سقوط «الإخوان» يعيد الحرارة بين «إسلاميي» لبنان
بقلم: قاسم قصير
التطورات المصرية المتسارعة والتي أدت إلى إخراج «الإخوان
المسلمين» من الحكم تركت انعكاساتها على العلاقات بين القوى والحركات الإسلامية اللبنانية
والفلسطينية، وقد بدأت بعض هذه الحركات بإجراء اتصالات ومشاورات قيادية لإعادة التواصل
فيما بينها، والعمل للتخفيف من أجواء التوتر الناتجة عن الأزمة السورية، ومشاركة «حزب
الله» فيها والتي انعكست على العلاقات السنية ـ الشيعية في لبنان. وتتولى حركة «حماس»
في لبنان متابعة الجهود التي بدأتها خلال أحداث صيدا وعبرا لإعادة التواصل بين القوى
الإسلامية، وتخفيف أجواء الاحتقان. وفي هذا الإطار نقل المسؤولون في الحركة رسالة شفوية
من قيادة تنظيم إسلامي وسطي إلى قيادة «حزب الله»، تؤكد معارضة التنظيم لأية محاولة
لإثارة الفتنة المذهبية في لبنان ورفض الانخراط في أي صراع ضد الحزب، وقد لقيت الرسالة
أصداء ايجابية لدى قيادة الحزب، بعد أن تعرض الحزب في الأسابيع الماضية، لحملة سياسية
وإعلامية كبيرة من مسؤولي عدد من الحركات الإسلامية، على خلفية الوضع في سوريا، وكذلك
أحداث صيدا وعبرا.
وبموازاة ذلك، عمد المسؤولون في حزب إسلامي متشدد إلى إعادة
النظر في أداء كوادره وعناصره في لبنان، بعد أن قاموا في الأسابيع الماضية بسلسلة تحركات
شعبية وإعلامية ذات بعد مذهبي، وهي لا تنسجم أبدا مع سياسة الحزب ومواقفه التاريخية
الرافضة لأي صراع مذهبي. وتوقعت مصادر مطلعة على أجواء الحزب أن يصدر بيان من قيادة
الحزب في الأيام القليلة المقبلة يوضح مواقفه مما يجري في لبنان والمنطقة.
كما تعمل شخصيات إسلامية فاعلة لإعادة التواصل بين قيادات
الأحزاب والحركات الإسلامية، من اجل تقييم الأوضاع ودراسة أسباب الخلافات، والعمل لإعادة
تنظيم العلاقات بين هذه الحركات في إطار منع الفتنة المذهبية، رغم استمرار الخلافات
بشأن الأزمة السورية وتداعياتها اللبنانية.
أما على الصعيد المصري فإن القوى والحركات الإسلامية اللبنانية
تتوافق في ما بينها بأن ما جرى في مصر هو انقلاب عسكري على «الإخوان المسلمين»، وأن
ما يجري يستهدف كل الحركات والتجارب الإسلامية تحت عنوان «الإسلام السياسي»، مع وجود
بعض التباين بين هذه الحركات حول المسؤولية التي يتحملها «الإخوان المسلمون» في مصر
عما جرى من أحداث، والتي أدت لزيادة الاعتراض الشعبي على حكمهم، مما ساعد الجيش المصري
على الانقلاب عليهم تحت عنوان «حماية الأمن المصري من التدهور».
وقد دعت بعض القيادات الإسلامية لعقد لقاء تقييمي للبحث في
التطورات المصرية، وأسباب ما حصل والنتائج المترتبة عليه، لكن المسؤولين في حماس والجماعة
الإسلامية يفضلون تأجيل ذلك بانتظار بلورة الأوضاع في مصر، ومعرفة المنحى الذي ستؤول
إليه الأحداث في الأيام المقبلة، وإن كانت كل القوى الإسلامية تؤكد انه لا يمكن إلغاء
دور «الإخوان المسلمين» في مصر، لأنهم قوة شعبية حقيقية وهي حاضرة في المشهد السياسي،
وسيظل دورهم فاعلا في المرحلة المقبلة.
أما على صعيد العلاقة بين «حزب الله» وحركة «حماس»، فتؤكد
المصادر القيادية في التنظيمين بأن العلاقة بينهما قوية ومستمرة، وأنه لا صحة لكل الأخبار
التي تحدثت عنها بعض الأوساط الإعلامية عن مغادرة قيادات حماس للضاحية الجنوبية بعد
انفجار بئر العبد، وقد استنكر الطرفان محاولات البعض زج الفلسطينيين في هذه الأحداث.
وتشير المصادر إلى أن اللقاءات الثنائية بين الطرفين مستمرة،
وانه تم عقد أكثر من لقاء واجتماع بينهما في الأيام القليلة الماضية، وتقوم حركة «حماس»
بجهود مستمرة لتعزيز التواصل بين كل القوى والأطراف الإسلامية و«حزب الله».
وتتوقع مصادر إسلامية مطلعة أن تشهد العلاقات بين القوى والحركات
الإسلامية اللبنانية والفلسطينية، المزيد من الخطوات الايجابية في الأيام المقبلة،
لأن الجميع بدأ يشعر أن هناك جهودا دولية وإقليمية وعربية تهدف لتحجيم دور الحركات
الإسلامية في المنطقة، واستغلال الخلافات السياسية لنشر الفتنة المذهبية، وأن الجميع
سيكون خاسرا إذا استمرت أجواء القطيعة وعدم التواصل بين القوى الإسلامية.
المصدر: السفير