حماس حريصة على عدم استثارة غضب إيران من زيارتها للسعودية، بعدم ردها على الحملة الإعلامية الإيرانية ضدها، والاكتفاء بتعقيبات هادئة، للحفاظ على علاقاتها مع خصوم المنطقة في طهران والرياض، وهي مهمة تكتنفها الكثير من الصعاب التي تنتظر حماس.

المصدر: المونيتور