سحب نفسية رمادية
بقلم: يوسف رزقة
مصير حكومة رامي الحمد الله
يتحدد يوم الإثنين القادم بحسب تصريح رئيس الحكومة نفسه. هذا التصريح جاء بعد حالة
الارتباك التي فضحت نفسها في وسائل الإعلام، بين من صرح بالاستقالة أمس، وبين من نفاها،
لماذا كان الارتباك ؟! ومن يقف خلفه؟! لست أدري، ولكنه ارتباك كبير غير مسبوق، وهو
صورة من القمة العليا لنظام سلطة فردي يلفه العجز والارتباك في التعامل مع القضايا
الوطنية.
في تصريح لافت لمحمد اشتية
شريك عريقات في ملف المفاوضات الأخيرة مع الجانب الإسرائيلي، قال: ( الرئيس عباس يريدها
حكومة ذات مهام سياسية؟!، وليست حكومة خدمات). فهل نفهم من تصريح اشتية أن مبرر الاستقالة
وإنشاء حكومة بديلة هو مبرر سياسي، قادم من جهة العودة للمفاوضات، أو من جهة باريس
والمشروع الفرنسي المزمع تقديمه لمجلس الأمن؟!
في اتفاقات القاهرة اتفقت
الأطراف الفلسطينية على إنشاء حكومة توافق ذات مهام محددة، وبلا برنامج سياسي لعجز
المكونات الفلسطينية عن الاتفاق على برنامج سياسي موحد. لقد اتفقت الفصائل الفلسطينية
على أن واجبات حكومة المصالحة هي الإعداد لانتخابات فلسطينية، ويفهم من هذا الواجب
أن الحكومة المنتخبة هي صاحبة الحق في الحديث في السياسة بالتعاون مع منظمة التحرير
بعد إصلاحها وإعادة تكوينها ديمقراطياً وتوافقياً عند اللزوم.
حكومة رامي الحمد الله لم
تنجز شيئاً في ملف الانتخابات، ومنظمة التحرير بقيت كما هي عاجزة و(مفرزنة)، وإجراءات
السلطة وعباس السياسية تراوح مكانها، وحكومة نتنياهو تتقدم في تطبيع علاقاتها مع العرب،
ومع الدول الغربية المنتقدة لها، ولا عرض سياسي أمام عباس، والعرض الفرنسي عنده) إمساك)،
أو هو غير ذي مغزى بلغة السياسة. فهل يمكن لعباس حلّ هذه المشاكل من خلال تشكيل حكومة
جديدة ذات مهام سياسية كما يصرح اشتية؟!
جلّ حكومات السلطة المتعاقبة
لم تكن حكومات سياسية، أو ذات مهام سياسية، لا في عهد عباس ولا في عهد الراحل ياسر
عرفات. الملفات السياسية يحتكرها عادة رئيس السلطة، رئيس المنظمة، رئيس فتح، ومن قاد
مفاوضات التسوية لسنوات طويلة هو صائب عريقات من خارج الحكومة وبتكليف من عباس ومن
اللجنة التنفيذية للمنظمة، وهو لا يرجع في عمله إلى الحكومة البتة.
ثمة سحب نفسية رمادية اللون
تحوم فوق المقاطعة وفي غرفها في رام الله، وأجواء تحيط بعباس نفسه، وبالملف السياسي
ذاته، وجدت لها صدى في عزم حكومة الحمد الله على الاستقالة، وهي أجواء يكتنفها الغموض،
ولكنه غموض ينقشع حتما خلال وقت قصير، وقد أشرت في مقال سابق إلى أن عباس يعيش أسوأ
سنوات حكمه رئيساً للسلطة، وممثلا منفردا لفلسطين عربياً وإقليمياً ودولياً، وهو يعاني
شخصياً من إهمال، ومن أمور عديدة أخرى منها أن الآخرين يدرسون ما بعده علنا بدونه،
ويحددون ماهية البديل بعيدا عنه؟!
المصدر: فلسطين أون لاين