القائمة

مواقع التواصل الأجتماعي
الإثنين 25 تشرين الثاني 2024

سايكس بيكو.. خارطة فلسطين بإخراج قطري!!

سايكس بيكو.. خارطة فلسطين بإخراج قطري!!

بقلم: فارس عبد الله

ما حدث في افتتاح دورة الألعاب العربية في العاصمة القطرية الدوحة، من خيانة للشعب الفلسطيني وقضيته العادلة، عبر قضم خريطة فلسطين التاريخية، يشكل عدوانا فاضحا وتزويرا وقحا، وتنكرا مشينا من قبل دولة عربية، للتضحيات الجسام من الشهداء والجرحى والأسرى التي قدمها الشعب الفلسطيني، عبر أكثر من ستين عاماً، في مواجهة العدوان والاحتلال الصهيوني، المدعوم من قبل قوى الاستكبار العالمي.

ولقد شكل الشعب الفلسطيني بمقاومته جدار الدفاع الأول، للعدوان الخارجي على الأمة جمعاء، دون أن يرى شعبنا البطل عبر تلك السنين سنداً ومعيناً حقيقياً، من قبل المنظومة الرسمية للدول العربية، بل كل ما وجدناه هو مساهمة الأنظمة الرسمية في مزيد من تضييع وتمييع القضية الفلسطينية، منذ أن تم اغتصاب فلسطين على مرأى ومسمع من الجميع، دون أي تحرك أو دفاع حقيقي عن فلسطين التي تمثل عقيدة الأمة، وهي مسرى ومعراج رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم، في مواجهة آلة التهويد الصهيونية، بل شاهدنا الضغط الكبير الذي مورس على منظمة التحرير الفلسطينية، بعد حرب الخليج وإجبارها على تبني الخط التفاوضي مع العدو والاعتراف به، وكانت تلك الخطوة بمثابة فيزا العبور برسم أمريكي لزعامات المنظمة والسلطة فيما بعد للدول العربية…

إن العدوان الفاضح على فلسطين أرضا وشعباً من قبل دولة عربية، تجعجع كثيرة بدعمها للحق الفلسطيني، يفضح زيف الإدعاءات بمساندة قطر وحكومتها للقضية الفلسطينية، ويكشف عن الدور الخبيث التي يقوده نظام قطر، نيابة عن الأمريكي في المنطقة والتي صورها الإعلام المدفوع حامية للحقوق والحريات، وها هي تسقط أمام أول اختبار بتضييعها لفلسطين وقضم أراضيها، تماما كما تفعل الجرافات الصهيونية، ويتم ذلك في حدث رياضي عربي خالص!! فأين "الجامعة العربية" من هذا التجاوز الخطير على حدود دولة عربية؟! أم أن "جامعة النظام العربي الرسمي" أصبحت أداة في اليد الأمريكية- القطرية؟!! وكأن الحدث الرياضي بتلك الفعلة الشنيعة، يشكل البداية الاحتفالية بالاعتراف بالكيان الصهيوني، وقد يضم الحدث الرياضي القادم من بين المشاركين فيه "إسرائيل" كدولة اكتسبت العروبة بالجوار!!.

المتابع لدور النظام القطري يرى أن "قطر"، تلك الدولة الصغيرة، والتي لا يتعدى عدد سكانها عدد سكان أحد الأحياء في القاهرة أو دمشق، يرى العجب العجاب في المجاهرة بالتواطؤ مع المخططات الأجنبية والتي تستهدف الأمة، عبر تنفيذ خطط وزارة الخارجية الأمريكية في الفوضى الخلاقة بطعم الربيع العربي، حيث العاطفة الجياشة للتغيير في البلدان العربية هي المسيطرة الآن على الشباب العربي، وحتى لا تنحرف الأمور عن الرؤية الأمريكية للمنطقة، حاولت أمريكا وأدواتها عدم تحول هذا الربيع العربي إلى جحيم للكيان الصهيوني وأمريكا، مما يشكل خطرا واضحا على مصالحها ومطامعها في المنطقة العربية، فتدخلت عبر حلفائها بقوة، لتوجيه بوصلة الربيع العربي نحو تدمير بعض الكيانات السياسية المعادية للمشروع الأمريكي، كما يحدث الآن في سوريا، حيث تقود الناس نحو حرب أهلية بين الطوائف المختلفة، التي يتكون منها الشعب السوري، والذي عاش على مدار عقود حياة الحب والأخوة والجوار الحسن، فتعمل الآلة الإعلامية بالتحريض، ويفتح الفضاء أمام محطات الفتنة والتفريق، حتى تصل المنطقة إلى نقطة الانفجار الطائفي الذي لا يبقي ولا يذر، مما يسهل السيطرة الصهيو-أمريكية على المنطقة وثرواتها.

في المقابل فإن العمل جار في الإتجاه الآخر، عبر تحصين الدول الموالية للمشروع الأمريكي في مواجهة التحركات الشعبية، ولعل هذا التوجه أصبح ذي أهمية للإدارة الأمريكية وحلفائها، بعد سقوط نظام مبارك والتخوفات من صعود التيار الإسلامي للحكم بما يشكله من تهديد للمشروع الصهيوني.

ومن أجل القيام بهذا الدور أتاحت الإدارة الأمريكية للنظام القطري، حرية التحرك في مجالات قد تكون خطوطا حمراء لهذا الأمريكي والصهيوني، فلا غرابة أن يلتقي النظام القطري بقيادة حماس، وأن يستقبلهم كما يستقبل الرؤساء إذا كان الأمر في محصلته النهائية يصب في صالح المشروع الأمريكي للمنطقة؟

وهل أصبحت حماس مقبولة لدى النظام الأردني؟! ذلك النظام الذي يعتبر الحركات الإسلامية المجاهدة خطرا إستراتيجيا!! ولعل الدور المفضوح للمخابرات الأردنية، عبر مشاركاتها المعلومة في حرب المجاهدين في أفغانستان، وحصارها للمقاومة الفلسطينية ومحاربة تهريب السلاح للضفة، يحتم علينا طرح السؤال عن الدور المطلوب من قيادة حماس القيام به في مقابل هذا الانفتاح الأردني الإعلامي- حتى الآن لم نر خطوات عملية- بوساطة قطرية وبمباركة أمريكية!!.

الحديث عن قضية اللاجئين الفلسطينيين يزداد هذه الأيام، وتطرح قضية نزوح اللاجئين من المخيمات في سوريا نحو الأردن- أحد المصادر يؤكد أن محور زيارة الملك عبد الله لرئيس السلطة محمود عباس نوفمبر الماضي كان حول هذا الخيار- وعن الخيارات المطروح لمواجهة هكذا سيناريو، ودور السلطة وحماس في حل هذه الأزمة المتوقعة بعد توافق الطرفين على مصالحة عنوانها وقف المقاومة المسلحة، واعتماد خيار المقاومة الشعبية والتي يقتل فيها الشباب الفلسطيني- كما حدث في قرية النبي صالح دون أن ترفع حجرا تدافع عن نفسك به- أضف إلى ذلك هدنة طويلة الأمد كشف عنها عزام الأحمد في أحد تصريحاته سوف تتم في غزة والضفة، مع ترك المجال لخيار المفاوضات الذي لا زالت تتمسك به السلطة ورئيسها، ولا ننسى فرصة خالد مشعل لخيار التسوية والتفاوض والتي أطلقها في حفل توقيع اتفاقية المصالحة بالقاهرة بتاريخ 4- 5- 2011م.

يبدو أن تقسيم المنطقة العربي من جديد، وفقاً للمصالح الصهيو- أمريكية قد بدأت أول فصوله، ولعل دلالة خارطة فلسطين الجديدة وبإنتاج قطري، تكشف عن سايكس بيكو تحت غطاء الربيع العربي، إن لم نستفق من هذه النشوة التي نعيشها بعد سقوط أكبر قلاع العمالة بسقوط مبارك.

ولا نغفل حقيقة المشهد المصري، فلا زال النظام في عهد مبارك يمسك بزمام الأمور، وما الأزمات التي تعيشها مصر يوما بعد يوم، منذ خلع مبارك إلا محاولة من المجلس العسكري لفرض الرؤية الأمريكية لطبيعة النظام ما بعد الثورة، وأحداث التحرير بعد وثيقة السلمي ما هي الإ دليل جديد على الأيادي الأمريكية الآثمة، ومدى تأثيرها في رسم المراحل للمجلس العسكري المصري، حتى لا يكتمل السقوط للنظام الذي لا زال يدور في الفلك الأمريكي.

ما هو الحل لمواجهة المخطط الذي يستهدف تقسيم فلسطين، واعتبارها تتكون من أراضي قطاع غزة والضفة الغربية مع اختراع خارطة جديدة لفلسطين تعرض في المناسبات الإقليمية والعالمية؟ وما هو دور السلطة الفلسطينية والذي كان يشارك رئيسها في احتفالية قطر؟! وما هو موقف حماس من هذه الجريمة؟! ولماذا لم يغادر الوفد الرياضي الفلسطيني احتجاجاً على جريمة قضم فلسطين؟! فالوطن أكبر من كل الميداليات ومهرجان التكريم.

لعل من يقول إن الرئيس عباس بالأصل لا يعارض فلقد اعترف بـ"إسرائيل" كدولة للصهاينة منذ توقيعه اتفاقية أوسلو ولا زال يردد هذا الاعتراف في كل مناسبة!! فلا تنتظروا من السلطة موقفاً رسمياً، فهل نغفل أن المواد الدراسية لطلابنا تتحدث عن حدود فلسطين من رفح إلى جنين بدلاً من رفح إلى الناقورة؟!.

يقع العبء الكبير، بل قل الثقيل، على حركة حماس، وهي تحتفل بالذكرى الـ24 لانطلاقتها، فهل تقبل بفلسطين على المقاس القطري؟! وما هو موقف جماهيرها التي سوف تحتشد في ساحة الكتيبة يوم 14- 12 وهي تقرأ الأبجديات الأولى لحماس، أن فلسطين من البحر إلى النهر، وأن كل شبر وكل ذرة تراب من فلسطين ملك للمسلمين، لا يمكن التفريط فيها تحت أي ظرف ومن قبل أي شخص أو هيئة، فما بال الصمت يخيم على إعلام حماس، أمام هذه الفعلة الشنيعة من قبل النظام القطري؟! ولماذا لا نرى المسيرات والمظاهرات تعم شوارع غزة، كما كانت تسيرها حماس احتجاجا على أي حدث داخلي في الضفة المستباحة.

ما يحمي فلسطين هو المقاومة والتمسك بها كخيار إستراتيجي قولاً وعملاً، ومحاربة كل أشكال الاستيطان والتهويد بكل الوسائل والقوة الجماهيرية والقوة العسكرية، وترك ساحات التفاوض والتسوية التي أضاعت الحقوق وعرضتها للمساومة، فالخنادق لا تساوم وتبقى تحمي الحدود، وتسعى لاستعادة الأرض، وحلم المقاتل فيها تكبيرة على جبال القدس المحررة بإذن الله؛ والفنادق بريقها خداع، طعامها مساومة، ومذاقها مر علقم، يهرب ممن زارها الأنصار، ويقتل فيها خيار المستضعفين الأحرار، فالعودة واجبه لخيار الجهاد والمقاومة وحفظ الحق في فلسطين كاملة، والأمة قادمة لن تتأخر مهما طال الانتظار، تحمل مشروعها الخالص وهي في ساعات المخاض، تسعى نحو تحرير فلسطين، فلا رهان إلا على الله عز وجل، ومن بعده شباب الأمة كافة من جاكرتا إلى الدار البيضاء.

كل المشاريع التي تستهدف فلسطين سوف تسقط، وتغور في طيات الزمن، فالصبح لنا بكامل بهائه، والزمن القادم للإسلام، بشرى من عهد النبوة، فلا تركنوا للأعداء فتمسكم نار الجماهير، فتحرق الأوراق وتتبدد الأوهام، وتبقى ورقة فلسطين لن تحرقها نيران الطغاة، ويبقى الحق الفلسطيني تحميه نفوس الشباب المؤمن، فلن تضييع فلسطين، وفيها صوت الله أكبر يعلو.. لا لن تضيع فلسطين وهي المرسومة كعروس بين ضلوع الرضيع، تماما كما هو تجذرها في ذاكرة العجوز، وما ضاع حق وراءه مطالب.

المصدر: العرب أونلاين